الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[فصل من باع أو وهب أو رهن نخلا تشقق طلعه]
فصل (ومن باع) أو وهب أو رهن نخلا تشقق طلعه) ولو لم يؤبر (فـ) الثمر (لبائع مبقى إلى الجذاذ إلا أن يشترطه مشتر) ونحوه لقوله صلى الله عليه وسلم «من ابتاع نخلا بعد أن تؤبر فثمرتها للذي باعها إلا أن يشترطه المبتاع» متفق عليه، والتأبير: التلقيح، وإنما نص عليه والحكم منوط بالتشقق لملازمته له غالبا، وكذا لو صالح بالنخل أو جعله أجرة أو صداقا أو عوض خلع بخلاف وقف ووصية فإن الثمرة تدخل فيهما أبرت أو لم تؤبر كفسخ لعيب ونحوه، (وكذلك) أي كالنخل (شجر العنب والتوت والرمان وغيره) كجميز من كل شجر لا قشر
على ثمرته فإذا بيع ونحوه بعد ظهور الثمرة كانت للبائع ونحوه، (و) كذا (ما ظهر من نوره كالمشمش والتفاح وما خرج من أكمامه) جمع كم، وهو الغلاف، (كالورد) والبنفسج (والقطن) الذي يحمل في كل سنة؛ لأن ذلك كله بمثابة تشقق الطلع (وما قبل ذلك) أي قبل التشقق في الطلع والظهور في نحو العنب والتوت والمشمش والخروج من الأكمام في نحو الورد والقطن (والورق فلمشتر) ونحوه لمفهوم الحديث السابق في النخل وما عداه بالقياس عليه، وإن تشقق أو ظهر بعض ثمره ولو من نوع واحد فهو لبائع وغيره لمشتر إلا في شجرة فالكل لبائع ونحوه، ولكل السقي لمصلحة ولو تضرر الآخر.
(ولا يباع ثمر قبل بدو صلاحه) لأنه صلى الله عليه وسلم «نهى عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها، نهى البائع والمبتاع» متفق عليه، والنهي يقتضي الفساد، (ولا) يباع (زرع قبل اشتداد حبه) لما روى مسلم عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم «نهى عن بيع النخل حتى يزهو وعن بيع السنبل حتى يبيض ويأمن العاهة نهى البائع والمشتري» ".
(ولا) تباع (رطبة وبقل ولا قثاء ونحوه كباذنجان دون الأصل) أي منفردة عن أصولها؛ لأن ما في الأرض مستور مغيب وما يحدث منه معدوم، فلم يجز بيعه كالذي يحدث من الثمرة، فإن بيع الثمر قبل بدو صلاحه بأصوله أو الزرع الأخضر بأرضه أو
بيعا لمالك أصلهما أو بيع قثاء ونحوه مع أصله صح البيع؛ لأن الثمر إذا بيع مع الشجر، والزرع إذا بيع مع الأرض دخلا تبعا في البيع فلم يضر احتمال
الغرر، وإذا بيعا لمالك الأصل فقد حصل التسليم للمشتري على الكمال، (إلا) إذا باع الثمرة قبل بدو صلاحها أو الزرع قبل اشتداد حبه، (بشرط القطع في الحال) فيصح إن انتفع بهما؛ لأن المنع من البيع لخوف التلف وحدوث العاهة، وهذا مأمون فيما يقطع، (أو) إلا إذا باع الرطبة والبقول (جزة) موجودة، فـ (جزة) فيصح لأنه معلوم لا جهالة فيه ولا غرر، (أو) إلا إذا باع القثاء ونحوها (لقطة) موجودة، فلقطة موجودة؛ لما تقدم، وما لم يخلق لم يجز بيعه (والحصاد) لزرع والجذاذ لثمر (واللقاط) لقثاء ونحوها (وعلى المشتري) لأنه نقل لملكه وتفريغ لملك البائع عنه، فهو كنقل الطعام.
