الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ:
وَلَا يَصِحُّ الْخُلْعُ إِلَّا بِعِوَض فِى أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ، فَإِنْ خَالَعَهَا بِغَيْرِ عِوَضٍ، لَمْ يَقَعْ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ طَلَاقًا، فَيَقَعُ رَجْعِيًّا. وَالأُخْرَى، يَصِحُّ بِغَيْرِ عِوَضٍ. اخْتَارَهَا الْخِرَقِىُّ.
ــ
لأنَّه صادَفَها بائنًا. فإن كان بعدَ الدُّخولِ، وقلْنا: إنَّ الرِّدَّةَ ينْفَسِخُ بها النِّكاحُ في الحالِ. فكذلك. وإن قُلْنا: تَقِف على انْقِضاء العِدَّةِ. كان الطَّلاقُ مُرَاعًى. فإن أقامَتْ على رِدَّتِها حتى انْقَضتْ عِدَّتُها، تَبَيَّنَّا أنَّها لم تكُنْ زَوْجَه (1) حينَ طَلَّقَها، فلم يقَع، ولا شئَ له عليها، وإن عادتْ إلى الإِسْلامِ، بانَ (2) أنَّ الطَّلاقَ صادَف زَوْجه (1)، فَوقعَ، واسْتَحَقَّ عليها العِوَضَ.
فصل: قَالَ الشيخُ، رحمه الله:(ولا يَصِحُّ الخُلْعُ إلَّا بعِوَضٍ في أصَحِّ الرِّوايَتَيْنِ، فإن خالَعَها بغيرِ عِوَضٍ، لم يَقَعْ، إلَّا أنَّ يَكُونَ طَلاقًا، فَيَقَعُ رَجْعِيًّا. والأُخْرَى، يَصِحُّ بغيرِ عِوَضٍ. اخْتارَها الخِرَقِىُّ) اخْتلَفتِ الرِّوايةُ [عن أحمدَ](3) في هذه المسألةِ، فرَوى عنه ابْنُه عبدُ اللَّهِ، قال: قلتُ لأبى: رجلٌ عَلِقَتْ به امْرأتُه تقولُ: اخْلَعْنِى. قال: قد خَلَعْتُكِ. قال:
(1) في م: «زوجة» .
(2)
في م: «تبينا» .
(3)
زيادة من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
يَتَزَوَّجُ بها، ويُجَدِّدُ نِكاحًا جديدًا، وتكونُ عندَه على ثِنْتَيْنِ (1). فظاهرُ هذا صِحَّةُ الخُلْعِ بغيرِ عِوَضٍ. وهو قولُ مالكٍ؛ لأنَّه قَطْعٌ للنِّكاحِ، فصَحَّ مِن غيرِ عِوَضٍ، كالطَّلاقِ، ولأَنَّ الأَصْلَ في مَشْرُوعِيَّةِ الخُلْعِ أنَّ يُوجَدَ مِنَ المرْأةِ رَغْبَةٌ عن زَوْجِها، أو حاجَة إلى فِراقِه، فتَسْألَه فِراقَها، فإذا أجابَها، حصَل المَقْصودُ مِن الخُلْعِ، فيَصِحُّ، كما لو كان بعِوَضٍ. قال أبو بكرٍ: لا خِلافَ عن أبى عبدِ اللَّهِ، أنَّ الخُلْع ما كان مِن قِبَلِ النِّساءِ، فإذا كان مِن قِبَلِ الرِّجالِ، فلا نِزاعَ في أنَّه طَلاق يَمْلِكُ به الرَّجْعةَ، ولا يكونُ فَسْخًا. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، لا يكونُ خُلْعٌ إلَّا بعِوَضٍ. رَوَى عنه مُهَنَّا، إذا قال لها: اخْلَعِى نَفْسَكِ. فقالتْ: خلَعْتُ نَفْسِى. لم يكُنْ خُلْعًا إلَّا على شئٍ، إلَّا أنَّ يكونَ نَوَى الطَّلاقَ، فيكونُ ما نَوَى. فعلى هذه الرِّوايةِ، لا يصِحُّ الخُلْعُ إلَّا بعِوَضٍ، فإن تَلفَّظَ به بغيرِ عِوَضٍ ونوَى الطَّلاقَ،
(1) في م: «شئ» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
كان طلاقًا رَجْعِيًّا؛ لأنَّه يصْلُحُ كِنايةً عن الطَّلاقِ. وإن لم يَنْوِ به الطَّلاقَ، لم يكُنْ شيئًا. وهذا قولُ أبى حنيفةَ، والشافعىِّ؛ لأَنَّ الخُلْعَ إن (1) كان فَسْخًا، فلا يَمْلِكُ الزوجُ فَسْخَ النِّكاحِ إلَّا لِعَيْبِها. ولذلك لو قال: فسَخْتُ النِّكاحَ. ولم يَنْوِ به الطَّلاقَ، لم يَقَعْ شئٌ، بخلافِ ما إذا دخلَه العِوَضُ، فإنَّه يَصيرُ مُعاوَضَةً، فلا يجْتَمِعُ له العِوَضُ والمُعَوَّضُ. وإن قُلْنا: الخُلْعُ طَلاقٌ. فليس بصَريح فيه اتفاقًا، وإنَّما هو كِنايةٌ، والكنايةُ لا يَقَعُ بها الطلاقُ إلَّا بنِيةٍ، أو بَذْلِ العِوَضِ، فيَقُومُ مَقامَ النِّيَّةِ، وما وُجِدَ واحدٌ منهما. ثم إن وَقَع الطَّلاقُ، فإذا لم يكُنْ بعِوضٍ، لم يَقْتَضِ البَيْنُونةَ إلَّا أن تَكْمُلَ الثَّلاثُ.
فصل: فإن قالت: بِعْنِى عَبْدَكَ هذا وطلِّقْنِى بألْفٍ. ففَعَلَ، صَحَّ، وكان بيْعًا وخلعًا بعِوَضٍ واحدٍ؛ لأنَّهما عَقدانِ يصِحُّ إفرادُ كلِّ واحدٍ منهما
(1) سقط من: م.