الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ سنَّةِ الطَّلَاقِ وَبِدْعَتِهِ
السُّنَّة فِى الطَّلَاقِ أَنْ يُطَلِّقَهَا وَاحِدَةً فِى طُهْرٍ لَمْ يُصِبْهَا فِيهِ، ثمَّ يَدَعَهَا حَتَّى تَنْقَضِىَ عِدَّتهَا.
ــ
بابُ سنَّةِ الطَّلاقِ وبدْعَتِهِ
(السُّنَّةُ في الطَّلاقِ أن يُطَلِّقَها واحدةً في طُهْرٍ لم يُصِبْها فيه، ثم يَدَعَها حتى تَنْقَضِىَ عِدَّتُها) يعنى بطلاقِ السُّنَّةِ الطَّلاقَ الذى وَافقَ أمرَ اللَّهِ سبحانه وتعالى وأمْرَ رَسولِه صلى الله عليه وسلم، في قولِه تعالى:{يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} (1). وفى حديثِ عبدِ اللَّهِ بنِ عمرَ، الذى ذكَرْناه (2). ولا خِلافَ في أنَّه إذا طَلَّقَها في طُهْرٍ لم يُصِبْها فيه واحدةً، ثم تَرَكَها حتى تَنْقَضىَ عِدَّتُها، أنَّه مُصِيبٌ للسُّنَّةِ مُطَلِّقٌ للعدَّةِ التى أمَرَ اللَّهُ بها. قاله (3) ابنُ عبدِ البَرِّ، وابنُ المُنْذِرِ.
(1) سورة الطلاق 1.
(2)
تقدم تخريجه في 2/ 391. وهو في سنن أبى داود 1/ 503، 504.
(3)
في الأصل: «قال» . وانظر: التمهيد 15/ 69.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قال ابنُ مسعودٍ: طَلاقُ السُّنَّةِ أن يُطَلِّقَها مِن غيرِ جماعٍ (1). وقال في قولِه تعالى: {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} . قال: طَاهِرًا مِن غيرِ جِمَاعٍ (2). ونحوُه عن ابنِ عباسٍ (3). وفى حديثِ ابنِ عمرَ الذى رَوَيْناه: «ليَتْرُكْهَا حَتَّى تَطْهُرَ، ثُمَّ تَحِيضَ، ثُمَّ تَطْهُرَ، ثُمَّ (4) إنْ شَاءَ أمْسَكَ، وإنْ شَاءَ طَلَّقَ قَبْلَ أَنْ يَمَسَّ، فَتِلْكَ الْعِدَّةُ الَّتِى أمَرَ اللَّه أَنْ يُطَلَّقَ لَهَا النِّسَاءُ» . وقولُه: ثم يدعَها حتى تَنْقَضِىَ عِدَّتُها. فمَعْناه أن لا يُتْبِعَها طَلاقًا آخَرَ قبلَ انْقِضاءِ عِدَّتِها، ولو طَلقَها ثَلاثًا في ثَلاثةِ أطْهارٍ، كان حُكْمُ ذلك حُكْمَ جَمْعِ الثَّلاثِ في طُهْرٍ واحدٍ. قال أحمدُ: طلاقُ السُّنَّةِ واحدةٌ، ثم يَتْرُكُها حتى تَحِيضَ ثلاثَ حِيَضٍ. وكذلك قال مالكٌ، والأوْزاعِىُّ، والشافعىُّ، وأبو عُبَيْدٍ. وقال أبو حنيفةَ، والثَّوْرِىُّ: السُّنَّةُ أَنْ يُطَلِّقَها ثلاثًا، في كُلِّ قَرْءٍ طَلْقَةٌ. وهو قولُ سائِرِ الكُوفِيِّينَ، واحْتَجُّوا بحديثِ ابنٍ عمرَ، حين قال له النبىُّ صلى الله عليه وسلم:«رَاجعْهَا، ثُمَّ أمْسِكْهَا حَتَّى تَطْهُرَ، ثُمَّ تحِيضَ، ثُمَّ تَطْهُرَ» . قالوا: وإنَّما أَمَرَه بإمْساكِها في هذا الطُّهْرِ؛
(1) أخرجه النسائى، في: باب طلاق السنة، من كتاب الطلاق. المجتبى 6/ 114. وابن ماجه، في: باب طلاق السنة، من كتاب الطلاق. سنن ابن ماجه 1/ 651. وسعيد بن منصور، في: سننه 1/ 260.
