الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ:
وَإِنْ قَالَ لِامْرأَتِهِ: أمْرُكِ بِيَدِكِ. فَلَهَا أَنْ تُطَلِّقَ ثَلَاثًا وَإِنْ نَوَىَ وَاحِدَةً، وَهُوَ فِى يَدِهَا مَا لَمْ يَفْسَخْ أَوْ يَطَأْ.
ــ
فصل: والقولُ قولُه قى قَدْرِ ما حَلَفَ به، وفى الشَّرْطِ الذى علَّقَ اليَمينَ به؛ لأنَّه (1) أعلمُ بحالِه. ويُمْكِنُ حملُ كلامِ أحمدَ على هذا، وهو أن يكونَ قولُه: ليس عليه يَمِينٌ. يَعْنِى (2) فيما بينَه وبينَ اللَّهِ تعالى. وقَوْلُه: يَلْزمُه الطَّلاقُ. أى في الحُكْمِ. [قال القاضى: ومَعْنَى قولِ أحمدَ: يَلْزَمُهُ الطَّلاقُ. أى يَلْزَمُهُ إقرَارُه في الحُكْمِ](3)؛ لأنَّه يتَعلَّقُ بحَقِّ إنْسانٍ مُعَيَّنٍ، فلم يُقْبَلْ في الحُكْمِ، وفيما بينَه وبينَ اللَّهِ سبحانه إذا عَلِمَ أنَّه لم يَحْلِفْ، فلا شئَ عليه.
فصل: قالَ الشَّيْخُ، رحمه الله:(وإذا قال لامْرأتِه: أمْرُكِ بيَدِك. فلَها أَنْ تُطَلِّقَ ثلاثًا وإنْ نَوَى واحدةً، وهو في يَدِها ما لم يَفْسَخْ أو يَطَأْ) الكلامُ في هذه المسألةِ في فَصْلَيْن؛ أحدُهما، أنَّه إذا قال لامْرأِته: أمْرُكِ بيَدِك. كان لها أن تُطَلِّقَ ثلاثًا وإنْ نَوَى أقَلَّ منها. هذا ظاهرُ المذهبِ؛
(1) سقط من: الأصل.
(2)
سقط من: م.
(3)
سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
لأنَّها من الكناياتِ الظَّاهرةِ. وقد مَضَى الكلامُ فيها. رُوِى ذلك عن عثمانَ، وابنِ عمرَ، وابنِ عباسٍ. ورُوِىَ ذلك عن علىٍّ أيضًا، وفَضَالَةَ بنِ عُبَيْدٍ. وبه قال سعيدُ بنُ المُسَيَّبِ، وعَطاءٌ، والزُّهْرِىُّ، قالوا: إذا طَلَّقَتْ ثلاثًا فقال: لم أجْعَلْ إليها إلَّا واحدةً. لم يُلْتَفَتْ إلى قولِه، والقَضاءُ ما قَضَتْ. وعن عمرَ، وابنِ مسعودٍ، أنَّها طَلْقَةٌ واحدةٌ. وبه قال عَطاءٌ، ومُجاهِدٌ، والقاسمُ، ورَبِيعةُ، ومالكٌ، والأوْزَاعِىُّ، والشافعىُّ. وقال الشافعىُّ: إن نَوَى ثلاثًا فلَها أن تُطَلِّقَ ثلاثًا، وإن نوَى غيرَ ذلك لم تُطَلِّقْ ثلاثًا، والقولُ قولُه في نِيَّتِه. قال القاضى: ونقَلَ عبدُ اللَّهِ عنِ أحمدَ ما يَدُلُّ على أنَّه إذا نَوَى واحدةً فهى واحدةٌ؛ لأنَّه نوْعُ تخْيِيرٍ، فيُرْجَعُ إلى نِيَّتِه فيه، كقوْلِه: اخْتارِى. ولَنا، أنَّه لفظٌ يَقْتَضِى العُمومَ في جميعِ أمْرِها؛ لأنَّه اسمُ جِنْس مُضافٌ، فيَتناولُ الطَّلَقاتِ الثَّلاثَ، كما لو قال: طَلِّقِى نفْسَكِ ما شِئْتِ. ولا يُقْبَلُ قولُه: أردْتُ (1) واحدةً. لأنَّه خِلافُ مُقْتَضَى اللَّفْظِ، [ولا يُدَيَّنُ](2) في هذا؛ لأنَّه مِن الكناياتِ الظَّاهرةِ، والكناياتُ الظَّاهرةُ تَقْتَضِى ثلاثًا.
(1) في الأصل: «أرادت» .
(2)
في م: «لا يبين» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الفصْلُ الثانى، أنَّه لا يتَقَيَّدُ بالمجلسِ، ويكونُ في يَدِها ما لم يَفْسَخْ أو يَطَأْ. وإنْ جعلَ أمْرَها في يَدِ غيرِها، فكذلك في الفصلِ الأَوَّلِ والثانى. وَوافقَ الشافعىُّ في أنَّه إذا جعلَه في يدِ غيرِها، أنَّه لا يتَقَيَّدُ بالمجْلِسِ؛ لأنَّه وَكيلٌ (1). وإذا قال له: جَعَلْتُ أمْرَ امرأتِى بيدِك (2) -أو- جَعَلْتُ لكَ الخِيارَ في طلاقِ امْرأتِى -أو- طَلِّقِ امْرأتِى (3). فالجميعُ سواءٌ في أنَّه لا يتَقَيَّدُ بالمجلسِ. وقال أصحابُ أبى حنيفةَ: ذلك مقْصُورٌ على المجلسِ؛ لأنَّه نَوْعُ تخْيِيرٍ، أشْبَهَ ما لو قال: اخْتارِى. ولَنا، أنَّه تَوْكيلٌ مُطْلَقٌ،
(1) كذا في النسختين، وفى المغنى 10/ 384:«توكيل» .
(2)
في م: «في يدك» .
(3)
سقط من: الأصل.