الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(وسائر شروط البيع) لأنه مبيع مقصود، أشبه ما لو ضم إليه عينا أخرى (وإلا) يكن قصده المال (فلا) يشترط له شروط البيع، وصح شرطه ولو كان مجهولا؛ لأنه دخل تبعا أشبه أساسات الحيطان، وسواء
كان مثل الثمن أو فوقه أو دونه، وإذا شرط مال العبد ثم رده بإقالة أو غيرها رده معه، (وثياب الجمال) التي على العبد المبيع (للبائع) لأنها زيادة على العادة، ولا يتعلق بها حاجة العبد، (و) ثياب لبس (العادة للمشتري) لجريان العادة ببيعها معه، ويشمل بيع دابة كفرس لجاما ومقودا ونعلا.
[باب السلم]
هو لغة أهل الحجاز، والسلف لغة أهل العراق، وسمي سلما لتسليم رأس المال في المجلس وسلفا لتقديمه، (وهو) شرعا (عقد على موصوف) ينضبط بالصفة (في الذمة) فلا يصح في عين كهذه الدار (مؤجل) بأجل معلوم (بثمن مقبوض بمجلس العقد) وهو جائز بالإجماع؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:«من أسلف في شيء فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم» متفق عليه.
(ويصح) السلم (بألفاظ البيع) لأنه بيع حقيقة (و) بلفظ (السلم والسلف) لأنهما حقيقة فيه، إذ هما اسم للبيع الذي عجل ثمنه وأجل مثمنه (بشروط سبعة) زائدة على شروط البيع، والجار متعلق بـ " يصح ":
(أحدها: انضباط صفاته) التي يختلف الثمن باختلافها اختلافا كثيرا ظاهرا؛ لأن ما لا يمكن ضبط صفاته يختلف كثيرا، فيفضي إلى المنازعة والمشاقة (بمكيل) أي: كمكيل من
حبوب وثمار وخل ودهن ولبن ونحوها، (وموزون) من قطن وحرير وصوف ونحاس وزئبق وشب وكبريت وشحم ولحم نيء ولو مع عظمه إن عين موضع قطعه، (ومذروع) من ثياب وخيوط، (وأما المعدود المختلف كالفواكه) المعدودة كرمان، فلا يصح السلم فيه لاختلافه بالصغر والكبر، (و) كـ (البقول) لأنها تختلف ولا يمكن تقديرها بالجزم، (و) كـ (الجلود) لأنها تختلف ولا يمكن ذرعها؛ لاختلاف الأطراف، (و) كـ (الرؤوس) والأكارع؛ لأن أكثر ذلك العظام والمشافر، (و) كـ (الأواني المختلفة الرؤوس والأوساط كالقماقم والأسطال الضيقة الرؤوس) لاختلافها، (و) كـ (الجواهر) واللؤلؤ والعقيق ونحوه؛ لأنها تختلف اختلافا متباينا بالصغر والكبر وحسن التدوير وزيادة الضوء والصفاء، (و) كـ (الحامل من الحيوان)
كأمة حامل؛ لأن الصفة لا تأتي على ذلك، والولد مجهول غير محقق، وكذا لو أسلم في أمة وولدها لندرة جمعهما الصفة، (وكل مغشوش) لأن غشه يمنع العلم بالقدر المقصود منه، فإن كانت الأثمان خالصة صح السلم فيها، ويكون رأس المال غيرها، ويصح السلم في فلوس ويكون رأس المال عرضا. (وما يجمع أخلاطا) مقصودة (غير متميزة كالغالية) والند (والمعاجين) التي يتداوى بها، (فلا يصح السلم فيه) لعدم انضباطه.
(ويصح) السلم (في الحيوان) ولو آدميا؛ لحديث أبي رافع «أن النبي صلى الله عليه وسلم استسلف من
رجل بكرا» رواه مسلم، (و) يصح أيضا في (الثياب المنسوجة من نوعين) كالكتان والقطن ونحوهما؛ لأن ضبطها ممكن، وكذا نشاب ونبل مريشان وخفاف ورماح، (و) يصح أيضا فيه (ما خلطه) بكسر الخاء (غير مقصود كالجبن) فيه المنفخة (وخل التمر) فيه الماء (والسكنجبين) فيه الخل (ونحوها) كالشيرج والخبز والعجين.
الشرط (الثاني: ذكر الجنس والنوع) أي: جنس المسلم فيه ونوعه (وكل وصف يختلف به) أي: بسببه (الثمن) اختلافا (ظاهرا) كلونه وقدره وبلده (وحداثته وقدمه) ولا يجب استقصاء كل الصفات؛ لأنه قد يتعذر، ولا ما لا يختلف به الثمن؛ لعدم الاحتياج إليه. (ولا يصح شرط) المتعاقدين (الأردأ أو الأجود) لأنه لا ينحصر، إذ ما من رديء أو جيد إلا ويحتمل وجود أردأ أو أجود منه، (بل) يصح شرط (جيد ورديء) ويجزئ ما صدق عليه أنه جيد أو رديء، فينزل الوصف على أقل درجة، (فإن جاء) المسلم إليه (بما شرط) للمسلم لزمه أخذه (أو) جاءه بـ (أجود منه) أي: من المسلم فيه (من نوعه ولو قبل محله) أي: حلوله (ولا ضرر في قبضه لزمه أخذه)
لأنه جاءه بما تناوله العقد وزيادة تنفعه، وإن جاءه بدون ما وصف أو بغير نوعه من جنسه فله أخذه، ولا يلزمه، وإن جاءه بجنس آخر لم يجز له قبوله، وإن قبض المسلم فيه فوجد به عيبا فله رده وإمساكه مع الأرش.
الشرط (الثالث: ذكر قدره) أي: قدر المسلم فيه (بكيل) معهود فيما يكال (أو وزن) معهود فيما يوزن لحديث «من أسلف في شيء فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم» متفق عليه، (أو ذرع يعلم) عند العامة؛ لأنه إذا كان مجهولا تعذر الاستيفاء به عند التلف، فيفوت العلم بالمسلم فيه، فإن شرطا مكيالا غير معلوم بعينه أو صنجة غير معلومة بعينها لم يصح، وإن كان معلوما صح السلم دون التعيين، (وإن أسلم في المكيل)
كالبر والشيرج (وزنا أو في الموزون) كالحديد (كيلا لم يصح) السلم؛ لأنه قدره بغير ما هو مقدر به، فلم يجز، كما لو أسلم في المذروع وزنا، ولا يصح في فواكه معدودة كرمان وسفرجل ولو وزنا.
الشرط (الرابع: ذكر أجل معلوم) للحديث السابق؛ ولأن الحلول يخرجه عن اسمه ومعناه، ويعتبر أن يكون الأجل (له وقع في الثمن) عادة كشهر (فلا يصح) السلم إن أسلم (حالا) لما سبق، (ولا) إن أسلم إلى أجل مجهول كـ (إلى الحصاد والجذاذ) وقدوم الحاج؛ لأنه يختلف فلم يكن معلوما،
(ولا) يصح السلم (إلى) أجل قريب كـ (يوم) ونحوه؛ لأنه لا وقع له في الثمن (إلا) أن يسلم (في شيء يأخذه منه كل يوم) أجزاء معلومة (كخبز ولحم ونحوهما) من كل ما يصح السلم فيه؛ إذ الحاجة داعية إلى ذلك، فإن قبض البعض وتعذر الباقي رجع بقسطه من الثمن، ولا يجعل الباقي فضلا على المقبوض لتماثل أجزائه، بل يقسط الثمن عليهما بالسوية.
الشرط (الخامس: أن يوجد) المسلم فيه (غالبا في محله) بكسر الحاء أي: وقت حلوله لوجوب تسليمه إذا، فإن كان لا يوجد فيه أو يوجد نادرا كالسلم في العنب والرطب إلى الشتاء لم يصح، (و) يعتبر أيضا وجود المسلم فيه في (مكان الوفاء) غالبا، فلا يصح أن أسلم في ثمرة بستان صغير معين أو قرية صغيرة، أو في نتاج من فحل بني فلان أو غنمه، أو مثل هذا الثوب؛ لأنه لا يؤمن تلفه وانقطاعه، و (لا) يعتبر وجود المسلم فيه (وقت العقد) لأنه ليس وقت وجوب التسليم، (فإن) أسلم إلى محل يوجد فيه غالبا، فـ (تعذر) المسلم فيه بأن لم تحمل الثمار تلك السنة (أو) تعذر (بعضه فله) أي: لرب السلم (الصبر) إلى أن يوجد فيطالب به (أو فسخ) العقد في (الكل) إن تعذر الكل، (أو) في (البعض) المتعذر، (ويأخذ الثمن الموجود أو عوضه) أي: عوض الثمن التالف؛ لأن العقد إذا زال وجب رد الثمن، ويجب رد عينه إن كان باقيا أو عوضه إن كان تالفا، أي: مثله إن كان مثليا، أو قيمته إن كان متقوما، هذا إن فسخ في الكل، فإن فسخ في البعض فبقسطه.
