الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً مَعَهَا طَلْقَةٌ. أَوْ: مَعَ طَلْقَةٍ. أَوْ: طَالِقٌ وَطَالِقٌ. طَلُقَتْ طَلْقَتَيْنِ.
ــ
في زمنٍ ماضٍ، لامْتَنَعَ وُقوعُها وحدَها (1) وَوَقَعَتِ الأُخْرَى، وهذا تعليلُ القاضى؛ لكَوْنِه لا يَقَعُ إلَّا واحدةٌ. قال شيْخُنا (2): والأَوَّلُ مِن التَّعْلِيلِ (3) أصَحُّ، إن شاءَ اللَّه تعالى.
3499 - مسألة: (وإن قال: أنْتِ طالِقٌ طَلْقَةً معها طَلْقَةٌ. أو: مع طَلْقَةٍ. أو: طَالِقٌ وطالِقٌ. طَلُقَتْ طَلْقَتَيْنِ)
إذا قال: أنتِ طالقٌ طَلْقَةً معها طلقةٌ. وقعَ بها طَلقَتانِ، سواءٌ في ذلك المدْخولُ بها أو غيرُها. وإن قال: معها اثْنَتانِ. وقَعَ بها ثلاثٌ، في قياسِ المذهبِ. وهو أحَدُ الوَجْهَيْنِ لأصْحابِ الشافعىِّ. وقال أبو يُوسفَ: تقَعُ واحدةٌ؛ لأَنَّ الطَّلْقَةَ إذا وَقَعَت مُفْرَدَةً، لم يُمْكِنْ أن يكونَ معها شئٌ. ولَنا، أنَّه أوْقَعَ ثَلاثَ طَلَقاتٍ بلَفْظٍ يَقْتَضِى وُقُوعَهُنَّ معًا، فوقَعْنَ كلُّهُنَّ، كما لو قال: أنتِ طالقٌ، ثلاثًا. ولا نُسَلِّمُ أنَّ الطَّلْقَةَ تَقَعُ مُفْرَدَةً، فإنَّ الطَّلاقَ لا يَقَعُ بمُجَرَّدِ اللَّفْظِ به، إذْ لو وقَعَ بذلك، لَما صَحَّ تَعْلِيقُه بشَرْطٍ، ولا صَحَّ وَصْفُه بالثَّلاثِ ولا بغيرِها.
(1) سقط من: م.
(2)
في: المغنى 10/ 492.
(3)
في م: «التعليلين» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: إذا قال لغيرِ مَدْخولٍ بها: أنتِ طالقٌ وطالقٌ. وقَعَتْ بها (1) طَلقَتانِ. وإن قال: أنتِ طَالقٌ وطَالِقٌ وطالقٌ. طَلُقَتْ ثلاثًا. وبه قال مالكٌ، والأوْزاعِىُّ، واللَّيْثُ، ورَبِيعةُ، وابنُ أبى لَيلَى. وحُكِىَ عن الشافعىِّ في القديمِ ما يَدُلُّ عليه. وقال الثَّوْرِىُّ، والشافعىُّ: لا يقَعُ إلَّا واحدةٌ؛ لأنَّه أوْقَعَ الأُولَى قبلَ الثَّانيةِ، فلم يَقَعْ عليها شئٌ آخَرُ، كما لو فَرَّقَها. وذكَرَه ابنُ أبى موسى، في «الإِرْشادِ» وَجْهًا في المذهبِ. ولَنا، أنَّ الواوَ تَقْتضِى الجَمْعَ، ولا تَرْتِيبَ فيها، فيكونُ مُوقِعًا للثَّلاثِ جَمِيعًا، فيَقَعْنَ عليها، كقولِه: أنتِ طالقٌ ثلاثًا. أو: طَلْقَةً معها طَلْقتانِ. ويُفارِقُ ما إذا فَرَّقَها، [فإنَّها لا تَقَعُ](2) جميعًا، وكذلك إذا عَطَفَ بعْضَها على بعضٍ بحرفٍ يَقْتَضِى التَّرْتِيبَ، فإنَّ الأُولَى تَقَعُ قبلَ الثَّانيةِ بمُقتَضَى إيقاعِه، وههُنا لا تَقَعُ الأُولَى حينَ نُطْقِه بها حتى يَتِمَّ كلامُه، بدَليلِ أنَّه لو ألْحَقَه اسْتِثْناءً أو شرْطًا، لَحِقَ به، ولم يَقَعِ الأَوَّلُ مُطْلَقًا، ولو كان يقَعُ حينَ نُطْقِه، لم يَلْحَقْه شئٌ مِن ذلك، وإذا ثَبَتَ أنَّه يَقِفُ وُقوعُه على