(وإن باعه) أي: الثمر قبل بدو صلاحه، أو الزرع قبل اشتداد حبه أو القثاء ونحوه (مطلقا) أي: من غير ذكر قطع ولا تبقية لم يصح البيع؛ لما تقدم (أو) باعه ذلك (بشرط البقاء) لم يصح البيع؛ لما تقدم (أو اشترى ثمرا لم يبد صلاحه بشرط القطع وتركه حتى بدا) صلاحه، بطل البيع بزيادته؛ لئلا يجعل ذلك ذريعة إلى شراء الثمرة قبل بدو صلاحها وتركها حتى يبدو صلاحها، وكذا زرع أخضر بيع بشرط القطع، ثم ترك حتى اشتد حبه (أو) اشترى (جزة) ظاهرة من بقل أو رطبة، (أو) اشترى (لقطة) ظاهرة من قثاء ونحوها ثم تركهما (فنمتا) بطل البيع؛ لئلا يتخذ حيلة على بيع الرطبة ونحوها
والقثاء بغير شرط القطع، (أو اشترى ما بدا صلاحه) من ثمر (وحصل) معه (آخر واشتبها) بطل البيع، قدمه في " المقنع " وغيره، والصحيح أن البيع صحيح، وإن علم قدر الثمرة الحادثة دفع البائع والباقي للمشتري وإلا اصطلحا، ولا يبطل البيع؛ لأن المبيع اختلط بغيره ولم يتعذر تسليمه، والفرق بين هذه والتي قبلها اتخاذه حيلة على شراء الثمرة قبل بدو صلاحها كما تقدم، (أو) اشترى رطبا (عرية) وتقدمت صورتها في الربا فتركها (فأتمرت) أي: صارت تمرا (بطل) البيع؛ لأنه إنما جاز للحاجة إلى أكل الرطب، فإذا أتمر تبينا عدم الحاجة، سواء كانت الترك لعذر أو لا (والكل) أي: الثمرة، وما حدث معها على ما سبق، (للبائع) لفساد البيع.
(وإذا بدا) أي: ظهر (ما له صلاح في الثمرة واشتد الحب جاز بيعه) أي: بيع ما ذكر من الثمرة والحب، (مطلقا) أي: من غير شرط (و) جاز بيعه (بشرط التبقية) أي: تبقية الثمر إلى الجذاذ والزرع إلى الحصاد؛ لأمن العاهة ببدو الصلاح (وللمشتري تبقيته إلى الحصاد والجذاذ) وله قطعه في الحال، وله بيعه قبل جذه، (ويلزم البائع سقيه) بسقي الشجر الذي هو عليها (إن احتاج إلى ذلك) أي: إلى السقي، وكذا لو لم تحتج إليه؛ لأنه يجب عليه تسليمه
كاملا فلزمه سقيه، (وإن تضرر الأصل) بالسقي، ويجبر إن أبى، بخلاف ما إذا باع الأصل وعليه ثمر للبائع؛ فإنه لا يلزم المشتري سقيها؛ لأن البائع لم يملكها من جهته.
(وإن تلفت) ثمرة بيعت بعد بدو صلاحها دون أصلها قبل أوان جذاذها (بآفة سماوية) وهي ما لا صنع لآدمي فيها كالريح والحر والعطش (رجع) ولو بعد القبض (على البائع) لحديث جابر «أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بوضع الجوائح» رواه مسلم، ولأن
التخلية في ذلك ليست بقبض تام، وإن كان التالف يسيرا لا ينضبط فات على المشتري، (وإن أتلفه) أي: الثمر المبيع على ما تقدم (آدمي) ولو البائع (خير مشتر بين الفسخ) ومطالبة البائع بما دفع من الثمن (والإمضاء) أي: البقاء على البيع (ومطالبة المتلف) بالبدل، (وصلاح بعض) ثمرة (الشجرة صلاح لها ولسائر النوع الذي في البستان) لأن اعتبار الصلاح في الجميع يشق.
(وبدو الصلاح في ثمر النخل أن تحمر أو تصفر) لأنه صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الثمرة حتى تزهو، قيل لأنس: وما زهوها؟ قال: تحمار أو تصفار، (وفي العنب أن يتموه حلوا) لقول أنس:«نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع العنب حتى يسود» رواه أحمد ورواته ثقات، قاله في " المبدع "، (وفي بقية الثمرات) كالتفاح والبطيخ (أن يبدو فيه النضج ويطيب أكله) لأنه صلى الله عليه وسلم «نهى عن بيع الثمرة حتى تطيب» متفق عليه، والصلاح في نحو قثاء أن يؤكل عادة وفي حب أن يشتد أو يبيض.
(ومن باع عبدا) أو أمة (له مال فماله لبائعه، إلا أن يشترطه المشتري) لحديث ابن عمر مرفوعا «من باع عبدا وله مال فماله لبائعه، إلا أن يشترطه المبتاع» رواه مسلم، (فإن كان قصده) أي: المشتري (المال) الذي مع العبد (اشترط علمه) أي: العلم بالمال