الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِنْ نَوَى بِقَوْلِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ. مِنْ وَثَاقٍ. أَوْ أَرَادَ أَنْ يَقُولَ: طَاهِرٌ.
ــ
المُنْذِرِ: أجْمَعَ كُلُّ مَن نَحْفَظُ عنه مِن أهلِ العلمِ، على (1) أنَّ جِدَّ الطَّلاقِ وهَزْلَه سواءٌ. رُوِىَ هذا عن عمرَ بنِ الخَطَّابِ، وابنِ مسعودٍ. ونحوُه عن عَطاءٍ، وعَبيدَةَ. وبه قال الشافعىُّ، وأبو عُبَيْدٍ. قال أبو عُبَيْدٍ: وهو قولُ سفيانَ، وأَهلِ العراقِ. فأمَّا لَفْظُ الفِرَاق والسَّراحِ، فيَنْبَنِى على الخِلافِ فيه؛ فمَن جعلَه صَرِيحًا أوْقعَ به الطَّلاقَ مِن غيرِ نيَّةٍ، ومَن جعلَه كِنايةً لم يُوقِعْ به الطَّلاقَ حتى يَنْوِيَه، ويكونُ بمَنْزلةِ الكِناياتِ الخَفِيَّةِ. فإن قال: أرَدْتُ بقَوْلِى: فارَقْتُكِ: أى بجِسْمِى، أو بقَلْبِى، أو بمَذْهَبِى، أو سَرَّحْتُكِ مِن يَدِى، أو شُغْلِى، أو مِن حَبْسِى، أو سَرَّحْتُ شعَرَكِ. قُبِلَ قوْلُه.
3446 - مسألة: (فَإنْ نَوَى بقَوْلِه: أنْتِ طَالِقٌ. مِن وَثَاقٍ. أو أراد
(1) في الأصل: «عن» .
فَسَبَقَ لِسَانُهُ، أَوْ أَرَادَ بِقَوْلِهِ: مُطَلَّقَة. مِنْ زَوْج كَانَ قَبْلَهُ، لَمْ تَطْلُقْ، وَإِذَا ادَّعَى ذَلِكَ دُيِّنَ، وَهَلْ يُقْبَل فِى الْحُكْمِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِى حَالِ الْغَضَبِ، أَوْ بَعْدَ سُؤالِهَا الطَّلَاقَ، فَلَا يُقْبَلُ.
ــ
أن يَقُولَ: طَاهِرٌ. فسَبَقَ لِسَانُه) [فقال: طالقٌ](1)(أَوْ أرَادَ) أنَّها (مُطَلَّقَة مِنْ زَوْجٍ كَانَ قَبْلَهُ، لَمْ تَطْلُقْ، فإنِ ادَّعَى ذلك، دُيِّنَ. وهَلْ يُقْبَلُ في الحُكْمِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْن، إلَّا أَنْ يَكُونَ فِى حَالِ الغَضَبِ، أَوْ بَعْدَ سُؤَالِها الطَّلاقَ، فَلَا يُقْبَلُ) إذا نَوَى بقولِه: أنتِ طالقٌ. مِن وَثاقٍ. أو قال: أرَدْتُ أن أقولَ: طَلَّبْتُكِ. فسَبَقَ لِسانِى فقلتُ: طَلَّقْتُكِ. أو نحو ذلك، دُيِّنَ فيما بينَه وبينَ اللَّهِ تعالى، فمتى عَلِمَ مِن نَفْسِه ذلك، لم يَقَعْ عليه فيما بينَه وبينَ رَبَّه. قال أبو بكرٍ: لا خِلافَ عن أبى عبدِ اللَّهِ، أنَّه إذا أرادَ أن يقولَ لزَوْجَتِه: اسْقِينى ماءً. فسبَقَ لسانُه فقال: أنتِ طالقٌ -أو- أنتِ حُرَّةٌ. أنَّه لا طَلاقَ فيه. ونقلَ ابنُ مَنْصُورٍ عنه، أنَّه سُئِلَ عن
(1) زيادة من: الأصل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
