الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِنْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِصِفَةٍ، ثُمَّ خَالَعَهَا فَوُجِدَتِ الصِّفَةُ، ثُمَّ عَادَ فَتَزَوَّجَهَا، فَوُجِدَتِ الصِّفَةُ، طَلُقَتْ. نَصَّ عَلَيْهِ. وَيَتَخَرَّجُ أَنْ لَا تَطْلُقَ بِنَاءً عَلَى الرِّوَايَةِ فِى الْعِتْقِ، وَاخْتَارَهُ أَبُو الْحَسَن التَّمِيمِىُّ. وَإِنْ لَمْ تُوجَدِ الصِّفَةُ حَالَ الْبَيْنُونَةِ، عَادَتْ، رِوَايَةً وَاحِدَةً.
ــ
3418 - مسألة: (وإن عَلَّقَ طَلاقَها بصِفَةٍ، ثُمَّ خَالَعَهَا فَوُجِدَتِ الصِّفَةُ، ثُمَّ عادَ فَتَزَوَّجَها، فَوُجدَتِ الصِّفَةُ، طَلُقَت. نَصَّ علَيْهِ. ويَتَخَرَّجُ أَن لا تَطْلُقَ، بِنَاءً على الرِّوايَةِ فِى العِتْقِ. واخْتَارَه أَبُو الحَسَنِ التَّمِيمىُّ. وَإِنْ لَم توجَدِ الصِّفَةُ حالَ البَيْنُونَةِ، عَادَتْ، رِوَايَةً واحِدَةً)
مثالُ ذلك إذا قال: إن كلّمْتِ أباكِ فأنتِ طالقٌ. ثم أبانَها، ثم تزَوَّجَها فكَلَّمتْ أباها، فإنَّها تَطْلُقُ. نَصَّ عليه أحمدُ. فأما إن وُجِدَتِ [الصِّفَةُ في حالِ البَيْنُونَةِ، ثم تزَوَّجَها، ثم وُجِدَتْ](1) مَرَّةً أُخْرَى، فظاهرُ المذهبِ أنَّها تَطلُقُ. وعن أحمدَ ما يَدُلُّ على أنَّها لا تَطْلُقُ. نصَّ عليه في العِتْقِ، في رَجُلٍ قال لعبدِه: أنتَ حُرٌّ إنْ دخَلْتَ الدَّارَ. فباعَه، ثم رجعَ -يَعْنِى فاشْتراه: فإنْ رجعَ وقد دخلَ الدَّارَ، لم يَعْتِقْ، وإنْ لم يكُنْ دخلَ فلا يدْخلُ إذا رجعَ إليه، فإن دخلَ عَتَقَ. فإذا نَصَّ في العِتْقِ على أن الصِّفَةَ لا تَعودُ،
(1) سقط من: الأصل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وجبَ أن يكونَ في الطَّلاقِ مثلُه، بل أَولَى؛ لأن العِتْقَ يتَشوَّفُ الشَّرْعُ إليه، ولذلك قال الْخِرَقِىُّ: إذا قال: إن تزَوَّجْتُ فلانَةَ فهى طالقٌ. لم تَطْلُقْ إن تزَوَّجَها، ولو قال: إن ملَكْتُ فُلانًا. فهو حُرٌّ. فَملَكَه صارَ حُرًّا. وهذا اخْتِيارُ أبى الحسنِ التَّمِيمِىِّ. وأكثرُ أهلِ العلِم يَرَوْنَ أن الصِّفَةَ لا تَعودُ إذا أبانَها بطلاقٍ ثلاثٍ، وإن لم تُوجَدِ الصِّفةُ (1) في حالِ البَيْنُونَةِ. وهذا مذهبُ مالكٍ، وأبى حنيفةَ، وأحدُ أقوالِ الشافعىِّ. قال ابنُ المُنْذِرِ: أجمعَ كلُّ مَن نحْفَظُ عنه مِن أهلِ العلمِ، على أنَّ الرَّجلَ إذا قال لزَوْجتِه: أنتِ طالقٌ ثلاثًا إن دخلْتِ الدَّارَ. فطَلَّقَها ثلاثًا، ثم نكَحَتْ غيرَه، ثم نَكَحَها الحالفُ، ثم دخَلتِ الدَّارَ، أنَّه (1) لا يقَعُ عليها الطَّلاقُ. وهذا على (2) مذهبِ مالكٍ، والشافعىِّ، وأصْحابِ الرَّأْى؛ لأَنَّ [إطلاقَ المِلكِ يَقْتَضِى ذلك](3). فإن. أبانَها دُونَ الثَّلاثِ فوُجِدَتِ الصِّفةُ، ثم تزَوَّجَها، انْحلَّتْ يمينُه في قولِهم. وإن لم تُوجَدِ الصِّفَةُ في البَيْنُونَةِ، ثم
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