(2)
أخرجه عبد الرزاق، في: المصنف 6/ 303. وابن أبى شيبة، في: المصنف 5/ 1. والبيهقى، في: السنن الكبرى 7/ 325. وابن جرير، في: تفسيره 28/ 129.
(3)
أخرجه الدارقطنى، في: كتاب الطلاق والخلع والإيلاء وغيره. سنن الدارقطنى 4/ 13، 14. وابن جرير في الموضع السابق.
(4)
سقط من: الأصل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
لأنَّه لم يَفْصِلْ بينَه وبينَ الطَّلاقِ طُهْرٌ كاملٌ، فإذا مَضَى ومَضَتِ الحَيْضَةُ التى بعدَه، أمرَه بطَلاقِها. وقولِه في حدِيثِه الآخَرِ:«والسُّنَّةُ أَنْ تَسْتَقْبِلَ الطُّهْرَ، فَتُطَلِّقَ لِكُلِّ قَرْءٍ» (1). ورَوَى النَّسَائِىُّ (2) بإسْنادِه عن عبدِ اللَّهِ، قال: طلاقُ السُّنَّةِ أن يُطَلِّقَها تطليقةً وهى طاهرٌ في غيرِ جِماعٍ، فإذا حاضَتْ وَطَهُرَتْ، طَلَّقَها أُخْرَى، فإذا حاضَتْ وطَهُرَتْ، طَلَّقَها أُخْرَى، ثُمَّ تَعْتَدُّ بعدَ ذلك بِحَيْضَةٍ (3). ولَنا، ما رُوِى عن علىٍّ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، أنَّه قال: لا يُطَلِّقُ أحَدٌ للسُّنَّةِ فيَنْدَمُ. رَوَاه الأَثْرَمُ (4). وهذا لا يَحْصُلُ إلَّا في حَقِّ مَن لم يُطَلِّقْ ثَلاثًا. وقال ابنُ سِيرِينَ: إنَّ عليًّا، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَه، قال: لو أنَّ النَّاسَ أخَذُوا بما أمَرَ اللَّهُ مِنَ الطَّلاقِ، ما يُتْبِعُ رجلٌ نَفْسَه امرأةً أبدًا، يُطَلِّقُها تطليقةً، ثم يَدَعُها ما بينَها وبينَ أن تحِيضَ ثلاثًا، فمتى شاءَ رَاجَعَها. رَواه النَّجَّادُ (5) بإسْنادِه. ورَوَى ابنُ عبدِ البَرِّ (6) عن ابنِ مسعودٍ أنَّه قال: طلاقُ السُّنَّةِ أن يُطَلِّقَها وهى طاهِرٌ، ثم يَدَعَها حتى تَنْقَضِىَ عِدَّتُها، أو يُراجِعَها إنْ شاء. فأمَّا حديثُ ابنِ عمرَ الأَوَّلُ، فلا حُجَّةَ لهم فيه، لأنَّه ليس فيه جمعُ الثَّلاثِ، وأمَّا حديثُه الآخرُ، فيَحْتَمِلُ أن يكونَ ذلك بعدَ ارْتِجَاعِهاِ، ومتى ارْتَجَعَ
(1) تقدم تخريجه في صفحة 132.
(2)
في: باب طلاق السنة، من كتاب الطلاق. المجتبى 6/ 114.
(3)
سقط من: م.
(4)
أخرجه ابن أبى شيبة، في: المصنف 5/ 3. والبيهقى، في: السنن الكبرى 7/ 325.
(5)
في م: «البخارى» . وأخرجه ابن أبى شيبة، في: المصنف 5/ 4.
(6)
في: التمهيد 15/ 74.