الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(ومن جحد وجوبها كفر) إذا كان ممن لا يجهله وإن فعلها؛ لأنه مكذب لله ورسوله وإجماع الأمة، وإن ادعى الجهل كحديث الإسلام، عرف وجوبها ولم يحكم بكفره؛ لأنه معذور، فإن أصر كفر (وكذا تاركها تهاونا) أو كسلا لا جحودا (ودعاه إمام أو نائبه) لفعلها (فأصر وضاق وقت الثانية عنها) أي عن الثانية لحديث «أول ما تفقدون من دينكم الأمانة وآخر ما تفقدون الصلاة» . قال أحمد: كل شيء ذهب آخره لم يبق منه شيء، فإن لم يدع لفعلها لم يحكم بكفره لاحتمال أنه تركها لعذر يعتقد سقوطها لمثله. (ولا يقتل حتى يستتاب ثلاثا فيهما) أي فيما إذا جحد وجوبها وفيما إذا تركها تهاونا فإن تابا وإلا ضربت عنقهما. والجمعة كغيرها، وكذا ترك ركن أو شرط، وينبغي الإشاعة عن تاركها بتركها حتى يصلي، ولا ينبغي السلام عليه ولا إجابة دعوته، قاله الشيخ تقي الدين، ويصير مسلما بالصلاة ولا يكفر بترك غيرها من زكاة وصوم وحج تهاونا وبخلا.
[باب الأذان]
والإقامة هو في اللغة: الإعلام. قال تعالى: {وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} [التوبة: 3] ، أي إعلام، وفي الشرع: إعلام بدخول وقت الصلاة أو قربه لفجر بذكر مخصوص.
(والإقامة) في الأصل: مصدر أقام، وفي الشرع: إعلام بالقيام إلى الصلاة بذكر
مخصوص، وفي الحديث:«المؤذنون أطول الناس أعناقا يوم القيامة» رواه مسلم.
(هما فرضا كفاية) لحديث: «إذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم وليؤمكم أكبركم» متفق عليه، (على الرجال) الأحرار (المقيمين) في القرى والأمصار لا على الرجل الواحد ولا على النساء ولا على العبيد ولا على المسافرين (للصلوات) الخمس (المكتوبة) دون المنذورة، والمؤداة دون المقضيات، والجمعة من الخمس، ويسنان لمنفرد وسفر أو لمقضية.
(يقاتل أهل بلد تركوهما) أي: الأذان والإقامة فيقاتلهم الإمام أو نائبه؛ لأنهما من شعائر الإسلام الظاهرة، وإذا قام بهما من يحصل به الإعلام غالبا أجزأ عن الكل، وإن كان واحدا وإلا زيد بقدر الحاجة كل واحد في جانب أو دفعة واحدة بمكان واحد، ويقيم أحدهم، وإن تشاحوا أقرع، وتصح الصلاة بدونهما لكن يكره. (وتحرم أجرتهما) أي: يحرم أخذ الأجرة على الأذان والإقامة؛ لأنهما قربة لفاعلهما، و (لا) أخذ (رزق من بيت المال) من مال الفيء (لعدم متطوع) بالأذان والإقامة فلا
يحرم كأرزاق القضاة والغزاة.
(و) سن أن (يكون المؤذن صيتا) أي رفيع الصوت؛ لأنه أبلغ في الإعلام، زاد في " المغني " وغيره: وأن يكون حسن الصوت؛ لأنه أرق لسامعه (أمينا) أي عدلا مؤتمن يرجع إليه في الصلاة وغيرها (عالما بالوقت) ليتحراه فيؤذن في أوله.
(فإن تشاح فيه اثنان) فأكثر (قدم أفضلهما فيه) أي: فيما ذكر من الخصال (ثم) إن استووا فيها قدم (أفضلهما في دينه وعقله) لحديث: «ليؤذن لكم خياركم» رواه أبو داود وغيره، (ثم) إن استووا قدم (من يختاره) أكثر (الجيران) لأن الأذان لإعلامهم، (ثم) إن تساووا في الكل فـ (قرعة) فأيهم خرجت له القرعة قدم.