نَكَحَها، لم تَنْحلَّ في قولِ مالكٍ، وأصْحابِ الرَّأْى، وأحدِ أقوالِ الشافعىِّ. وله قولٌ آخَرُ: لا تَعودُ الصِّفَةُ بحالٍ. وهو اخْتيارُ المُزَنِىِّ، وأبى إسْحاقَ؛ لأَنَّ الإِيقاعَ وُجِدَ قبلَ النِّكاحِ، فلم يَقَعْ، لو علَّقَه بالصِّفَةِ قبلَ أن يَتزوَّجَ بها، فإنَّه لا خِلافَ في أنَّه لو قال لأجْنَبِيَّةٍ: أنتِ طالق إذا دخَلْتِ الدَّارَ. ثم تزَوَّجَها، ودَخلتِ الدَّارَ، لم تَطْلُقْ. وهذا في معناه، فأمَّا إذاوُجدَتِ الصِّفَةُ في حالِ البَيْنونَةِ، انْحلَّتِ اليَمِين؛ لأن الشَّرْطَ وُجِدَ في وقتٍ لا يُمْكنُ وقوعُ الطَّلاقِ فيه، فسَقَطَتِ اليَمِينُ، وإذا انحَلَّتْ مَرةً، لم يُمْكِنْ عَوْدُها إلَّا بعَقْدٍ جديدٍ. ولَنا، أنَّ عقدَ الصِّفةِ ووُقوعَها وُجِدَا في النِّكاحِ، فيَقَعُ، كما لو لم يتَخَلَّلْه بينونةٌ، أو كما لو بانَتْ بما دونَ الثَّلاثِ عندَ مالكٍ وأبى حنيفةَ، ولم تَفْعَلِ الصِّفةَ. وقولُهم: إن هذا طَلاقٌ قبلَ نِكاحٍ. قلْنا: يَبْطُلُ بما إذا لم يُكْمِلِ الثَّلاثَ. وقولُهم: تَنْحلُّ الصِّفةُ بفِعْلِها. قلْنا: إنَّما تَنْحلُّ بفِعْلِها على وَجْهٍ يَحْنَثُ به؛ وذلك لأَنَّ اليمينَ [حُلَّ وعُقِدَ](1)، ثم ثَبَتَ أنَّ عَقْدَها يفْتَقِرُ إلى المِلْكِ، فكذلك حَلُّها،
(1) في الأصل: «حلًّا وعقدًا» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
والحِنْثُ لا يحصُلُ بفِعْلِ الصِّفةِ حالَ بَيْنُونَتِها، فلا تَنْحلُّ اليمينُ به. وأمَّا العِتْقُ، ففيهِ رِوايتانِ؛ إحداهما أنَّه كالنِّكاحِ في أنَّ الصِّفَةَ لا تَنْحلُّ بوُجودِها بعدَ بيعِه، فيكونُ كمسْأَلتِنا. والثَّانيةُ، تنْحَلُّ؛ لأَنَّ المِلْكَ الثَّانِىَ لا يُبْنَى على الأَوَّلِ في شئٍ مِن أحْكامِه. وفارَقَ النِّكاحَ، فإنَّه يُبْنَى على الأَوَّلِ في بعضِ أحْكامِه، وهو عدَدُ الطَّلاقِ، فجازَ أن يُبْنَى عليه في عَوْدِ الصِّفَةِ، ولأَنَّ هذا يُفعلُ حِيلَةً على إبطْالِ الطَّلاقِ المُعَلَّقِ، والحِيَلُ خِداعٌ لا تُحِلُّ ما حَرَّمَ اللَّهُ، فإنَّ ابنَ ماجَه (1) وابنَ بَطَّةَ روَيا بإسْنادَيْهما، عن أبى موسى، قال: قال رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: «ما بَالُ أقْوامٍ (2) يَلْعَبُونَ بِحُدُودِ اللَّهِ، وَيَسْتَهْزِئُونَ بآيَاتِه: قَدْ طَلَّقْتُكِ، قَدْ رَاجَعْتُكِ، قَدْ طَلَّقْتُكِ» . وفى لفظٍ روَاه ابنُ بَطَّةَ: «خَلَعْتُكِ، وراجَعْتُكِ، [طَلَّقْتُكِ، راجَعْتُكِ] (3)» . ورَوَى بإسْنادِه عن أبى هُرَيْرَةَ قال: قال رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لا تَرْتَكِبُوا ما ارْتَكَبتِ اليَهُودُ، فَتَسْتَحِلُّوا (4) مَحارِمَ اللَّهِ بأَدْنَى الْحِيَلِ» (5).
(1) أخرجه ابن ماجه، في: باب حدثنا سويد بن سعيد، من كتاب الطلاق. سنن ابن ماجه 1/ 650. كما أخرجه البيهقى، في: السنن الكبرى 7/ 322.
(2)
في م: «قوم» .
(3)
سقط من: م.
(4)
في الأصل: «فتستحلون» .
(5)
أورده ابن كثير في تفسيره عن طريق ابن بطة. التفسير 3/ 492، وانظر إرواء الغليل 5/ 375.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: فإن كانتِ الصِّفةُ لا تَعودُ بعدَ النِّكاحِ الثَّانِى، مثلَ أن قال: إن أكلْتِ هذا الرَّغِيفَ فأنتِ طالقٌ ثلاثًا. ثم أبانَها فأكَلَتْه (1)، ثم نَكَحَها، لم يَحْنَثْ؛ لأَنَّ حِنْثَه بوُجودِ الصِّفَةِ في النِّكاحِ الثَّانى، وما وُجِدَتْ، ولا يُمْكِنُ إيقاعُ الطَّلاقِ بأكْلِها له حالَ البَيْنُونَةِ؛ لأَنَّ الطَّلاقَ لا يَلْحَقُ البائِنَ.
(1) في م: «ثم أكلته» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
واللَّهُ تعالى أعلمُ.