الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ فِيمَا تُخَالِفُ بِهِ الْمَدْخُولُ بِهَا غَيْرَهَا
إِذَا قَالَ لمَدْخُولٍ بِهَا: أَنْتِ طَالِقٌ، أَنْتِ طَالِقٌ. طَلُقَتْ طَلْقَتَيْنِ، إِلَّا أَنْ يَنْوِىَ بِالثَّانِيَةِ التَّأْكِيدَ أَوْ إِفِهَامَهَا.
ــ
فصل فيما تُخالِفُ به المَدْخولُ بها غيرَها
3496 - مسألة: (إذا قال لمَدْخُولٍ بِها: أنتِ طالِقٌ، أنْتِ طَالِقٌ. طَلُقَتْ طَلْقَتَيْنِ، إلَّا أَنْ يَنْوِىَ بالثَّانِيَةِ التَّأْكِيدَ أَوْ إفْهَامَهَا)
إذا قال لامرأتِه المدْخولِ بها: أنْتِ طالقٌ. مَرَّتَيْنِ. ونَوَى بالثَّانيةِ إيِقاعَ طَلْقةٍ ثانيةٍ، وقَعَتْ بها طَلْقَتانِ بلا خلافٍ، وإن نَوَى بها إفْهامَها أنَّ الأُولَى قد وَقَعَت بها، أو التَّأْكِيدَ، لم تَطْلُقْ إلَّا واحدةً، وإن لم تَكُنْ له نيَّةٌ وقعَتْ طَلْقتانِ. وبه قال أبو حنيفةَ، ومالكٌ. وهو الصَّحيحُ مِن قَوْلَى (1) الشافعىِّ. وقال في الآخَرِ: تَطْلُقُ واحدةً؛ لأَنَّ التَّكْرارَ يكونُ للتَّأْكِيدِ والإِفْهامِ، ويَحْتَمِلُ الإِيقاعَ، فلا نُوقِعُ طَلْقةً بالشَّكِّ. ولَنا، أنَّ هذا اللَّفْظَ للإِيقاعِ، ويَقْتَضِى الوُقوعَ، بدليلِ ما لو لم (2) يَتَقدَّمْه مثلُه، وإنَّما يَنْصَرِفُ عن ذلك بنيَّةِ
(1) في الأصل: «قول» .
(2)
سقط من النسختين، وانظر المغنى 10/ 490.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
التَّأْكِيدِ والإِفْهامِ، فإذا لم يُوجَدْ ذلك وقَعَ مُقْتضاهُ، كما يجبُ العَمَلُ (1) بالعُمومِ في العامِّ إذا لم يُوجَدِ المُخَصِّصُ، وبالإِطْلاقِ في المُطْلَقِ إذا لم يُوجَدِ المُقَيِّدُ. فأمَّا غيرُ المدْخولِ بها، فلا تَطْلُقُ إلَّا واحدةً، سَواءٌ نَوَى الإِيقاعَ أو غيرَه، وسَواءٌ قال ذلك مُنْفَصِلًا أو مُتَّصِلًا. وهذا قولُ عِكْرِمَةَ، والنَّخَعِىِّ، وحَمَّادِ بنِ أبى سليمانَ، والحَكَمِ، والثَّوْرِىِّ، والشافعىِّ، وأصْحابِ الرَّأْى، وأبى عُبَيْدٍ، وابنِ المُنْذِرِ. وذكَرَه الحَكَمُ (2) عن علىٍّ، وزيدِ بنِ ثابتٍ، وابنِ مسعودٍ. وقال مالكٍ، والأوْزاعِىُّ، واللَّيْثُ: يقَعُ بها طَلْقَتانِ، وإن قال ذلك ثلاثًا، طَلُقَتْ ثلاثًا، إذا كان مُتَّصِلًا؛ لأنَّه طَلَّقَ ثلاثًا بكَلامٍ مُتَّصِلٍ، أشْبَهَ قولَه: أنتِ طالقٌ ثلاثًا. ولَنا، أنَّه طَلاقٌ مُفَرَّقٌ في غيرِ المدْخولِ بها، فلم يَقَعْ إلَّا
(1) بعده في الأصل: «به» .
(2)
في م: «الحاكم» . وانظر: مصنف ابن أبى شيبة 5/ 24.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الأُولَى، كما لو فَرَّقَ كلامَه، ولأَنَّ غيرَ المدْخُولِ بها تَبينُ بطَلْقَةٍ؛ لأنَّه لا عِدَّةَ عليها، فتُصادِفُها الطَّلْقَةُ الثَّانيةُ بائنًا، فلا يَقَعُ الطَّلاقُ بها؛ لأنَّها غيرُ زَوْجةٍ، ولأنَّه قولُ مَن سَمَّيْنا مِن الصَّحابةِ، ولا نَعْلَمُ لهم مُخالفًا في عَصْرِهم، فيكونُ إجْماعًا.
فصل: فأمَّا إن قال: أنتِ طالقٌ. ثم مَضَى زمنٌ طويلٌ، ثم أعادَ ذلك للمَدْخولِ بها، طَلُقَتْ ثانيةً، ولم يُقْبَلْ قولُه: نوَيْتُ التَّوْكِيدَ. لأَنَّ التَّوْكِيدَ تابعٌ للكلامِ، فشَرْطُه أن يكونَ مُتَّصِلًا به، كسائرِ التَّوابعِ؛ مِن العطْفِ والصِّفَةِ والبَدَلِ.