(وهو) أي الأذان المختار (خمس عشرة جملة) لأنه أذان بلال رضي الله عنه من غير ترجيع الشهادتين فإن رجعهما فلا بأس (يرتلها) أي: يستحب أن يتمهل في ألفاظ الأذان ويقف على كل جملة وأن يكون قائما (على علو) كالمنارة لأنه أبلغ في الإعلام، وأن يكون (متطهرا) من الحدث الأصغر والأكبر، ويكره أذان جنب وإقامة محدث، وفي " الرعاية ": يسن أن يؤذن متطهرا من نجاسة بدنه وثوبه (مستقبل القبلة) لأنها أشرف الجهات (جاعلا أصبعيه) السبابتين (في أذنيه) لأنه أرفع للصوت
(غير مستدير) فلا يزيل قدميه في منارة ولا غيرها (ملتفتا في الحيعلة يمينا وشمالا) أي يسن أن يلتفت يمينا لـ " حي على الصلاة " وشمالا لـ " حي على الفلاح "، ويرفع وجهه إلى السماء فيه كله؛ لأنه حقيقة التوحيد (قائلا بعدهما) أي يسن أن يقول بعد الحيعلتين (في أذان الصبح) ولو أذن قبل الفجر:(الصلاة خير من النوم مرتين) لحديث أبي محذورة رواه أحمد وغيره؛ ولأنه وقت ينام الناس فيه غالبا، ويكره في غير أذان الفجر وبين الأذان والإقامة.
(وهي) أي الإقامة (إحدى عشرة) جملة بلا تثنية وتباح تثنيتها (يحدرها) أي: يسرع فيها ويقف على كل جملة كالأذان.
(ويقيم من أذن) استحبابا، فلو سبق المؤذن بالأذان فأراد المؤذن أن يقيم، فقال أحمد: لو أعاد الأذان كما صنع أبو محذورة. فإن أقام من غير إعادة فلا بأس قاله في " المبدع "، (في مكانه) أي يسن أن يقيم في مكان أذانه (إن سهل) لأنه أبلغ في الإعلام، فإن شق كأن أذن في منارة أو مكان بعيد عن المسجد أقام في المسجد لئلا يفوته بعض الصلاة، لكن لا يقيم إلا بإذن الإمام.
(ولا يصح) الأذان (إلا مرتبا) كأركان الصلاة (متواليا) عرفا لأنه لا يحصل المقصود منه إلا بذلك، فإن نكسه لم يعتد به، ولا يعتبر الموالاة بين الإقامة والصلاة إذا أقام عند إرادة الدخول فيها. ويجوز الكلام بين الأذان وبعد الإقامة قبل الصلاة.
ولا يصح الأذان إلا (من) واحد ذكر (عدل) ولو ظاهرا، فلو أذن واحد بعضه وكمله آخر أو أذنت امرأة أو خنثى أو ظاهر الفسق لم يعتد به، ويصح الأذان (ولو) كان (ملحنا) أي مطربا به (أو) كان
(ملحونا) لحنا لا يحيل المعنى، ويكرهان من ذي لثغة فاحشة، وبطل إن أحيل المعنى، (ويجزئ) أذان (من مميز) لصحة صلاته كالبالغ.
(ويبطلهما) أي الأذان والإقامة (فصل كثير) بسكوت أو كلام ولو مباحا (و) كلام (يسير محرم) كقذف وكره اليسير غيره، (ولا يجزئ) الأذان (قبل الوقت) لأنه شرع للإعلام بدخوله، ويسن في أوله (إلا الفجر) فيصح (بعد نصف الليل) لحديث «إن بلالا يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم» متفق عليه. ويستحب لمن أذن قبل الفجر أن يكون معه من يؤذن في الوقت، وأن يتخذ ذلك عادة لئلا يغر الناس. ورفع الصوت بالأذان ركن ما لم يؤذن لحاضر فبقدر ما يسمعه، (ويسن جلوسه) أي المؤذن (بعد أذان المغرب) أو صلاة يسن تعجيلها قبل الإقامة