الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِنْ قَال: إِنْ قُمْتِ وَأَنْتِ طَالِقٌ. طَلُقَتْ فِي الْحَالِ. وَإِنْ قَال: أَرَدْتُ الْجَزَاءَ. أَوْ: أرَدْتُ أنْ أَجْعَلَ قِيَامَهَا وَطَلَاقَهَا شَرْطَينِ لِشَيْءٍ، ثُمَّ أَمْسَكْتُ. دُيِّنَ، وَهَلْ يُقْبَلُ فِي الْحُكْمِ؟ يُخَرَّجُ عَلَى رِوَايَتَينِ.
ــ
وتَعْليلًا في حَقِّ النَّحْويِّ، على ما ذكَرَه القاضي. والثالثُ، يَقَعُ الطَّلاقُ إلَّا أن يكونَ من (1) أهلِ الإِعْرابِ، فيقولُ: أردتُ الشَّرْطَ. فيُقْبَلُ؛ لأنَّه لا يجوزُ صَرْفُ الكلامِ عن مُقْتَضاه إلَّا بقَصْدِه. وإن قال: أنتِ طالقٌ إذْ دَخَلْتِ الدَّارَ. طَلُقَتْ في الحالِ؛ لأنَّ «إذْ» للماضِي. ويَحْتَمِلُ أن لا يَقَعَ؛ لأنَّ الطَّلاقَ لا يَقَعُ في زمنٍ ماضٍ، كقولِه: أنتِ طالقٌ أمسِ.
3556 - مسألة: (وإن قال: إن قُمْتِ وأنْتِ طالقٌ. طَلُقَتْ في الحالِ)
لأنَّ الواوَ ليستْ جوابًا للشرْطِ (فَإنْ قَال: أرَدْتُ) بِهَا (الجَزَاءَ. أو: أرَدْتُ أن أجْعَلَ قِيَامَها وطَلاقَهَا شَرْطَينِ لِشَيءٍ، ثُمَّ أمْسَكْتُ. دُيِّنَ) لأنَّ ما قاله مُحْتَمِلٌ (وهل يُقْبَلُ فِي الحُكْمِ؟ عَلَى رِوَايَتَينِ) إحْداهما،
(1) في الأصل: «بين» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
لا يُقْبَلُ؛ لأنَّه خلافُ الظَّاهِرِ. والثانيةُ، يُقْبَلُ؛ لأنَّ قوْلَه يَحْتَمِلُه، وهو أعْلمُ بمُرادِه، وإن جعلَ لهذا جَزاءً، فقال: إن دخَلْتِ الدَّارَ وأنتِ طالقٌ فعبْدِي حُرٌّ. صَحَّ، ولم يَعْتِقِ العبدُ حتى تدْخُلَ الدَّارَ وهي طالقٌ؛ لأنَّ الواوَ ههُنا للحالِ، كقولِ اللهِ تعالى:{لَا تَقْتُلُوا الصَّيدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} (1). ولو قال: إن دخلْتِ الدارَ طالقًا [فأنتِ طالقٌ](2). فدخلَتْ وهي طالقٌ، طَلُقَتْ أُخْرَى، [وإن دَخَلَتْها غيرَ طالِقٍ لم تَطلُقْ](3)؛ لأنَّ هذا حالٌ، فجرَى مَجْرَى قولِه: إن دخلْتِ الدَّارَ راكبةً.
(1) سورة المائدة 95.
(2)
سقط من: الأصل.
(3)
سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: فإن قال: إن دخَلْتِ الدَّارَ أنتِ طالقٌ. لم تَطْلُقْ حتى (1) تَدخُلَ. وبه قال بعضُ الشافعيَّةِ. وقال محمدُ بنُ الحسَنِ: تَطْلُقُ في الحالِ؛ لأنَّه لم يُعَلِّقْه بدُخولِ الدَّارِ بالفاءِ التي إنَّما يُتَعَلَّقُ بها، فيكونُ كلامًا مُسْتأْنَفًا غيرَ مُعَلَّقٍ بشَرْطٍ، فيَثْبُتُ حُكْمُه في الحالِ. ولَنا، أنَّه أتَى بحرفِ الشَّرْطِ، فيدُلُّ ذلك على أنَّه أرادَ التَّعْلِيقَ، وإنَّما حَذَفَ الفاءَ وهي مُرادَةٌ، كما يُحْذَفُ المبتدأُ تارةً، والخَبرُ أُخْرَى، لدَلالةِ باقي الكلامِ على المحْذوفِ، ويجوزُ أن يكونَ حَذْفُ الفاءِ على التَّقْديمِ [والتأخيرِ، فكأنَّه قال: أنتِ طالقٌ إن دَخَلْتِ الدَّارَ. فقَدَّمَ الشَّرطَ، ومُرادُه](2) التَّأْخيرُ، ومهما أمْكَنَ حَمْلُ كلامِ العاقلِ على فائدةٍ، وتَصْحيحُه عن الفسادِ، وَجَبَ، وفيما ذَكَرْنَا تَصْحيحُه، وفيما ذَكَرُوه [إلْغاؤُه. وإن] (3) قال: أردتُ الإِيقاعَ في الحالِ. وَقَعَ؛ لأنَّه يُقِرُّ على نفسِه
(1) من هنا يتفق ترتيب المخطوطة مع المطبوعة، وهو موافق لترتيب المقنع.
