الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإنْ قَال: أَنْتِ طَالِقٌ إِذَا شَرِبْتِ مَاءَ الْكُوزِ. وَلَا مَاءَ فِيهِ. أَوْ: صَعِدْتِ السَّمَاءَ. أَوْ: شَاءَ الْمَيِّتُ أَو الْبَهِيمَةُ. لَمْ تَطْلُقْ فِي أَحَدِ الْوَجْهَينِ، وَتَطْلُقُ فِي الْآخَرِ.
ــ
أنتِ طالقٌ (1) لم أبعْ عَبْدِي. فماتَ العبدُ، ولأنَّه علَّقَ الطَّلاقَ على نَفْي فِعْلِ المُسْتَحِيلِ، وعدَمُه مَعْلومٌ في الحالِ وفي الثَّانِي، فوقعَ (2) الطَّلاقُ؛ لما ذَكرْناه. وكذلك قولُه: أنتِ طالقٌ لأصْعَدنَّ السماءَ. أو: لأطِيرَنَّ. أو: إن لم أصْعَدِ السَّماءَ (3). وذكَرَ أبو الخَطَّابِ عن القاضي، أنَّه لا تَنْعَقِدُ يَمِينُه. والصَّحيحُ أنَّه يَحْنَثُ؛ فإنَّ الحالِفَ على فِعْلِ المُمْتَنِعِ كاذِبٌ حانِثٌ، قال الله تعالى:{وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيمَانِهِمْ لَا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ} إلى قولِه: {وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ كَانُوا كَاذِبِينَ} (4). ولأنَّه لو حَلَفَ على فِعْلٍ مُتَصَوَّرٍ، فصارَ مُمْتَنِعًا، حَنِثَ بذلك، فَلأنْ يَحْنَثَ بكَوْنِه مُمْتَنِعًا حال يمينه أوْلَى.
3521 - مسألة: (وإن قال: أنتِ طالقٌ إن شَرِبْتِ ماءَ الكُوزِ. ولا ماءَ فِيهِ. أو: إنْ صَعِدْتِ السَّماءَ. أو)
إنْ (شاءَ المَيِّتُ أو البَهِيمَةُ. لم تَطْلُقْ في أحَدِ الوَجْهَين، وَتَطْلُقُ في الآخرِ) إذا عَلَّقَ الطَّلاقَ على فعلٍ
(1) في م: «أو» .
(2)
في م: «وقوع» .
(3)
بعده في م: «أطيرن» .
(4)
سورة النحل 38، 39.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مُسْتحيلٍ، كالذي ذَكَرْناه ونحوه، كقولِه: إن جَمعْتِ بين الضِّدَّينِ. أو: إن (1) كان الواحدُ أكثرَ مِن اثْنَين. وسواءٌ كان مُسْتَحِيلًا عَقْلًا أو عادةً، كقولِه: إن طِرْتِ. أو: صَعِدْتِ السَّماءَ. أو: قَلَبْتِ الحَجَرَ ذَهبًا. أو: شَرِبْتِ ماءَ هذا (2) النَّهَرِ كلَّه. أو: حَمَلْتِ الجَبَلَ. ففيه وَجْهان؛ أحدُهما، يَقَعُ الطّلاقُ في الحالِ؛ لأنَّه أرْدفَ الطَّلاقَ بما يَرْفَعُ جُمْلَتَه، ويَمْنَعُ وُقوعَه في الحالِ وفي الثاني، فلم يَصِحَّ، كاسْتِثناءِ الكُلِّ، وكما لو قال: أنتِ طالقٌ طلقةً لا تَقَعُ عليكِ. والثاني، لا يَقَعُ. وهو الصَّحيحُ؛ لأنَّه عَلَّقَ الطَّلاقَ بصِفَةٍ لم تُوجَدْ، ولأنَّ ما يُقْصَدُ تبْعِيدُه يُعَلَّقُ على المُحَالِ، قال الله تَعالى في حَقِّ الكُفّارِ:{وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ} (3). وقال الشَّاعرُ (4):
إذا شابَ الغرابُ أتَيتُ أهْلِي
…
وصارَ القَارُ كاللَّبَنِ الحليبِ
(1) سقط من: م.
(2)
زيادة من: الأصل.
(3)
سورة الأعرف 40.
(4)
البيت في حلية الأولياء 7/ 289، ولم ينسبه. ونسبه صاحب الدر الفريد وبيت القصيد (مخطوط) لتميم بن حبيب الداري 1/ 330.