الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَا يَقَعُ بِالْمُعْتَدَّةِ مِنَ الْخُلْعِ طَلَاقٌ وَلَوْ وَاجَهَهَا بِهِ.
ــ
قَبْضٌ لعِوَضٍ (1)، فلم يقُمْ بمُجَرَّدِه مَقامَ الإِيجابِ، كقَبْضِ أحَدِ العِوَضَيْنِ في البيعِ، ولأَنَّ الخُلْعَ إن كان طلاقًا، فلا يقعُ بدُونِ صَرِيحِه أو كِنايَتِه، وإن كان فَسْخًا فهو أحدُ طَرَفَىْ عَقْدِ النِّكاحِ، فيُعْتَبَر فيه اللَّفْظُ، كابْتِداءِ العَقْدِ. فأمَّا حديث جَمِيلةَ، فقد روَاه البُخَارِىُّ (2):«اقْبَلِ الحَدِيقَةَ وَطَلِّقْها تَطْلِيقَةً» . وهذا صَرِيحٌ في اعْتِبارِ اللَّفْظِ. وفى رِوايةٍ: فأمَرَه فَفارَقَها. ومَن لم يذْكرِ الفُرْقةَ، فإنَّما اقْتَصرَ على بعضِ القِصَّةِ، بدليلِ رِوايةِ مَن رَوَى الفُرْقةَ والطَّلاقَ، فإنَّ القصَّةَ واحدةٌ، والزِّيادةُ مِنَ الثِّقَةِ مَقْبُولَةٌ، ويدلُّ على ذلك أنَّه قال: ففرَّقَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم بينَهما، وقال:«خذْ ما أَعْطَيْتَها» . فجعلَ التَّفْريقَ [قَبْلَ العِوَضِ](3)، ونسَب التَّفْريقَ إلى النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم، ومعْلْومٌ أنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم لا يُباشِرُ التَّفْريقَ، فدَلَّ على أنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم أمرَ به، ولعلَّ الرَّاوِىَ اسْتَغْنَى بذِكْرِ العِوَضِ عن ذِكْرِ اللَّفْظِ؛ لأنَّه مَعْلومٌ منه. وعلى هذا يُحْمَلُ كلامُ أحمدَ وغيرِه مِن الأئِمَّةِ، ولذلك لم يذْكُروا مِن جانِبِها لَفْظًا ولا دَلالةَ حالٍ، ولا بُدَّ منه اتِّفاقًا.
3391 - مسألة: (ولا يَقَعُ بالمعْتَدَّةِ مِن الخُلْعِ طَلاقٌ ولو واجَهَها
(1) في م: «بعوض» .
(2)
تقدم تخريج الروايات في صفحة 6، 7.
(3)
في م: «قبولًا لعوض» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
به) وجملةُ ذلك، أنَّ المُخْتَلِعَةَ لا يَلْحَقُها طلاقٌ بحالٍ. وبه قال ابنُ عبَّاسٍ، وابنُ الزُّبَيْرِ، وعِكْرِمَةُ، وجابِرُ بنُ زيدٍ، والحسَنُ، والشَّعْبِىُّ، ومالكٌ، والشافعىُّ، وإسْحاقُ، وأبو ثَوْرٍ. وحُكِىَ عن أبى حنيفةَ أنَّه يَلْحَقُها الطَّلاقُ الصَّرِيحُ المُعَيَّنُ، دونَ الكِنايةِ والطَّلاقِ المُرْسَلِ، وهو أن يَقولَ: كُلُّ امْرأةٍ لى طالقٌ. ورُوِىَ ذلك عن سعيدِ بنِ المُسَيَّبِ، وشُرَيْحٍ، وطاوُسٍ، والنَّخَعِىِّ، والزُّهْرِىِّ، والحَكَمِ، وحَمَّادٍ، والثَّوْرِىِّ؛ لِما رُوِى عن النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه قال:«المُخْتَلِعَةُ يَلْحَقُها الطَّلاقُ ما دَامَتْ في العِدَّةِ» (1). ولَنا، أنَّه قولُ ابنِ عبَّاسٍ، وابنِ الزُّبَيْرِ، ولا نَعْرِفُ لهما مُخالِفًا في عَصْرِهما. ولأنَّها لا تَحِلُّ له إلَّا بنِكاحٍ جديدٍ، فلم يَلْحَقْها طَلاقُه، كالمُطَلَّقَةِ قبلَ الدُّخولِ. أو المُنْقَضِيَةِ عِدَّتُها، ولأنَّه لا يَمْلِكُ بُضْعَها، فلم يَلْحَقْها طَلاقُه، كالأجْنبِيَّةِ، ولأنَّها لا يقعُ بها الطَّلاقُ المُرْسَلُ، ولا تَطْلُقُ بالكِنَايةِ، فلم يَلْحَقْها الصَّرِيحُ، كما قبلَ الدُّخولِ. ولا فَرْقَ بينَ أنَّ يُواجِهَها به، فيقولَ: أنتِ طالقٌ. أو لا يُواجِهَها به، مثلَ أن يقولَ: فلانةُ طالقٌ. وحدِيثُهم لا نَعْرِفُ له أصْلًا،
(1) أخرجه عبد الرزاق، في: باب الطلاق بعد الفداء، من كتاب الطلاق. المصنف 6/ 489. قال عبد الرزاق: فذكرناه للثورى، فقال: سألنا عنه فلم نجد له أصلا.