الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإنْ حَلَفَ لِعَامِلٍ أَنْ لَا يَخْرُجَ إلا بِإِذْنِهِ، فَعُزِلَ، فَهَلْ تَنْحَلُّ يَمِينُهُ؟ عَلَى وَجْهَينِ.
ــ
وهو قولُ الشافعيِّ؛ لأنَّها لم تَفْعَل ما حَلَفَ عليه وتَناوَلَه لَفْظُه. ونَقَلَ الفَضْلُ بنُ زيادٍ عن أحمدَ أنَّه سُئِلَ: إذا حَلَفَ بالطَّلاقِ أن لا يَخْرُجَ مِن بغْدادَ إلَّا لنُزْهَةٍ، فخرجَ إلى النُّزْهةِ، ثم مَرَّ إلى مكَّةَ، فقال: النُّزْهة لا تَكونُ إلى مكَّةَ. فظاهرُ هذا أنَّه أحْنَثَه، ووَجْهُه ما ذَكَرْنا. وقال في رجلٍ حَلَفَ بالطَّلاقِ أن لا يَأْتِيَ أرْمِينيَةَ (1) إلَّا بإذْنِ امرأتِه، فقالتِ امرأتُه: اذهبْ حيثُ شِئْتَ. فقال: لا حتى تقولَ: إلى أرْمِينيَةَ. والصحيحُ أنَّه متى أذِنَتْ له إذْنًا عامًّا لم (2) يَحْنَثْ. قال القاضي: وهذا مِن كلامِ أحمدَ محمولٌ على أنَّ هذا خَرَجَ مَخْرَجَ الغَضَبِ والكَرَاهةِ، ولو قالت هذا بطِيبِ قَلْبِها، كان إذْنًا منها، وله الخُروجُ، وإن كان بلَفْظٍ عامٍّ.
3601 - مسألة: (وَإنْ حَلَفَ لِعَامِلٍ أن لا يَخْرُجَ إلَّا بإذْنِه، فَعُزِلَ، فَهَلْ تَنْحَلُّ يَمِينُه؟ عَلَى وَجْهَينِ)
وهذا مَبْنِيٌّ على ما إذا حَلَفَ
(1) أرمينية: اسم لصقع عظيم واسع في جهة الشمال (شمال غربي آسيا). معجم البلدان 1/ 219. وكانت تقع فيما كان يعرف بالاتحاد السوفيتي.
(2)
في م: «ما لم» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
يمينًا عامَّةً لسَبَبٍ خاصٍّ، هل تَخْتَصُّ يَمِينُه بسَبَبِ اليَمينِ؟ على وَجْهَينِ؛ أحدُهما، أنَّها تَخْتَصُّ به؛ لأنَّ الظَّاهِرَ أنَّه أرادَه، فاخْتَصتْ يَمِينُهُ به، كما لو نَوَاه. فعلى هذا، تَنْحَلُّ يَمينُه؛ لأنَّه إنَّما حَلَفَ عليه لكَوْنِه عامِلًا له. وهذا قولُ أصحابِ أبي حنيفةَ. ورُوِيَ عن أحمدَ ما يدُلُّ على أنَّ يَمينَه تُحْمَلُ على العُمُومِ، فقال في مَن قال: للهِ عليَّ أن لا أصِيدَ في هذا النَّهرِ. لظُلْمٍ رآه، فتَغَيَّرَ حالُه، فقال: النَّذْرُ يُوفَى به. وذلك لأنَّ اللَّفْظَ دليلُ الحُكْمِ، فيَجِبُ اعْتِبارُه في الخُصُوصِ والعُمُومِ، كما في لَفْظِ الشَّارِعِ. وَوَجْهُ الأوَّلِ، أنَّ السَّبَبَ الخاصَّ يدُلُّ على قَصْدِ الخُصوصِ، ويقُومُ مَقامَ النِّيَّةِ عند عَدَمِها (1)؛ لدَلالتِه عليها، فوَجَبَ أن يَخْتَصَّ به اللَّفْظُ العامُّ كالنِّيَّةِ، وفارَقَ لَفْظَ الشَّارِعِ، فإنَّه يُرِيدُ بيانَ الأحْكامِ، ولا يَخْتَصُّ بمحَل السَّبَبِ؛ لكَوْنِ الحاجَةِ داعِيةً إلى مَعْرفةِ الحُكْمِ في غيِر محَلِّ السَّببِ. فعلى هذا، لو قامتِ امْرأتُه لتَخْرُجَ فقال: إنْ خَرَجْتِ فأنتِ طالقٌ. فرَجَعَتْ، ثُمَّ خرجتْ بعدَ ذلك، أو دَعَاهُ إنْسانٌ إلى غَدَائِه، فقال: امْرأتِي طالقٌ إن تَغَدَّيتُ. ثم رَجَعَ فتَغَدَّى في مَنزِله، لم يَحْنَثْ على الأوَّلِ، ويَحْنَثُ على الثاني. وإن حَلَفَ لعامل أنْ لا يَخْرُجَ إلَّا بإذْنِه، أو حَلَفَ بذلك على امْرأتِه أو مَمْلوكِه، فَعَزلَ العامِلَ، أو طَلَّقَ المرأةَ، أو بَاعَ المَمْلُوكَ، أو حَلَفَ على وَكيلٍ فَعَزَلَه، خُرِّجَ في ذلك كُلِّه وَجْهانِ.
(1) في م: «عمومها» .