الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(أو) ادعى الرد أو التلف (بعده) أي: بعد جحوده (بها) أي: بالبينة؛ لأن قوله لا ينافي ما شهدت به البينة ولا يكذبها، (وإن) مات المودع و (ادعى وارثه الرد منه) أي: من وارث المودع لربها (أو من مورثه) وهو المودع (لم يقبل إلا ببينة) ؛ لأن صاحبها لم يأتمنه عليها بخلاف المودع، (وإن طلب أحد المودعين نصيبه من مكيل أو موزون ينقسم) بلا ضرر (أخذه) أي: أخذ نصيبه فيسلم إليه؛ لأن قسمته ممكنة بغير ضرر ولا غبن، (وللمستودع والمضارب والمرتهن والمستأجر) إذا غصبت العين منهم (مطالبة غاصب العين) ؛ لأنهم مأمورون بحفظها، وذلك منه، وإن صادره سلطان أو أخذها منه قهرا لم يضمن، قاله أبو الخطاب.
[باب إحياء الموات]
بفتح الميم والواو (وهي) مشتقة من الموت، وهو عدم الحياة، واصطلاحا:(الأرض المنفكة عن الاختصاصات وملك معصوم) ، بخلاف الطرق والأقنية ومسيل المياه والمحتطبات ونحوها، وما جرى عليه ملك معصوم بشراء أو عطية أو غيرهما، فلا يملك شيئا من ذلك بالإحياء، (فمن أحياها) أي: الأرض الموات (ملكها) لحديث جابر يرفعه: «من أحيا أرضا ميتة فهي له» رواه أحمد والترمذي وصححه، وعن عائشة مثله، رواه مالك وأبو داود،
وقال ابن عبد البر: هو سند صحيح متلقى بالقبول عند فقهاء المدينة وغيرهم (من مسلم وكافر) ذمي مكلف وغيره؛ لعموم ما تقدم، لكن على الذمي خراج ما أحيى من موات عنوة (بإذن الإمام) في الإحياء (وعدمه) ؛ لعموم الحديث؛ ولأنها عين مباحة فلا يفتقر ملكها إلى إذن (في دار الإسلام وغيرها) ، فجميع البلاد سواء في ذلك، (والعنوة) كأرض مصر والشام والعراق (كغيرها) مما أسلم أهله عليه أو صولحوا عليه، إلا ما أحياه مسلم من أرض كفار صولحوا على أنها لهم ولنا الخراج.
(ويملك بالإحياء ما قرب من عامر إن لم يتعلق بمصلحته) ؛ لعموم ما تقدم وانتفاء المانع، فإن تعلق بمصالحه كمقبرة وملقى كناسته ونحوهما لم يملك، وكذا موات الحرم وعرفات لا يملك بإحياء، وإذا وقع في الطريق وقت الإحياء نزاع فلها سبعة أذرع، ولا تغير بعد وضعها، ولا يملك معدن ظاهر كملح وكحل وجص بإحياء، وليس للإمام إقطاعه وما نصب عنه الماء من الجزائر لم يحي بالبناء؛ لأنه يرد الماء إلى الجانب الأخر فيضر بأهله وينتفع به بنحو زرع،
(ومن أحاط مواتا) بأن أدار حوله حائطا منيعا بما جرت العادة به فقد أحياه، سواء أرادها للبناء أو غيره؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:«من أحاط حائطا على أرض فهي له» رواه أحمد وأبو داود عن جابر، (أو حفر بئرا فوصل إلى الماء) فقد أحياه، (أو أجراه) أي: الماء (إليه) أي: إلى الموات (من عين ونحوها أو حبسه) أي: الماء (عنه) أي: عن الموات إذا كان لا يزرع معه (لزرع فقط أحياه) ؛ لأن نفع الأرض بذلك أكثر من الحائط، ولا إحياء بحرث وزرع.