رجلٍ حَلَفَ، فجَرَىِ على لسانِه غيرُ ما في قلْبِه، فقال: أرْجو أن يكونَ (1) الأمرُ فيه واسِعًا. وهل تُقْبَلُ دَعْواه في الحُكْمِ؟ يُنْظَرُ؛ فإنْ كان في حال الغَضَبِ، أو سُؤالِها الطَّلاقَ، لم يُقْبَلْ في الحُكْمِ؛ لأن لَفْظَه ظَاهِرٌ في الطَّلاقِ، وقَرينةَ حالِه تدُلُّ عليه، فكانت دَعْواه مُخالِفةً للظَّاهرِ مِن وجْهَيْن، فلا تُقْبَلُ، وإن لم يكُنْ في هذه الحالِ، فظاهِرُ كلامِ أحمدَ، في روايةِ ابنِ مَنْصورٍ، وأبى الحارِثِ، أنَّه يُقْبَلُ قوْلُه. وهو قولُ جابرِ ابنِ زيدٍ، والشَّعْبِىِّ، والحَكَمِ. حَكَاه عنهم أبو حَفْصٍ؛ لأنَّه فَسَّرَ كلامَه بما يَحْتَمِلُه احْتِمالًا غيرَ بعيدٍ، فقُبِلَ، كما لو قال: أنتِ طالقٌ أنتِ طالقٌ. وقال: أردتُ بالثَّانيةِ إفْهامَها. وقال القاضى: فيه رِوَايتان -إحداهما، التى ذَكَرْناها- قال: وهى ظاهرُ كلامِ أحمدَ. والثانيةُ، لا يُقْبَلُ. وهو مذهبُ الشافعىِّ؛ لأنَّه خلافُ ما يَقْتَضِيَه الظَّاهِرُ في العُرْفِ، فلم يُقْبَلْ في الحُكْمِ، كما لو أقَرَّ بعشَرةٍ ثم قال: زُيُوفًا -أو- صِغارًا -أو- إلى شهرٍ. فأمَّا إن صَرَّحَ بذلك في اللَّفْظِ فقال: طَلَّقْتُكِ مِن وَثَاقِى. أو: فارَقْتُكِ بجِسْمِى. أو: سرَّحتُكِ مِن يَدِى. فلا شَكَّ في أنَّ الطَّلاقَ لا يقعُ؛ لأنَّ ما يتَّصِلُ بالكَلامِ يَصْرِفُه عن (2) مُقْتضاه، كالاسْتِثْناءِ
(1) في الأصل: «لا يكون» .
(2)
في الأصل: «على» .
وَفِيمَا إِذَا قَالَ: أَرَدْتُ أَنَّهَا مُطَلَّقَةٌ مِنْ زَوْجٍ قَبْلِى. وَجْهٌ ثَالِثٌ، أَنَّهُ يُقْبَلُ إنْ كَانَ وُجِدَ، وَإِلَّا فَلَا.
ــ
والشَّرْطِ. وذكَرَ أبو بكرٍ في قولِه: أنتِ مُطَلَّقَةٌ. [أنَّه إن](1) نَوَى أنَّها مُطَلَّقة طلاقًا ماضِيًا، أو (2) مِن زَوْجٍ كانَ قَبْلَه، لم يَكُنْ عليه شئٌ، وإنْ لم يَنْوِ شيئًا، فعلى قوْلَيْن؛ أحدُهما، يقَعُ. والثانى، لا يَقَعُ. وهذا مِن قولِه يَقْتَضِى أن تكونَ هذه اللَّفْظَةُ غيرَ صَرِيحةٍ في أحَدِ القَوْلَيْن. قال القاضى: والمنْصوصُ عن أحمدَ أنَّه صَرِيحٌ. وهو الصَّحِيحُ؛ لأَنَّ هذه مُتصَرِّفةٌ مِن لفظِ الطَّلاقِ، فكانتْ صَرِيحةً فيه، كقوْلِه: أنتِ طالقٌ (فإن قال: أرَدْتُ بقَوْلِى أنَّها مُطَلَّقةٌ مِن زَوْجٍ) كان (قَبْلِى) ففيهِ (وَجْهٌ ثالثٌ، أنَّه يُقْبَلُ إنْ كان وُجِدَ) لأَنَّ كلامَه يَحْتَمِلُه، ولا يُقْبَلُ إن لم يكُنْ وُجِدَ؛ لأنَّه لا يَحْتَمِلُه. وقد ذَكَرْنا في ذلك رِوايَتَيْن غيرَ هذا الوَجْهِ.
(1) في م: «إن هو» .
(2)
سقط من: م.