الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فحكم بينهما نفذ حكمه، (في المال والحدود واللعان وغيرها) من كل ما ينفذ فيه حكم من ولاه إمام أو نائبه، لأن عمر وأبيا تحاكما إلى زيد بن ثابت، وتحاكم عثمان وطلحة إلى جبير بن مطعم، ولم يكن أحد ممن ذكرنا قاضيا
[باب آداب القاضي]
أي أخلاقه التي ينبغي له التخلق بها، (ينبغي) أي يسن (أن يكون قويا من غير عنف) ، لئلا يطمع فيه الظالم، والعنف ضد الرفق، (لينا من غير ضعف) لئلا يهابه صاحب الحق، (حليما) لئلا يغضب من كلام الخصم، (ذا أناة) أي تؤدة وتأن، لئلا تؤدي عجلته إلى ما لا ينبغي، (و) ذا (فطنة) لئلا يخدعه بعض الأخصام. ويسن أيضا أن يكون عفيفا بصيرا بأحكام من قبله، ويدخل يوم اثنين، أو خميس، أو سبت لابسا هو وأصحابه أجمل الثياب، ولا يتطير، وإن تفاءل فحسن، (وليكن مجلسه في وسط البلد) إذا أمكن، ليستوي أهل البلد في المضي إليه. وليكن مجلسه (فسيحا) لئلا يتأذى فيه بشيء. ولا يكره القضاء في الجامع، ولا يتخذ حاجبا ولا بوابا بلا عذر، إلا في غير مجلس الحكم.
(و) يجب أن (يعدل بين الخصمين في لحظه ولفظه ومجلسه ودخولهما عليه) ، إلا مسلما مع كافر، فيقدم دخولا ويرفع جلوسا، وإن سلم أحدهما رد ولم ينتظر سلام الآخر.
ويحرم أن يسار أحدهما، أو يلقنه حجته، أو يضيفه، أو يعلمه كيف يدعي إلا أن
يترك ما يلزم ذكره في الدعوى. (وينبغي) أي يسن (أن يحضر مجلسه فقهاء المذاهب، و) أن (يشاورهم فيما يشكل عليه) إن أمكن، فإن اتضح له الحكم حكم وإلا أخره لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ} [آل عمران: 159] .
(ويحرم القضاء وهو غضبان كثيرا) لخبر أبي بكرة مرفوعا «لا يقضين حاكم بين اثنين وهو غضبان» متفق عليه، (أو) وهو (حاقن أو في شدة جوع، أو) في شدة (عطش أو) في شدة (هم، أو ملل، أو كسل، أو نعاس، أو برد مؤلم، أو حر مزعج) ، لأن ذلك كله يشغل الفكر الذي يتوصل به إلى إصابة الحق في الغالب، فهو في معنى الغضب. وإن خالف وحكم في حال من هذه الأحوال، (فأصاب الحق نفذ) حكمه لموافقته الصواب.
(ويحرم) على الحاكم (قبول رشوة) لحديث ابن عمر قال: «لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي» قال الترمذي: حديث حسن صحيح، (وكذا) يحرم على القاضي
قبول (هدية) ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «هدايا العمال غلول» رواه أحمد، (إلا) إذا كانت الهدية (ممن كان يهاديه قبل ولايته إذا لم تكن له حكومة) ، فله أخذها كمفت، قال القاضي: ويسن له التنزه عنها، فإن أحس أنه يقدمها بين يدي خصومه، أو فعلها حال الحكومة حرم أخذها في هذه الحالة لأنها كالرشوة. ويكره بيعه وشراؤه إلا بوكيل لا يعرف به.
(ويستحب أن لا يحكم إلا بحضرة الشهود) ليستوفي بهم الحق، ويحرم تعيينه قوما بالقبول، (ولا ينفذ حكمه لنفسه، ولا لمن لا تقبل شهادته له) ، كوالده وولده وزوجته،