الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإنْ قَال: مَنْ أخْبَرَتْنِي بِقُدُومِهِ فَهِيَ طَالِق. فَكَذَلِكَ عِنْدَ الْقَاضِي. وَعِنْدَ أبِي الْخَطَّابِ تَطْلُقَانِ.
ــ
فإن كانتِ الثانيةُ هي الصادقةَ، طَلقَتْ وحدَها؛ لأن السُّرورَ إنَّما حصَل بخَبَرِها، هذا إذا أخْبَرَتْه إحْدَاهما بعدَ الأخْرَى، وإن بَشرَه بذلك اثْنَتانِ، أو ثلاث، أو أرْبعٌ دَفْعةً واحدةً، طَلُقْنِ كُلهنَّ؛ لأنَّ «مَنْ» تَقَعَ على الواحدَةِ (1) فما زادَ، قال الله تعالى:{فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَال ذَرَّةٍ خَيرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَال ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (8)} (2). وقال: {وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَينِ} (3).
3615 - مسألة: (وإنْ قَال: مَنْ أخْبَرَتْنِي بِقُدُومِه فَهِيَ طالق. فكذلك عندَ القاضي)
تَطْلُقُ المُخْبرَةُ الأولَى إن كانتِ صادِقةً، وإن كانت كاذبةً، احْتَمَلَ أن (4) تَطْلُقَ؛ [لأَن الخبرَ ما يدخلُه الصدْقُ والكَذِبُ. اخْتَاره أبو الخَطابِ. ويَحْتَملُ أن لا تَطْلُقَ](5). وهو ظاهرُ كلامِ
(1) في م: «الواحد» .
(2)
سورة الزلزلة 7، 8.
(3)
سورة الأحزاب 31.
(4)
بعده في م: «لا» .
(5)
سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
القاضي، لأنَّ الظَّاهِرَ مِن حالِه أنَّه أرادَ: مَن أعْلَمَتْنِي. ولا يحْصُلُ إلَّا بالصِّدْق، ولذلك لو قال: مَن بَشَّرَتْنِي بقُدومِه فهي طالق. لم تَطْلُقِ الكاذِبَةُ، وإن كان السُّرورُ يحْصُلُ [به عندَه](1) إذا جَهِل كَذِبهَا. وإن أخْبَرَتْه أخْرَى، طَلُقَتْ في قولِ أبي الخَطَّابِ؛ لأنها مُخْبِرَة، ولم تَطْلُقْ عندَ القاضي الثاثيةُ ولا الكاذبةُ، كالبِشارةِ سواءً.
فصل: إذا قال: أولُ مَن يَقومُ مِنكُنَّ فهي طالق. أو قال لِعَبيدِه: أوَّلُ مَن قَامَ مِنْكم فهو حُر. فقامَ الكُلُّ دَفْعةً واحدةً، لم يَقَعْ طلاق ولا عِتْق، لأنَّه لا أولَ فيهم. وإن قامَ واحد أو واحدة، ولم يَقُمْ بعدَه أحدٌ، احْتَمَلَ وَجْهَينِ، أحدُهما، يقَعُ الطَّلاق أو العِتْقُ؛ لأن الأوَّلَ [ما لم يَسْبقْه شيء، وهذا كذلك. والثاني، لا يَقَعُ طلاق ولا عِتْق؛ لأنَّ الأوَّل](2) ما كان بعدَه شيء، ولم يُوجَدْ. فعلى هذا، لا يُحْكَم بوُقوعِ ذلك ولا انْتفائِه، حتى يَيئَسَ مِن قيامِ أحدٍ منهم بعدَه، فَتَنْحَل يَمِينُه. وإن قامَ اثْنانِ أو ثلاثة دَفْعَةً واحدةً، وقامَ بعدَهم آخَرُ، وَقَعَ الطَّلاقُ والعِتْقُ بمَنْ قامَ في الأوَّلِ؛ لوُقُوعِه على القَليلِ والكثيرِ، قال اللهُ
(1) سقط من: م.
(2)
سقط من: الأصل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
تعالى: {وَلَا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ} (1). وحُكِيَ عن القاضي في مَن قال: أوَّل مَنْ يَدْخُلُ مِن عَبيدِي فهو حُر. فدخلَ اثْنانِ دَفْعةً واحدةً، ثم دخلَ بعدَهم آخَرُ، لم يَعْتِقْ واحد منهم. وهذا بعيدٌ؛ فإنَّه قد دخلَ بعضُهم بعدَ بعض، ولا أوَّلَ فيهم، وهذا لا يَسْتقيمُ إلَّا أن يَكونَ قال: أوَّلُ مَن يَدخلُ منكم وَحْدَه. ولم يَدخلْ بعدَ الثَّالثِ أحدٌ، فإنَّه لو دخل بعدَ الثَّالثِ أحدٌ، عَتَقَ الثالثُ (2)، لكَوْنِه أوَّلَ مَنْ دخَلَ وحدَه، وإذا لم يَقُلْ: وحدَه. فإنَّ لفظَةَ الأوَّلِ تَتَناولُ الجماعةَ كما ذَكَرْنا، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:«أوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ فُقَرَاءُ المُهَاجِرِينَ» (3). ولو قال: آخِرُ مَن يدْخلُ مِنكُنَّ الدَّارَ فهي طالق. فدخلَ بعضُهُنَّ، لم يُحْكَمْ بطلاقِ
(1) سورة البقرة 41.
(2)
سقط من: م.
(3)
بنحو هذا اللفظ أخرجه البزار، انظر: كشف الأستار 4/ 256، 257. وأبو نعيم، في: حلية الأولياء 1/ 347. وبلفظ: «إن أول ثلة تدخل الجنة لفقراء المهاجرين. . . .» . أخرجه الإمام أحمد، في: المسند 2/ 168.كما أخرجه الإمام أحمد، في الموضع السابق بلفظ: «. . . . الفقراء والمهاجرون. . . .». كلهم من حديث عبد الله بن عمرو، وصحح إسناده الشيخ أحمد شاكر، وانظر كلامه على الرواية الأخيرة، في: شرح المسند 10/ 76، 78.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
واحدةٍ مِنْهُنَّ حتى يُيئَسَ مِن دُخولِ غيرِها بمَوْتِه، أو مَوْتِهنَّ، أو غيرِ ذلك، فيَتَبَيَّنُ وُقوعُ الطلاقِ بآخرِهنَّ دُخولًا مِن حينَ دخلتْ، وكذلك الحُكْمُ في العِتْقِ.
فصل: إذا قال: إنْ دخلَ دارِي أحد فامْرَأتِي طالق. فدَخَلَها هو. أو قال لإنسانٍ: إن دخَلَ دَارَك أحد فعَبْدِي حُر. فدَخَلَها صاحِبُها، فقال القاضِي: لا يَحْنَثُ؛ لأن قرِينَةَ حالِ المُتَكَلِّمِ تدُلُّ على أنَّه إنَّما حَلَفَ على غيرِه، وتَمْنَعُ مَنْ سِوَاهُ، فيخْرُجُ هو مِن العُمُوم بالقَرينةِ، ويَخْرُجُ المُخاطَبُ مِن اليمينِ بها (1) أيضًا. ويَحْتَمِلُ الحِنْثَ أخَذًا بعُمُومِ اللَّفْظِ، وإعْراضًا عن السَّبَبِ.
(1) سقط من: م.