الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(ولا يجوز الكلام والإمام يخطب) إذا كان منه بحيث يسمعه؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} [الأعراف: 204] ولقوله صلى الله عليه وسلم: «من قال: صه فقد لغا، ومن لغا فلا جمعة له» رواه أحمد (إلا له) أي للإمام فلا يحرم عليه الكلام، (أو لمن يكلمه) لمصلحة؛ لأنه صلى الله عليه وسلم كلم سائلا وكلمه هو، ويجب لتحذير ضرير وغافل عن هلكة (يجوز) الكلام (قبل الخطبة وبعدها) ، وإذا سكت بين الخطبتين، أو شرع في الدعاء، وله الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم إذا سمعها من الخطيب، وتسن سرا كدعاء وتأمين عليه وحمده خفية إذا عطس ورد سلام وتشميت عاطس وإشارة أخرس إذا فهمت ككلام لا تسكيت متكلم بإشارة، ويكره العبث والشرب حال الخطبة إن سمعها وإلا جاز، نص عليه.
[باب صلاة العيدين]
سمي به؛ لأنه يعود ويتكرر لأوقاته، أو تفاؤلا وجمعه أعياد، (وهي) أي صلاة العيدين (فرض كفاية) ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [الكوثر: 2] ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء بعده لم يصلوها إلا بعد ارتفاع الشمس يداومون عليها، (إذا تركها أهل بلد قاتلهم الإمام) لأنها من أعلام الدين الظاهرة.
(و) أول (وقتها كصلاة الضحى) ؛ لأنه صلى الله عليه وسلم، ومن بعده لم يصلوها إلا بعد ارتفاع الشمس، ذكره في " المبدع "(وآخره) أي آخر وقتها (الزوال) أي زوال الشمس، (فإن لم يعلم بالعيد إلا بعده) أي بعد الزوال (صلوا من الغد) قضاء لما روى أبو عمير بن أنس عن عمومة له من الأنصار، قال: «غم علينا هلال شوال فأصبحنا صياما فجاء ركب في آخر النهار فشهدوا أنهم رأوا الهلال بالأمس، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم الناس أن يفطروا من يومهم، وأن يخرجوا غدا
لعيدهم» رواه أحمد، وأبو داود والدارقطني وحسنه.
(وتسن) صلاة العيد (في صحراء) قريبة عرفا لقول أبي سعيد: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يخرج في الفطر والأضحى إلى المصلى» متفق عليه. وكذلك الخلفاء بعده (و) يسن (تقديم صلاة الأضحى وعكسه الفطر) فيؤخرها لما روى الشافعي مرسلا «أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب إلى عمرو بن حزم أن عجل الأضحى وأخر الفطر وذكر الناس» (و) يسن (أكله قبلها) أي قبل الخروج لصلاة الفطر لقول بريرة: «كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يخرج يوم الفطر حتى يفطر، ولا يطعم يوم النحر حتى يصلي» رواه أحمد، والأفضل على تمرات وترا، والتوسعة على الأهل والصدقة (وعكسه) أي يسن الإمساك (في الأضحى إن ضحى) حتى يصلي ليأكل من أضحيته لما تقدم والأولى من كبدها، (وتكره) صلاة العيد (في الجامع بلا عذر) إلا بمكة المشرفة لمخالفة فعله صلى الله عليه وسلم، ويستحب للإمام أن يستخلف من يصلي بضعفة الناس في
المسجد لفعل علي ويخطب لهم، ولهم فعلها قبل الإمام وبعده وأيهما سبق سقط به الفرض وجازت التضحية.
(ويسن تبكير مأموم إليها) ليحصل له الدنو من الإمام وانتظار الصلاة فيكثر ثوابه (ماشيا) لقول علي رضي الله عنه: «من السنة أن يخرج إلى العيد ماشيا» ، رواه الترمذي وقال: العمل على هذا عند أهل العلم (بعد) صلاة (الصبح و) يسن (تأخر إمام إلى وقت الصلاة) لقول أبي سعيد: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يخرج يوم الفطر والأضحى إلى المصلى فأول شيء يبدأ به الصلاة» رواه مسلم، ولأن الإمام
ينتظر ولا ينتظر، ويخرج (على أحسن هيئة) أي لابسا أجمل ثيابه لقول جابر:«كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتم ويلبس برده الأحمر في العيدين والجمعة» رواه ابن عبد البر (إلا المعتكف فـ) يخرج (في ثياب اعتكافه) ؛ لأنه أثر عبادة فاستحب بقاؤه.
(ومن شرطها) أي شرط صحة صلاة العيد (استيطان وعدد الجمعة) فلا تقام إلا حيث تقام الجمعة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم وافق العيد في يوم حجته ولم يصل، (لا إذن إمام) فلا يشترط كالجمعة. (ويسن) إذا غدا من طريق (أن يرجع من طريق آخر) لما روى البخاري عن جابر:«أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا خرج إلى العيد خالف الطريق» ، وكذا الجمعة، قال في " شرح المنتهى ": ولا يمتنع ذلك أيضا في غير الجمعة، وقال في " المبدع ": الظاهر أن المخالفة فيه شرعت لمعنى خاص فلا يلتحق به غيره.
