الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَإِذَا قَالَ: أَنْتِ الطَّلَاقُ. أَو: الطَّلَاقُ لِى لَازِمٌ. وَنَوَى الثَّلَاثَ، طَلُقَتْ ثَلَاثًا،
ــ
حُرًّا ونِصْفُه عبدًا، يَتَزَوَّجُ ثلاثًا، ويُطَلِّقُ ثلاثَ تَطْلِيقاتٍ، وكذلك كلُّ ما تَجَزَّأَ (1) بالحِسابِ. وإنَّما جَعَلَ له نِكاحَ ثلاثٍ؛ لأَنَّ عَدَدَ المنْكُوحاتِ يتَبَعَّضُ، فوَجَبَ أن يَتَبَعَّضَ في حَقِّه، كالحَدِّ، فلذلك (2) كان له أن يَنْكِحَ نِصْف ما يَنْكِحُ [الحُرُّ ونِصْفَ ما يَنْكِحُ](3) العبدُ، وذلك ثلاثٌ. وأمَّا الطَّلاقُ فلا تُمْكِنُ قِسْمَتُه في حَقِّه؛ لأَنَّ مُقْتَضَى حالِه أن يكونَ له ثلاثةُ أرْباعِ الطَّلاقِ، وليس له ثلاثةُ أرْباعٍ، فكَمَلَ في حَقِّه، ولأَنَّ الأَصْلَ إثْبَاتُ الطَّلَقاتِ الثَّلاثِ في حَقِّ كُلِّ مُطَلِّقٍ، وإنَّما خُولِفَ في حَقِّ مَن كَمَلَ الرِّقُّ فيه، ففيما عَداهُ يَبْقَى على الأَصْلِ.
3477 - مسألة: (فإذا قال: أنْتِ الطَّلاقُ. أو: الطَّلاقُ لِى لازِمٌ. ونَوَى الثَّلاثَ، طَلُقَتْ ثَلاثًا)
قال القاضى: لا تَخْتَلِفُ الرِّوايةُ عن أحمدَ، في مَن قال لامرأتِه: أنتِ الطَّلاقُ. أنَّه يَقَعُ به (4)، نَوَاه أو لم
(1) في النسختين: «يجرى» . وانظر المغنى 10/ 535.
(2)
في م: «فكذلك» .
(3)
سقط من: م.
(4)
سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
يَنْوِه. وبهذا قال أبو حنيفةَ، ومالكٌ. ولأصْحابِ الشافعىِّ وَجْهانِ؛ أحدُهما، أنَّه غيرُ صَرِيحٍ؛ لأنَّه مصْدرٌ، والأعْيانُ لا تُوصَف بالمصادِرِ إلَّا مَجازًا. ولَنا، أنَّ الطَّلاقَ لفظٌ صريحٌ، فلم يفْتَقِرْ إلى نِيَّةٍ، كالمُتَصرِّفِ منه (1)، وهو مُسْتَعْملٌ في عُرْفِهم، قال الشَّاعرُ (2):
أنَوَّهْتِ باسْمِىَ في العالَمِينَ
…
وأفْنَيْتِ عُمْرِىَ عامًا فعامَا
فأنتِ الطَّلاقُ وأنتِ الطَّلاقُ
…
وأنتِ الطَّلاقُ ثلاثًا تَمامَا
قولُهم: إنَّه مَجازٌ. قُلْنا: نعم، إلَّا أنَّه يَتَعَيَّنُ (3) حمْلُه على الحقيقةِ، ولا مَحْمَلَ له يَظهرُ سِوَى هذا المحْمَلِ، فَتَعَيَّنَ فيه. إذا ثَبَتَ ذلك، فإنَّه إذا قال: أنتِ الطَّلاقُ. أو: الطَّلاقُ لى لازِمٌ. أو: الطَّلاقُ يَلْزَمُنِى. أو: علىَّ الطَّلاقُ. فهو بِمَثابةِ قوْلِه: الطَّلاقُ يَلْزَمُنِى؛ لأَنَّ مَن يَلْزَمُه شئٌ يَضُرُّه، فهو عليه كالدَّيْنِ، وقد اشْتَهَرَ اسْتِعمالُ هذا في إيقاعِ الطَّلاقِ، فهو صَرِيحٌ؛ فإنَّه يُقال لمَنْ وقَعَ طَلاقُه: لَزِمَه الطَّلاقُ. وقالوا: إذا عَقَلَ الصَّبِىُّ الطَّلاقَ، فطَلَّقَ لَزِمَه. ولعَلَّهم أرادُوا: لَزِمَه حُكْمُه. فحَذَفُوا المُضافَ، وأقامُوا المُضافَ إليه مُقامَه، ثم اشْتَهَرَ ذلك حتى صارَ مِن الأسْماءِ العُرْفِيَّةِ، وانْغَمَرتِ الحقيقةُ فيه. ويَقعُ ما نَوَاه مِن (1) واحدةٍ أو اثْنَتَيْنِ أو ثلاثٍ.
(1) سقط من: م.
(2)
نسبهما ابن قتيبة إلى أعرابى قالهما في امرأته. عيون الأخبار 4/ 127.
(3)
في النسختين: «يتعذر» والمثبت من المغنى 10/ 359.