الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِنْ كَانَ لَهُ امْرأَتَانِ؛ مُكَلَّفَةٌ، وَغَيْرُ مُكَلَّفَةٍ مُمَيِّزَةٌ، فَقَالَ: أَنْتُمَا
ــ
لا يَثْبُتُ في الذِّمَّةِ، ولأنَّه عَقْدٌ تعَلَّقَ بعَيْنٍ، فلا يجوزُ شَرْطُ تأْخيرِ التَّسْليمِ فيه. ولَنا، أنَّها جعَلَتْ عِوَضًا صحيحًا على طلاقِها، فإذا طَلَّقَها اسْتَحَقَّه، كما لو لم يَقُلْ: إلى شَهْرٍ. ولأنَّها جَعلَتْ له عِوَضًا صحيحًا على طلاقِها، فلم يَسْتَحِقَّ أكثرَ منه، كالأصلِ. وإن قالت: لكَ ألفٌ على أن تُطَلِّقَنِى أىَّ وَقْتٍ شئتَ، مِن الآنَ إلى شهرٍ. صَحَّ في قياسِ المسألةِ التى قبلَها. وقال القاضى: لا يَصِحُّ؛ لأَنَّ زمَنَ الطَّلاقِ مجهودٌ، فإذا طَلَّقَها فله مهرُ المثلِ. وهذا مذهبُ الشافعىِّ؛ لأنَّه طَلَّقَها على عِوَضٍ لم يَصِحَّ؛ لفَسادِه (1). ولَنا، ما تقَدَّمَ في التى قبلَها، ولا تَضُرُّ الجَهالَةُ في وَقْتِ الطَّلاقِ؛ لأنَّه ممَّا يَصِحُّ تعْليقُه على الشَّرْطِ، فصَحَّ بَذْلُ العِوَضِ فيه مجهولَ الوقتِ (2) كالجَعالةِ، ولأنَّه لو قال: متى أعْطَيْتِنى ألفًا فأنتِ طالقٌ. صَحَّ، وزَمَنُه مجهولٌ أكثرُ من الجَهالةِ ههُنا، [فإنَّ الجَهالةَ ههُنا](3) في شهرٍ واحدٍ، وثَمَّ في العُمُرِ كلِّه. وقولُ القاضى: له مَهْرُ المِثْلِ. مُخالِفٌ لقياسِ المذهبِ؛ فإنَّه ذكَر في المواضعِ التى يفسُدُ فيها العِوَضُ أنَّ له المُسَمَّى، فكذلك يَجِبُ أن يكونَ ههُنا إن حَكَمْنا بفَسادِه. واللَّهُ أعلمُ.
3408 - مسألة: (وإن كان له امْرَأَتان؛ مُكَلَّفَةٌ، وغَيْرُ مُكَلَّفَةٍ
(1) في م: «فساده» .
(2)
سقط من: الأصل.
(3)
سقط من: م.
طَالِقَتَانِ بِأَلْفٍ إِنْ شِئْتُمَا. فَقَالَتَا: قَدْ شِئْنَا. لَزِمَ الْمُكَلَّفَةَ نِصْفُ الْأَلْفِ، وَطَلُقَتْ بَائِنًا، وَوَقَعَ الطَّلاقُ بِالْأُخْرَى رَجْعِيًّا، وَلَا شَىْءَ عَلَيْهَا.
ــ
مُمَيِّزَةٌ، فقال) لهما:(أنْتُما طالقَتان بأَلْفٍ إن شِئْتُما. فقالتا: قد شِئْنا. لَزِمَ المُكَلَّفَةَ نِصْفُ الألْفِ، وطَلُقَتْ بائِنًا، ووَقَعَ الطَّلاقُ بالأُخْرَى رَجْعِيًّا، ولا شئَ عليها) إنَّما كان كذلك، لأَنَّ المُكلَّفَةَ إذا كانت رَشِيدةً فمَشيئَتُها صَحيحَةٌ، وتَصَرُّفُها في مالِها صحيحٌ، فيقَعُ الطَّلاقُ عليهما، ويجبُ على الرَّشيدةِ بقِسْطِها مِن العِوَضِ، ووَقَعَ طَلاقُها (1) بائِنًا، ويُقَسَّطُ (2) العِوَضُ بينَهما على قَدْرِ مَهْرَيْهِما، في ظاهرِ المذهبِ. وعلى قولِ أبى بكرٍ، يكونُ بينَهما نِصْفَيْنِ، ولا شئَ على غيرِ المُكَلَّفَةِ. وكذلك إن كانت محْجُورًا عليها للسَّفَهِ، ويقَعُ الطَّلاقُ عليها رَجْعِيًّا، لأَنَّ لها مَشِيئةً، [ولذلك يُرْجَعُ إلى مَشيئَةِ المَحْجُورِ عليه في النِّكاحِ، ويخَيَّرُ الغُلامُ بينَ أبويْه إذا بلَغ سَبْعَ سِنينَ](3)، ولكنَّ الحَجْرَ
(1) سقط من: م.
(2)
في الأصل: «يسقط» .
(3)
في م: «بقسطها» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وعدَمَ التَّكْليفِ منعَ صِحَّةَ تَصَرُّفِها ونُفوذَه. فإن كانت إحْداهما مجْنونةً أو صَغِيرَةً غيرَ مُمَيِّزَةٍ، لم تَصِحَّ المَشِيئةُ منهما، ولم يقَعِ الطَّلاقُ.
فصل: فإن كانَتا رَشِيدتَيْن، وقَع الطَّلاقُ بهما بائِنًا، إذا قالتَا: قد شِئْنا. ويَلْزَمُهما العِوَضُ بينَهما على قَدْرِ مَهْرَيْهما، في الصّحيحِ مِن المذهبِ. وهو قولُ ابنِ حامِدٍ، ومذهبُ أهلِ الرَّأْى، وأحَدُ قَوْلَى الشافعىِّ. وقال في الآخَرِ: يَلْزَمُ كُلَّ واحدةٍ منهما مَهْرُ مِثْلِها. وعلى قولِ أبى بكرٍ مِن أصحابِنا، يكونُ العِوَضُ بينَهما نِصْفَيْنِ. وأصلُ هذا في النِّكاحِ إذا تَزوَّجَ امرأتَيْنِ بمَهْرٍ واحدةٌ وقد ذَكَرْناه (1). فإن شاءتْ إحْداهما دُونَ الأُخْرَى، لم تَطْلُقْ واحدةٍ منهما؛ لأنَّه جعلَ مشيئَتَهما (2) شَرْطًا في طَلاقِ كلِّ واحدةٍ منهما، ويخالِفُ هذا ما إذا قال: أنتما طالِقتان
(1) تقدم في 20/ 106، 107.
(2)
في م: «مشيئتها» .