(ويصليها ركعتين قبل الخطبة) لقول ابن عمر: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وعثمان يصلون العيدين قبل الخطبة» متفق عليه. فلو قدم الخطبة لم يعتد بها (يكبر في الأولى بعد) تكبيرة الإحرام و (الاستفتاح وقبل التعوذ والقراءة ستا) زوائد (وفي) الركعة (الثانية قبل القراءة خمسا) لما روى أحمد عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده «أن النبي
صلى الله عليه وسلم كبر في عيد اثنتي عشرة تكبيرة، سبعا في الأولى وخمسا في الآخرة» إسناده حسن، قال أحمد: اختلف أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في التكبير وكله جائز (يرفع يديه مع كل تكبيرة) لقول وائل بن حجر: «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه مع التكبير» ، قال أحمد: فأرى أن يدخل فيه هذا كله، وعن عمر أنه كان يرفع يديه مع كل
تكبيرة في الجنازة والعيد، وعن زيد كذلك، رواهما الأثرم، (ويقول) بين كل تكبيرتين:(الله أكبر كبيرا والحمد لله كثيرا وسبحان الله بكرة وأصيلا وصلى الله على محمد النبي وآله وسلم تسليما كثيرا) لقول عقبة بن عامر: سألت ابن مسعود عما يقوله بعد تكبيرات العيد، قال:" يحمد الله ويثني عليه ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم " رواه الأثرم وحرب، واحتج به أحمد، (وإن أحب قال غير ذلك) ؛ لأن الغرض الذكر بعد التكبير، وإذا شك في عدد التكبير بنى على يقين، وإذا نسي التكبير حتى قرأ سقط؛ لأنه سنة فات محلها، وإن أدرك الإمام راكعا أحرم، ثم ركع، ولا يشتغل بقضاء التكبير، وإن أدركه قائما بعد فراغه من التكبير لم يقضه، وكذا إن أدركه في أثنائه سقط ما فات.
(ثم يقرأ جهرا) لقول ابن عمر: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يجهر بالقراءة في العيدين والاستسقاء» رواه الدارقطني (في) الركعة (الأولى بعد الفاتحة بـ " سبح " وبـ " الغاشية " في الثانية) لقول سمرة: «إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في العيدين بـ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى} [الأعلى: 1] و {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ} [الغاشية: 1] » رواه أحمد (فإذا سلم) من الصلاة (خطب خطبتين كخطبة الجمعة) في أحكامها حتى في الكلام إلا في التكبير مع الخاطب (يستفتح الأولى بتسع تكبيرات) قائما نسقا (والثانية بسبع) تكبيرات كذلك لما روى سعيد عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة قال: يكبر الإمام يوم العيد قبل أن يخطب تسع تكبيرات، وفي الثانية سبع تكبيرات.
(يحثهم في) خطبة (الفطر على الصدقة) لقوله صلى الله عليه وسلم: «أغنوهم بها عن السؤال في هذا اليوم» (ويبين لهم ما يخرجون) جنسا، وقدرا والوجوب والوقت، (ويرغبهم في)
خطبة (الأضحى في الأضحية ويبين لهم حكمها) ؛ لأنه ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر في خطبة الأضحى كثيرا من أحكامها من رواية أبي سعيد والبراء وجابر وغيرهم.
(والتكبيرات الزوائد) سنة (والذكر بينها) أي بين التكبيرات سنة، ولا يسن بعد التكبيرة الأخيرة في الركعتين (والخطبتان سنة) لما روى عطاء عن عبد الله بن السائب قال:«شهدت مع النبي صلى الله عليه وسلم العيد فلما قضى الصلاة قال: إنا نخطب فمن أحب أن يجلس للخطبة فليجلس، ومن أحب أن يذهب فليذهب» رواه ابن ماجه وإسناده ثقات، ولو وجبت لوجب حضورها واستماعها، والسنة لمن حضر العيد من النساء حضور الخطبة، وأن ينفردن بموعظة إذا لم يسمعن خطبة الرجال، (ويكره التنفل) وقضاء فائتة (قبل الصلاة) أي صلاة العيد (وبعدها في موضعها) قبل مفارقته لقول ابن عباس:«خرج النبي صلى الله عليه وسلم يوم العيد فصلى ركعتين لم يصل قبلهما، ولا بعدهما» متفق عليه.
(ويسن لمن فاتته) صلاة العيد، (أو) فاته (بعضها قضاؤها) في يومها قبل الزوال، أو بعده (على صفتها) لفعل أنس وكسائر الصلوات.
(ويسن التكبير المطلق) أي الذي لم يقيد بأدبار الصلوات وإظهاره وجهر غير أنثى به (في ليلتي العيدين) في البيوت والأسواق والمساجد وغيرها، ويجهر به في الخروج إلى المصلى إلى فراغ الإمام من خطبته (و) التكبير (في) عيد (فطر آكد) ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ} [البقرة: 185](و) يسن التكبير المطلق أيضا (في كل عشر ذي الحجة) ولو لم ير بهيمة الأنعام (و) يسن التكبير (المقيد عقب كل فريضة في جماعة) في الأضحى لا في فطر] لأن ابن عمر كان لا يكبر إذا صلى وحده وقال ابن مسعود: إنما التكبير على من صلى في جماعة " رواه ابن المنذر فيلتفت الإمام إلى المأمومين، ثم يكبر لفعله صلى الله عليه وسلم (من صلاة الفجر يوم عرفة) روي عن عمر وعلي وابن عباس وابن مسعود رضي الله عنهم.