الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ:
إِذَا قَالَ: إِنْ أعْطَيْتِنِى. أَوْ: إِذَا أعْطَيْتِنِى. أَوْ: مَتَى أعْطَيْتِنِى ألْفًا، فَانْتِ طَالِقٌ. كَانَ عَلَى التَّرَاخِى، أَىَّ وَقْتٍ أعْطَتْهُ
ــ
العَطِيَّةَ وُجِدَتْ، فإنَّه يُقالُ: أعْطيْتُه فلم يَأْخُذْ. ولأنَّه علَّقَ اليمنَ على فِعْلٍ مِن جِهَتِها، والذى مِن جِهَتِها في العَطِيَّةِ البَذْلُ على وَجْهٍ يُمْكِنُه قبْضُه. فإن هربَ الزَّوجُ أو غابَ قبلَ عَطيَّتِها، أو قالت: يَضْمَنُه لك زيدٌ. أو: اجْعَلْه قِصاصًا بما لى عليك. أو أعْطَتْه به رَهْنًا، أو أحالَتْه به، لم يقَعِ الطَّلاقُ، لأَنَّ العَطِيَّةَ ما وُجِدَتْ، ولا يقَعُ الطَّلاقُ بدُونِ شَرْطِه. وكذلك كلُّ مَوْضعٍ تعَذَّرَتِ العَطِيَّةُ فيه، لا يَقعُ الطَّلاقُ، سواءٌ كان التَّعَذُّرُ مِن جِهَتِه أو مِن جِهَتِها، أو مِن جِهَةِ غيرِهما (1)، لانْتِفاءِ الشَّرْطِ. ولو قالت: طلِّقْنِى بألْفٍ. فطَلَّقَها، اسْتَحَقَّ الألْفَ، وبانَتْ وإن لم يَقْبِضْ. نَصَّ عليه أحمدُ. قال أحمدُ: ولو قالتْ: لا أُعْطِيكَ شيئًا. يَأْخُذُها بالألْفِ. يَعْنِى ويقَعُ الطَّلاقُ، لأَنَّ هذا ليس بتَعْليقٍ على شَرْطٍ، بخلافِ الأوَّلِ.
فَصل: قال الشَّيْخُ، رحمه الله:(وإن، قال: إن أَعْطَيْتِنِى. أو: إذا أَعْطَيْتِنِى. أو: متى أَعْطَيْتِنِى ألْفًا، فأنتِ طالقٌ. كان على التَّراخِى، أَىَّ وَقْتٍ أَعْطَتْهُ ألْفًا طَلُقَتْ) وجملةُ ذلك، أنَّ تعْليقَ الطَّلاقِ على
(1) في م: «غيرها» .
أَلْفًا طَلُقَتْ.
ــ
شَرْطِ العَطِيَّةِ، أو الضَّمانِ، أو التَّمْليكِ، لازِمٌ مِن جِهَةِ الزَّوجِ لُزومًا لا سبيلَ إلى رَفْعِه؛ فإنَّ المُغَلَّبَ فيها حُكْمُ التَّعْليقِ المَحْضِ؛ بدليلِ صِحَّةِ تعْليقِه على الشُّروطِ. ويقَعُ الطَّلاقُ بوُجودِ الشَّرطِ، سواءٌ كانتِ العَطِيَّة على الفَوْرِ أو التَّراخِى. وقال الشافعىُّ: إذا قال: متَى أعْطَيْتِنِى -أو- متَى ما أعْطَيْتِنِى -أو- أىَّ حينٍ -أو- أىَّ زمانٍ أعْطَيْتِنى ألْفًا، فأنتِ طالقٌ. كان على التَّراخِى، وإن قال: إن أعْطَيْتِنى -أو- إذا أعْطَيْتِنى ألْفًا، فأنتِ طالقٌ. كان على الفَوْرِ، فإن أعْطَتْه جَوابًا لكَلامِه، وقعَ الطَّلاقُ، وإن تأَخَّرَ الإعْطاءُ لمِ يقَعِ الطَّلاقُ؛ لأَنَّ قَبُولَ المعاوَضاتِ على الفَوْرِ، فإذا لم يُوجَدْ منه تَصْريحٌ بخلافِه، وجبَ حَمْلُ ذلك على المُعاوَضاتِ، بخلافِ «متى» و «أىّ» ، فإنَّ فيها تَصْريحًا بالتَّراخِى،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ونَصًّا فيه، وإن صارَا مُعاوَضَةً، فإنَّ تعْليقَه بالصِّفَةِ جائز، أمَّا «إن» و «إذا» ، فإنَّهما يَحْتَمِلان (1) الفَوْرَ والتَّراخِىَ، فإذا تعَلَّقَ بهما العِوَضُ حُمِلَا على الفَوْرِ. ولَنا، أنَّه علَّق الطَّلاقَ بشَرْطِ الإِعْطاءِ، فكان على التَّراخِى، كسائرِ التَّعْليقِ. أو نقولُ: علَّقَ الطَّلاقَ بلَفْط مُقْتَضاه التَّراخِىَ، فكان على التَّراخِى، كما لو خَلا عنِ العِوَضِ، والدَّليلُ على أنَّه يَقْتَضِى التَّراخِىَ، أنَّه يَقْتَضِيهِ إذا خلا عن العِوَضِ، ومُقْتَضَيات الألفاظِ لا تَخْتَلِفُ بالعِوَضِ وعدَمِه، وهذه المُعاوَضَةُ معْدولٌ بها عن سائرِ المُعاوَضاتِ؛ بدليلِ جَوازِ تعلِيقِها على الشُّروطِ، ويكون على التَّراخِى فيما إذا عَلَّقَها بـ «متى» أو بـ «أىّ» ، فكذلك في مسْألَتِنا، ولا يصِحُّ قياسُ ما نحن فيه على غيرِه مِنَ المُعاوَضاتِ؛ لِما ذكَرْنا مِن الفَرْقِ، ثم يَبْطُلُ قِياسُهم بقَوْلِ السَّيِّدِ لعبدِه: إن أعْطَيْتَنى ألْفًا فأنتَ حُرٌّ. فإنَّه كمَسْألَتِنا، وهو على التَّراخِى، على أنَّنا قد ذكَرْنا أنَّ حُكْمَ [هذا الشرطِ](2) حُكْمُ اللَّفْظِ المُطْلَقِ.
(1) في م: «يحملان على» .
(2)
في م: «هذه الشروط» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: وإذا قال لامْرأتِه: أنتِ طالقٌ بألْفٍ إن شِئْتِ. لم تَطْلُقْ حتى تشاءَ، فإذا شاءتْ وقَع الطَّلاقُ بائِنًا، ويَسْتَحِقُّ الألْفَ، سواءٌ سألَتْه الطَّلاقَ فقالتْ: طَلِّقْنِى بألْفٍ. فأجابَها، أو قال ذلك لها ابْتداءً؛ لأنَّه علَّقَ طلاقَها على شَرْطٍ، فلم يُوجَدْ قبلَ وُجودِه. وتُعْتَبَرُ مَشِيئَتُها بالقولِ، فإنَّها وإن كان مَحَلُّها القلبَ، فلا يُعْرَفُ ما في القلبِ إلَّا بالنُّطْقِ (1)، فتَعَلَّقَ الحُكْمُ به، ويكونُ ذلك على التَّراخِى، فمتى شاءتْ طَلُقَتْ. نصَّ عليه أحمدُ. ومذهبُ الشَّافعىِّ كذلك، إلَّا أنَّه على الفَوْرِ عندَه. ولو أنَّه قال لامْرأتِه: أمْرُكِ بيَدِكِ إن ضَمِنْتِ لى ألْفًا. فقياسُ قولِ أحمدَ أنَّه على التَّراخِى؛ [لأنَّه نصَّ على أنّ: أمْركِ بيَدِكِ، على التَّراخِى](2)، ونَصَّ على أنَّه إذا قال لها: أنتِ طالقٌ إن شئْتِ. أنَّ لها المَشِيئةَ بعدَ مَجْلِسِها. ومذهبُ الشافعىِّ أنَّه (3) على الفَوْرِ؛ لِما تقَدَّمَ. ولَنا، أنَّه لو قال لعبدِه: إن ضَمِنْتَ لى ألْفًا فأنتَ حُرٌّ. كان على التَّراخِى. ولو قال له: أنتَ حُرٌّ على أَلْفٍ إن شِئْتَ. كان على التَّراخِى، والطَّلاقُ نظيرُ العِتْقِ. فعلى هذا، متى ضَمِنَتْ له ألْفًا كان أمْرُها بيَدِها، وله الرُّجوعُ فيما (4) جعَل إليها؛
(1) في الأصل: «بالتطلق» .
(2)
سقط من: الأصل.
(3)
سقط من: م.
(4)
في م: «بما» .