الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِنْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ ماءَ هَذَا النَّهْرِ، فَضَرِبَ مِنْهُ، حَنِث.
ــ
3621 - مسألة: (وإن حَلَفَ لا يَشْرَبُ مَاءَ هذا النَّهْرِ، فَشَرِبَ مِنه، حَنِثَ)
وَجْهًا وَاحِدًا؛ لأنَّ فِعْلَ الجميعِ مُمْتَنِعٌ، فلا تَنْصرِفُ يَمِينه إليه، وكذلك إن قال: واللهِ لا آكُلُ الخُبْزَ، ولا أشْرَث الماءَ. وما أشْبَهَهُ ممّا علَّقَ على اسْمِ جِنْس، أو عَلَّقَه على اسمِ جَمْعٍ؛ كالمُسْلِمِين، والمشْرِكين، والفُقَراءِ، والمساكينِ، فإنَّه يَحْنَثُ بالبَعْضِ. وبهذا قال أبو حنيفةَ، وسَلَّمَه أصحاب الشافعيِّ في اسْمِ الجِنْسِ دُونَ الجَمْعِ. وسواءٌ عَلقه على اسْمِ جِنْس مُضافٍ، كقولِه: واللهِ لا شَرِبْتُ ماءَ هذا النَّهْرِ. أو قال: والله لِا شَرِبْتُ الماءَ. وهو قولُ أبي حنيفةَ، وأحدُ الوَجْهَينِ لأصْحابِ الشافعيِّ. والوَجْه الآخر، لا يَحْنَثُ؛ لأنَّ لَفْظَه يَقْتَضِي جَمِيعَه، فلم يَحْنَثْ بفِعْلِ بَعْضِه، كالإدَاوَةِ. ولَنا، أنَّه لا (1) يمْكِن شُرْبُ جَمِيعِه، فتَعلَّقَتْ يَمِينه ببَعْضِه، كما لو حَلَفَ لا يكَلِّمُ النَّاسَ، فكَلَّمَ بعْضَهم، وبهذا فارَقَ ماءَ الإدَاوَةِ. فإن نَوَى بيَمِينه فِعْلَ الجميعِ، أو (2) كان في لَفْظِه ما يَقْتَضِي ذلك، لم يَحْنَثْ إلَّا بفِعْلِ الجميعِ، بلا خِلافٍ، فلو قال: لا صُمْت يومًا. أو: لا صَلَّيتُ صلاةً. أو: لا أَكَلْتُ رَغِيفًا. أو قال لزَوْجَتِه: إن حِضْتِ حَيضَةً. فهذا وشِبْهُه ممَّا يدل على إرادَةِ
(1) سقط من: الأصل.
(2)
في م: «و» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الجميعِ، فوجبَ تَعَلُّقُ اليَمِينِ به.
فصل: إذا حَلَف: لا شَرِبْتُ مِن ماءِ الفُراتِ. فشَرِبَ مِن مائِه، حَنِثَ، سواءٌ كَرَعَ (1) فيه، أو اغْتَرَفَ منه ثم شَرِبَه. وبه قال الشافعيُّ، وأبو يوسفَ، ومحمدٌ. وقال أبو حنيفةَ: لا يَحْنَثُ حتى يَكْرَعَ فيه؛ لأنَّ حَقِيقة ذلك الكَرْعُ، فلم يَحْنَث بغَيرِه، كما لو حَلَفَ لا يَشْرَبُ مِن هذا الإِنَاءِ، فصَبّ منه في غيرِه وشَرِبَ. ولَنا، أنَّ مَعْنى يَمِينه أن لا يَشْرَبَ مِن ماءِ الفُراتِ؛ لأنَّ الشرْبَ يكونُ مِن مائِها لا منها في العُرفِ (2)، فحُمِلَتِ اليَمِينُ عليه، كما لو حَلَفَ: لا شَرِبْتُ مِن هذا البِئْرِ، ولا أكَلْتُ مِن هذه الشَّجرَةِ، ولا شَرِبْتُ مِن هذه الشَّاةِ. ويُفارِقُ الكُوزَ؛ فإنَّ الشُّرْبَ في العُرْفِ (2) منه؛ لأَنه آلة للشرْب، بخلافِ النَّهْرِ، وما ذَكَرُوه يَبْطُلُ بالبِئْرِ والشاةِ والشجَرةِ، وقد سَلَّمُوا أَنه لو اسْتَقَى (3) مِن البِئْرِ، أو حَلَبَ لبنَ الشَّاةِ، أو الْتَقَطَ مِن الشَّجَرَةِ، فشَرِبَ وأكَلَ، أَنه يَحْنَثُ، فكذا في مسْألتِنا.
فصل: وإن حَلَفَ لا يَشْرَبُ مِن ماءِ الفُراتِ، فشَرِبَ مِن نَهْر يَأخُذُ منه، حَنثَ؛ لأنه مِن ماءِ الفُراتِ. وإن حَلَفَ لا يَشْرَبُ مِن الفُراتِ، فشَرِبَ مِن نَهْر يأخُذُ منه، ففيه وَجْهانِ؛ أحدُهما، يَحْنَثُ؛ لأن مَعْنَى
(1) كرع في الماء: تناوله بفيه من موضعه، من غير أن يشرب بكفيه ولا بإناء.
(2)
في الأصل: «الغرف» .
(3)
في م: «استسقى» .