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
تَمامِ الكَلامِ، فإنَّه يقعُ عندَ تَمامِ كلامِه على الوَجْهِ الذى اقْتَضاه لَفْظُه، ولَفْظُه يَقْتَضِى وُقوعَ الطَّلَقاتِ الثلاثِ مُجْتَمِعاتٍ. فإن قيلَ: إنَّما وقَفْنَا (1) أوَّلَ، الكلامِ على آخرهِ مع الشَّرْطِ والاسْتِثْناءِ؛ لأنَّه مُغَيِّرٌ (2) له، والعَطْفُ لا يُغَيِّرُ (3)، فلا يتَوَقَّفُ عليه، ونَتَبَيَّنُ أنَّه وقَعَ أوَّلَ ما لَفَظَ به، ولذلك (4) لو قال لها: أنتِ طالقٌ أنتِ طالقٌ. لم يَقَعْ إلَّا واحدةٌ. قُلْنا: ما لم يَتِمَّ الكلامُ فهو عُرْضةٌ للتَّغْييرِ، إمَّا بما يَخُصُّه بزَمنٍ، أو يُقَيِّدُه بقيدٍ كالشَّرْطِ، وإمَّا بما يَمْنَعُ بعضَه كالاسْتِثْناءِ، وإمَّا بما يُبَيِّنُ عددَ الواقعِ، كالصِّفَةِ بالعَدَدِ، وأشْباهِ هذا، فيَجِبُ أن يكونَ واقعًا، ولولا ذلك لَما وقَعَ بغيرِ المدْخولِ بها ثلاثٌ بحالٍ؛ لأنَّه لو قال لها: أنت طالقٌ ثلاثًا. فوقعَتْ بها طَلقَةٌ قبل قولِه: ثلاثًا. لم يُمْكِنْ أن يقعَ شئٌ آخَرُ. وأمَّا إذا قال: أنتِ طالقٌ، أنتِ طالقٌ (5). فهاتانِ جُمْلَتانِ لا تَتعلَّقُ إحْداهما بالأُخْرَى، ولو تَعَقَّبَ إحْداهما شرطٌ أو اسْتِثْناءٌ أو صِفَةٌ، لم يَتناوَلِ الأُخْرَى، فلا وَجْهَ لوُقوفِ إحْداهما على الأُخْرَى، والمعطوفُ مع المعطوفِ عليه شئٌ واحدٌ، لو تَعَقَّبَه شَرْط لَعادَ إلى الجميعِ، ولأَنَّ
(1) في م: «أوقعنا»
(2)
في م: «معبر» .
(3)
في م: «يعبر» .
(4)
في م: «كذلك» .
(5)
بعده في م: «أنت طالق» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
المعْطوفَ لا يَسْتَقِلُّ بنَفْسِه، ولا يُفِيدُ بمُفْردِه، بخلافِ قولِه: أنتِ طالقٌ. فإنَّها جُمْلَةٌ مُفيدَةٌ لا تَعَلُّقَ. لها بالأُخْرَى، فلا يَصِحُّ قياسُها عليها.
فصل: فإن قال: أنتِ طالقٌ طَلْقَتين ونِصْفًا. فهى عندَنا كالتى قبلَها، تَقَعُ الثَّلاثُ. وقال مُخالِفُونا: تَقَعُ طَلْقتانِ.
فصل: وإذا قال: أنتِ طالقٌ طَلْقَةً بعدَها طلْقةٌ. ثم قال: أرَدْتُ أن أُوقِعَ بعدَها طلقةً. دُيِّنَ. وهل يُقْبَلُ في الحُكْمِ؟ يُخَرَّجُ على رِوايَتَيْن. وإن قال: أنتِ طالقٌ طَلْقَةً قبلَها طَلْقةٌ. وقال: أرَدْتُ أنِّى طَلَّقتُها قبلَ هذا في نِكاحٍ آخَرَ. أو: أنَّ زَوْجًا قَبْلِى طَلَّقَها. دُيِّنَ. وهل يُقْبَلُ في الحُكْمِ؟ فيه ثلاثةُ أوْجُهٍ؛ أحدُها، يُقْبَلُ. والثانى، لا يُقْبَلُ. والثالثُ، يُقْبَلُ إن كان وُجِدَ. والصَّحِيحُ أنَّه لا يُقْبَلُ إذا لم يَكُنْ وُجِدَ؛ لأنَّه لا يَحْتَمِلُ ما قالَه.