الشرط (السادس: أن يقبض الثمن تاما) لقوله صلى الله عليه وسلم: " من أسلف في شيء فليسلف. . . " الحديث، أي: فليعط، قال الشافعي: لأنه لا يقع اسم السلف فيه حتى يعطيه ما
أسلفه قبل أن يفارق من أسلفه، ويشترط أن يكون رأس مال السلم (معلوما قدره ووصفه) كالمسلم فيه، فلا يصح بصبرة لا يعلمان قدرها ولا بجوهر ونحوه مما لا ينضبط
بالصفة، ويكون القبض (قبل التفرق) من المجلس وكل مالين حرم النساء فيهما لا يجوز إسلام أحدهما في الآخر؛ لأن السلم من شرطه التأجيل، (وإن قبض البعض) من الثمن في المجلس (ثم افترقا) قبل قبض الباقي (بطل فيما عداه) أي: عدا المقبوض، وصح في المقبوض ولو جعل دينا سلما لم يصح وأمانة أو عينا مغصوبة أو عارية يصح؛ لأنه في معنى القبض، (وإن أسلم) ثمنا واحدا (في جنس) كبر (إلى أجلين) كرجب وشعبان مثلا (أو عكسه) بأن أسلم في جنسين كبر وشعير إلى أجل كرجب مثلا (صح) السلم (إن بين) قدر (كل جنس وثمنه) في المسألة الثانية بأن يقول: أسلمتك دينارين، أحدهما في أردب قمح صفته كذا وأجله كذا، والثاني في أردبين شعيرا صفته كذا والأجل كذا. (و) صح أيضا إن بين (قسط كل أجل) في المسألة الأولى بأن يقول: أسلمتك دينارين أحدهما في أردب قمح إلى رجب، والآخر في أردب وربع مثلا إلى شعبان، فإن لم يبين ما ذكر فيهما لم يصح؛ لأن مقابل كل من الجنسين أو الأجلين مجهول.
الشرط (السابع: أن يسلم في الذمة، فلا يصح) السلم (في عين) كدار وشجرة؛ لأنها ربما تلفت قبل أوان تسليمها.
(و) لا يشترط ذكر مكان الوفاء؛ لأنه صلى الله عليه وسلم لم يذكره، بل (يجب الوفاء موضع العقد) لأن العقد يقتضي التسليم في مكانه، وله أخذه في غيره إن رضيا. ولو قال: خذه وأجرة حمله إلى موضع الوفاء، لم يجز (ويصح شرطه) أي الوفاء (في غيره) أي: غير مكان العقد؛ لأنه بيع، فصح شرط الإيفاء في غير مكانه كبيوع الأعيان، وإن شرطا الوفاء في موضع العقد كان تأكيدا (وإن عقد) السلم (ببرية أو بحر شرطاه) أي: مكان الوفاء لزوما وإلا فسد السلم؛ لتعذر الوفاء موضع العقد، وليس بعض الأماكن سواه أولى من بعض، فاشترط تعيينه بالقول كالكيل، ويقبل قول المسلم إليه في تعيينه مع يمينه،
(ولا يصح بيع المسلم فيه) لمن هو عليه أو غيره (قبل قبضه) لنهيه صلى الله عليه وسلم عن بيع الطعام قبل قبضه، (ولا) يصح أيضا (هبته) لغير من هو عليه؛ لعدم القدرة على تسليمه (ولا الحوالة به) لأنها لا تصح إلا على دين مستقر، والسلم عرضة للفسخ، (ولا) الحوالة (عليه) أي: على المسلم فيه أو رأس ماله بعد فسخ، (ولا أخذ عوضه) لقوله صلى الله عليه وسلم:«من أسلف في شيء فلا يصرفه إلى غيره» وسواء
فيما ذكر إذا كان المسلم فيه موجودا أو معدوما، والعوض مثله في القيمة أو أقل أو أكثر، وتصح الإقالة في السلم.
(ولا يصح) أخذ (الرهن والكفيل به) أي: بدين السلم، رويت كراهيته عن علي وابن عباس وابن عمر، إذ وضع الرهن للاستيفاء من ثمنه عند تعذر الاستيفاء من الغريم، ولا يمكن استيفاء المسلم فيه من عين الرهن ولا من ذمة الضامن حذرا من أن يصرفه إلى غيره،