(ويملك) المحيي (حريم البئر العادية) بتشديد الياء أي: القديمة، منسوبة إلى عاد ولم يرده عادا بعينها (خمسين ذراعا من كل جانب) إذا كانت انطمت وذهب ماؤها، فجدد حفرها وعمارتها أو انقطع ماؤها فاستخرجه، (وحريم البدية) المحدثة (نصفها) خمسة وعشرون ذراعا؛ لما روى أبو عبيد في " الإموال " عن سعيد بن المسيب قال:" السنة في حريم القليب العادي خمسون ذراعا، والبدي خمسة وعشرون ذراعا " وروى الخلال والدارقطني نحوه مرفوعا. وحريم شجرة: قدر مد أغصانها وحريم دار من موات حولها مطرح تراب وكناسة وثلج وماء ميزاب، ولا حريم لدار محفوفة بملك، ويتصرف في كل منهم بحسب العادة، ومن تحجر مواتا بأن أدار حوله أحجارا ونحوها، لم يملكه وهو أحق به ووارثه من بعده، وليس له بيعه، (وللإمام إقطاع موات لمن يحييه) ؛ لأنه صلى الله عليه وسلم أقطع بلال بن الحارث العقيق، (ولا يملكه) بالإقطاع، بل هو أحق من غيره، فإذا أحياه ملكه.
وللإمام أيضا إقطاع غير موات تمليكا وانتفاعا للمصلحة،
(وله إقطاع الجلوس) للبيع والشراء (في الطريق الواسعة) ورحبة مسجد غير محوطة (ما لم يضر بالناس) ؛ لأنه ليس للإمام أن يأذن فيما لا مصلحة فيه فضلا عما فيه مضرة. (ويكون) المقطع له (أحق بجلوسها) ولا يزول حقه بنقل متاعه منها؛ لأنه قد استحق بإقطاع الإمام، وله التظليل على نفسه بما ليس ببناء بلا ضرر، ويسمى هذا إقطاع إرفاق، (ومن غير إقطاع) للطرق الواسعة والرحبة غير المحوطة الحق (لمن سبق بالجلوس ما بقي قماشه فيها وإن طال) جزم به في " الوجيز "؛ لأنه سبق إلى ما لم يسبق إليه مسلم، فلم يمنع، فإذا نقل متاعه كان لغيره الجلوس، وفي " المنتهى " وغيره: فإن أطاله أزيل؛ لأنه يصير كالمالك، (وإن سبق اثنان) فأكثر إليها وضاقت (اقتراعا) ؛ لأنهما استويا في السبق والقرعة، مميزة ومن سبق إلى مباح من صيد أو حطب أو معدن ونحوه فهو أحق به، وإن سبق إليه اثنان قسم بينهما. (ولمن في أعلى الماء المباح) كماء مطر (السقي وحبس الماء إلى أن يصل إلى كعبه ثم يرسله إلى من يليه) فيفعل كذلك وهلم جرا، فإن لم يفضل عن الأول أو من بعده شيء فلا شيء للآخر؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:«اسق يا زبير ثم احبس الماء حتى يرجع إلى الجدر» متفق عليه، وذكر عبد الرزاق عن
معمر عن الزهري قال: نظرنا إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم: «ثم احبس الماء حتى يرجع إلى الجدر» فكان ذلك إلى الكعبين، فإن كان الماء مملوكا قسم بين الملاك بقدر النفقة والعمل، وتصرف كل واحد في حصته بما شاء.
(وللإمام دون غيره حمى مرعى) أي: أن يمنع الناس من مرعى (لدواب المسلمين) التي يقوم بحفظها كخيل الجهاد والصدقة (ما لم يضرهم) بالتضييق عليهم؛ لما روى عمر «أن النبي صلى الله عليه وسلم حمى النقيع لخيل المسلمين» ، رواه أبو عبيد، وما حماه النبي صلى الله عليه وسلم ليس