فصل: فإن قال: أنتِ طالقٌ طالقٌ طالقٌ. وقال: أرَدْتُ التَّوْكِيدَ. قُبِلَ منه؛ لأَنَّ الكلامَ يُكَرَّرُ للتَّأْكيدِ، كقولِه عليه السلام:«فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ بَاطِلٌ بَاطِلٌ» (1). وإن قَصَدَ الإِيقاعَ وتَكَرُّرَ اللَّفَظَاتِ (2) طَلُقَتْ ثلاثًا. وإن لم يَنْوِ شيئًا، لم يَقَعْ إلَّا واحدةٌ؛ لأنَّه لم يَأْتِ بينَهما بحرفٍ يَقْتَضِى المُغايَرَةَ، فلا تَكُنَّ مُتَغايرَاتٍ. وإن قال: أنتِ طالقٌ وطالقٌ وطالقٌ. وقال: أرَدْتُ بالثَّانيةِ التَّأْكيدَ. لم يُقْبَلْ؛ لأنَّه غايرَ بينَها وبينَ الأُولَى بحرفٍ يَقْتَضِى العطفَ والمُغايرَةَ، وهذا يَمْنَعُ. وأمَّا الثَّالثةُ، فهى
(1) تقدم تخريجه في 16/ 311، 312.
(2)
في م: «اللفظان» . وفى المغنى 10/ 493: «الطلقات» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
كالثَّانيةِ في لَفْظِها. فإن قال: أردتُ بها التَّوْكيدَ. دُيِّنَ، وهَلْ يُقْبَلُ في الحُكْمِ؟ على رِوايَتيْنِ؛ إحْداهما، يُقْبلُ. وهو مذهبُ الشافعىِّ؛ لأنَّه كَرَّرَ لفظَ الطَّلاقِ مثلَ الأَوَّلِ، فقُبِلَ تَفْسِيرُه بالتَّأْكيدِ، كما لو قال: أنتِ طالقٌ، أنتِ طالقٌ. والثَّانيةُ، لا يُقْبَلُ؛ لأَنَّ حوفَ العَطْفِ للمُغايَرَةِ، فلا يُقْبَلُ منه ما يُخالِفُ ذلك، كما لا يُقْبَلُ في الثَّانيةِ. ولو قال: أنتِ طالقٌ فطالقٌ فطالقٌ. أو: أنتِ طالقٌ، ثم طالقٌ، ثم طالقٌ. فالحُكْمُ فيها كالتى عَطَفَها بالواوِ. فإن غايرَ بينَ الحروفِ فقال: أنتِ طالقٌ وطالقٌ، ثم طالقٌ. [أو: طالقٌ، ثم طالقٌ وطالقٌ. أو] (1): طالقٌ [وطالقٌ](2) فطالقٌ. ونحو ذلك، لم يُقْبَلْ في شئٍ منها إرادةُ التَّوْكيدِ؛ لأَنَّ كُلَّ كلمةٍ مُغايِرَةٌ لِما قبلَها، مُخالِفةٌ لها في لَفْظِها، والتَّوْكيدُ إنَّما يكونُ بتَكْريرِ الأَوَّلِ بصُورَتِه (3).
فصل: فإن قال: أنتِ مُطَلَّقةٌ، أنتِ مُسَرَّحَةٌ، أنتِ مُفارَقَةٌ. وقال: أردتُ التَّوْكيدَ بالثَّانيةِ والثَّالثةِ. قُبِلَ؛ لأنَّه لم يُغايِرْ بينَهما بالحروفِ الموْضوعَةِ للمُغايرَةِ بينَ الألْفاظِ، بل أعادَ اللَّفْظَةَ بمَعْناها، ومثلُ هذا يُعادُ تَوْكيدًا. وإن قال: أنتِ مُطلَّقةٌ (4) ومُسَرَّحَةٌ ومُفارَقَةٌ. وقال: أردْتُ التَّوْكيدَ. احْتَمَلَ أن يُقْبَلَ منه؛ لأَنَّ اللَّفْظَ المُخْتَلِفَ يُعْطَفُ بعضُه على
(1) في م: «ثم طالق وطالق أو طالق و» .
(2)
سقط من النسختين. والمثبت من المغنى 10/ 494.
(3)
في الأصل: «بصوته» .
(4)
في م: «طلقة» .