الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَيَصِحُّ مِنَ الزَّوْجِ الْعَاقِلِ الْبَالِغِ الْمُخْتَارِ، ومِنَ الصَّبِىِّ الْعَاقِلِ. وَعَنْهُ، لَا يَصِحُّ حَتَّى يَبْلُغَ.
ــ
3420 - مسألة: (ويَصِحُّ مِن الزَّوْجِ العاقِلِ البالِغِ المُخْتارِ، ومِن الصَّبِىِّ العَاقِلِ. وعنه، لَا يَصِحُّ حَتى يَبْلُغَ)
أمَّا صِحَّةُ الطَّلاقِ مِن الزَّوْجِ العاقِلِ المُختارِ، فلا نَعْلَمُ فيه خِلافًا؛ لأنَّه عَقْدُ مُعاوَضَةٍ، فصَحَّ منه، كالبَيْعِ. وأمَّا الصَّبِىُّ؛ فإنْ لم يَعْقِلْ، فلا طَلاقَ له بغيرِ خِلافٍ. وأمَّا الذى يَعْقِلُ الطَّلاقَ، ويَعْلَمُ أنَّ زَوْجَتَه تَبِينُ منه، وتَحْرُمُ عليه، فأكْثَرُ الرِّواياتِ عن أحمدَ، أنَّ طَلاقَه يَقَعُ. وذَكَرَه الخِرَقِىُّ. واخْتارَه أبو بكرٍ، وابنُ حامدٍ. ورُوِىَ نحوُ ذلك عن سعيدِ بنِ المُسَيَّبِ، وعَطاءٍ، والحسنِ، والشَّعْبِىِّ، وإسْحاقَ. ورَوَى أبو طالبٍ، عن أحمدَ: لا يَجوزُ طلاقُه حتى يَحْتَلِمَ. وهو قولُ النّخَعىِّ، والزُّهْرِىِّ، ومالكٍ، وحَمَّادٍ، والثَّوْرِىِّ، وأبى عُبَيْدٍ. وذَكَرَ أبو عُبَيْدٍ أنَّه قولُ أهلِ العراقِ وأهلِ الحجازِ. ورُوِىَ ذلك عن ابنِ عباسٍ؛ لقَوْلِ النبىِّ صلى الله عليه وسلم:
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
«رُفِعَ الْقَلَمُ عَنِ الصَّبِىِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ» (1). ولأنَّه غير مُكَلَّفٍ، فلم يَقَعْ طَلاقُه، كالمجنونِ. ووَجْهُ الأُولَى قولُ النبىِّ صلى الله عليه وسلم:«إِنَّمَا الطَّلاقُ لِمَنْ أخَذَ بِالسَّاقَ» (2). وقولُه: «كُلُّ الطَّلاقَ جَائِزٌ إِلَّا طَلَاقَ المَعْتُوهِ المَغْلُوبِ عَلَى عَقْلِهِ» (3). ورُوِىَ عن علىٍّ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، أنَّه قال: اكْتُمُوا الصِّبْيانَ النِّكَاحَ (4). فيُفْهَمُ أنَّ فائِدَتَه أن لا يُطَلِّقُوا. ولأنَّه طلاقٌ مِن عاقلٍ صادفَ مَحَلَّ الطَّلاقِ، فأشْبَهَ طلاقَ البالغِ.
(1) هذا اللفظ أخرجه البيهقى، في: السنن الكبرى 6/ 84. وانظر ما تقدم في 3/ 15، والذى عند البخارى معلقا عن على وليس مرفوعًا.
(2)
تقدم تخريجه في 20/ 456.
(3)
أخرجه الترمذى، في: باب ما جاء في طلاق المعتوه، من أبواب الطلاق. عارضة الأحوذى 5/ 166، 167. وضعفه الألبانى مرفوعًا، وصحح الوقف على علىّ. ضعيف سنن الترمذى 142. الإرواء 7/ 110، 111.