(2)
سقط من: م.
(3)
في الأصل: «للعادة فإن» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بما هو أغْلَظُ. وإن قال: أنتِ طالقٌ وإن دخَلْتِ الدَّارَ. وَقَعَ الطَّلاقُ في الحالِ؛ لأنَّ معناه أنتِ طالقٌ في كُلِّ حالٍ، ولا يَمْنَعُ من ذلك دُخولُكِ الدَّارَ، كقَوْلِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم:«مَنْ قَال: لَا إِلهَ إلا اللهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ، وَإِنْ زَنَى، وإِنْ سَرَقَ» (1). وقال صلى الله عليه وسلم: «صِلْهمْ وَإِنْ قَطَعُوكَ، وَأَعْطِهِمْ وَإِنْ حَرَمُوكَ» (2). وإن قال: أردتُ الشَّرْطَ. دُيِّنَ. وهل يُقْبَلُ في الحُكْمِ؟ يُخَرَّجُ على رِوايَتَينِ. فإن قال: إن دخَلْتِ الدَّارَ فأنتِ طالقٌ وإن دخَلَتِ الأُخْرَى. فمتى دخَلَتِ الأُولَى طَلُقَتْ، سواءٌ دخلَتِ الأُخْرَى أو لم تَدْخُلْ، ولا تَطْلُقُ الأُخْرَى. وقال ابنُ الصَّبَّاغِ: تَطْلُقُ بدُخولِ كلِّ واحدةٍ منهما. ومُقْتَضَى اللُّغَةِ ما قُلْناه. وإن قال: أردتُ جَعْلَ الثَّانِي شَرْطًا لطَلاقِها أيضًا. طَلُقَتْ بكُلِّ واحدةٍ منهما؛ لأنّه يُقِرُّ على نفْسِه بما هو أغْلَظُ. وإن قال: أردتُ أنَّ دخولَ الثَّانيةِ شَرْطٌ لطلاقِ الثَّانيةِ. فهو على ما أرادَه.
(1) أخرجه البخاري، في: باب في الجنائز ومن كان آخر كلامه لا إله إلا الله، من كتاب الجنائز، وفي: باب الثياب البيض، من كتاب اللباس، وفي: باب من أجاب بلبيك وسعديك، من كتاب الاستئذان، وفي: باب المكثرون هم المقلون، وباب قول النبي صلى الله عليه وسلم:«ما أحب أن لي مثل أحد ذهبا» ، من كتاب الرقاق، وفي: باب كلام الرب مع جبريل ونداء الله الملائكة، من كتاب التوحيد. صحيح البخاري 2/ 89، 90، 7/ 192، 193، 8/ 75، 117، 118، 9/ 174. ومسلم، في: باب من مات لا يشرك. . . .، من كتاب الإيمان، وفي: باب الترغيب في الصدقة، من كتاب الزكاة. صحيح مسلم 1/ 94، 95، 2/ 688، 689. والترمذي، في: باب ما جاء في افتراق هذه الأُمة، من أبواب الإيمان. عارضة الأحوذي 10/ 113. والإمام أحمد، في: المسند 5/ 152، 159، 161، 166.
(2)
أخرج نحوه الإمام أحمد، في: المسند 4/ 148، 158. وعبد الرزاق، في: باب صلة الرحم، من كتاب الجامع. المصنف 11/ 172، 173. وابن أبي شيبة، في: باب ما قالوا في البكاء من خشية الله، من كتاب الزهد. المصنف 14/ 43.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وإن قال: إن دخلْتِ الدَّارَ وإن دخَلَتْ هذه الأُخْرَى فأنتِ طالقٌ. فقد قيلَ: لا تَطْلُقُ إلَّا بدُخولِهما؛ لأنَّه جعلَ طَلاقَها جَزاءً لهذَينِ الشَّرْطَينِ. ويَحْتَمِلُ أن تَطْلُقَ بأحَدِهما أيِّهما كان؛ لأنَّه ذكَرَ شَرْطَينِ بحَرْفَينِ، فيَقْتَضِي كلُّ واحدٍ منهما جَزاءً، فتَرك ذِكْرَ جزاءِ الأوَّلِ، وكان الجزاءُ الآخَرُ دَالًّا عليه، كما لو قال: ضَرَبْتُ وضَرَبَنِي زيدٌ. قال الفَرَزْدَقُ (1):
ولَكِنَّ نِصْفًا لو سَبَبْتُ وسَبَّنِي
…
بَنو عَبْدِ شَمْسٍ مِنْ قُرَيشٍ وَهَاشِمِ
والتَّقدير سَبَّني هؤلاءِ وسَبَبْتهم. وقال الله تعالى: {عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ} (2). أي عن اليمينِ قَعِيدٌ وعن الشِّمالِ قَعِيدٌ.
فصل: ولو قال: أنتِ طالقٌ لو قمْتِ. كان ذلك شَرْطًا بمَنْزِلةِ قوْلِه: إن قُمْتِ. ويُحْكَى هذا عن أبي يوسفَ؛ لأنَّها لو لم تَكُنْ للشَّرْطِ كانتْ
(1) في ديوانه: 844. وفيه «ولكن عدلًا». وأورده صاحب لسان العرب في (ن ص ف) وقال: والنصف: الإنصاف.
(2)
سورة ق 17.