(4)
أخرجه ابن أبى شيبة، في: باب ما قالوا في الصبى، من كتاب الطلاق. المصنف 5/ 35.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: وأكْثرُ الرِّواياتِ عن أبى عبدِ اللَّهِ، تحديدُ مَن يَقَعُ طلاقُه مِنَ الصِّبيانِ بِكونِه يَعْقِلُ. وهو اخْتِيارُ القاضى. ورَوَى أبو الحارِثِ عن أحمدَ: إذا عَقَلَ الطَّلاقَ، جازَ طَلاقُه، ما بينَ عَشْرٍ إلى اثْنَتىْ عَشْرَةَ. وهذا يدُلُّ على أنَّه لا يَقَعُ لدونِ العَشْرِ. وهو اخْتِيارُ أبى بكرٍ؛ لأَنَّ العَشْرَ حدُّ الضَّرْبِ على الصَّلاةِ والصِّيامِ، وصِحَّةِ الوصِيَّةِ، فكذلك هذا. وعن سعيدِ بنِ المُسَيَّبِ: إذا أحْصَى الصلاةَ وصامَ رمضانَ، جازَ طلاقُه (1). وقال عطاءٌ: إذا بَلَغَ أن يُصِيبَ النِّساءَ (2). وعن الحسنِ: إذا عَقَلَ وحَفِظَ الصلاةَ وصامَ رمضانَ. وقال إسْحاقُ: إذا جَازَ اثْنَتَىْ عَشْرَةَ.
(1) أخرجه سعيد، في: سننه 1/ 392. وابن أبى شيبة، في: المصنف 5/ 34.
(2)
أخرجه عبد الرزاق، في: المصنف 7/ 84.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: ومَن أجازَ طَلاقَه، اقْتَضَى مذْهَبُه أن يَجوزَ تَوْكِيلُه فيه (1) وتَوَكُّلُه لغيرِه. وقد أَوْمَأَ إليه (2)، فقال -في رجلٍ قال لصَبِىٍّ: طَلِّقِ- امرأتِى (3). فقال: قد طَلَّقْتُكِ ثلاثًا: لا يَجوزُ عليها حتى يَعْقِلَ الطَّلاقَ. قيل له: فإنْ كانت له زَوْجَة صَبِيَّة فقالت له: صَيِّرْ أمْرِى إلىَّ. فقال لها: أمْرُكِ بيدِك. فقالت: قد اخْتَرْتُ نَفْسِى. [فقال أحمدُ](4): ليس بشئ حتى يكونَ مثلُها يَعْقِلُ الطَّلاقَ. وقال أبو بكرٍ: لا يَصِحُّ أن يُوَكِّلَ حتى يَبْلُغَ. وحَكاه عن أحمدَ. ولَنا، أنَّ مَن صَحَّ تصَرُّفُه في شئٍ ممَّا تَجوزُ الوَكالَةُ فيه بنَفْسِه، صَحَّ تَوْكِيلُه ووَكالتُه فيه، كالبالغِ، وما رُوِىَ عن أحمدَ مِنْ مَنْعِ ذلك، فهو على الرِّوايةِ التى لا (5) تُجِيزُ طَلاقَه، إنْ شاءَ اللَّهُ تعالى.
فصل: فأمَّا السَّفِيهُ، فيَقَعُ طلاقُه (5) في قولِ أكثرِ أهلِ العِلْمِ؛ منهم القاسِمُ بنُ محمدٍ، ومالكٌ، والشافعىُّ، وأبو حنيفةَ وأصْحابُه. ومَنَعَ منه عَطاءٌ. والأَوْلَى صِحَّتُه؛ لأنَّه مُكَلَّفٌ مَالِكٌ لمَحَلِّ الطَّلاقِ، فوَقَعَ طَلاقُه، كالرَّشيدِ، والحَجْرُ عليه في مالِه لا يَمْنَعُ مِن التَّصَرُّفِ في
(1) سقط من: الأصل.
(2)
أى الإمام أحمد. انظر المغنى 10/ 349.
(3)
في م: «امرأتك» .
(4)
سقط من: الأصل.
(5)
سقط من: الأصل.