الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً في اثْنَتَيْنِ. وَنَوَى طَلْقَةً مَعَ طَلْقَتَيْنِ، طَلُقَتْ ثَلَاثًا، وَإِنْ نَوَى مُوجَبَهُ عِنْدَ الْحِسَابِ، وَهُوَ يَعْرِفُهُ، طَلُقَتْ طَلْقَتَيْنِ، وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْهُ، فَكَذَلِكَ عِنْدَ ابْن
ــ
فلم يَجُزْ إلْغاؤُها، وكقولِه: بِعتُك هذا الثَّوْبَ مِن أوَّلِه إلى آخِرِه. ولَنا على أنَّ ابْتِداءَ الغايةِ يَدْخُلُ، قولُه: خَرجْتُ مِن البَصْرَةِ. فإنَّه يدلُّ على أنَّه كان فيها، وأمَّا انْتِهاءُ الغايةِ، فلا يَدْخُلُ بمُقْتَضَى اللَّفْظِ، ولو احْتَملَ الدُّخولَ وعَدَمَه، لم يَقَعِ الطَّلاقُ بالشَّكِّ. فإن قال: أنتِ طالقٌ ما بينَ واحدةٍ وثلاثٍ. وقَعَتْ واحدةٌ (1)؛ لأنَّها التى بينَهما (2).
3485 - مسألة: (وإذا قال: أنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً في اثْنَتَيْن. وَنَوَى طَلْقَةً مع طَلْقَتَيْن، وَقَعَتِ الثَّلاثُ، وإن نَوَى مُوجَبَه عندَ الحسابِ، وهو يَعْرِفُه، طَلُقَتْ طَلْقَتَيْنِ، وإن لم يَعْرِفه، فكذلك عندَ ابنِ حامدٍ. وعندَ
(1) سقط من: م.
(2)
في الأصل: «يليها» .
حَامِدٍ. وَعِنْدَ الْقَاضِى، تَطْلُقُ وَاحِدَةً. وَإِنْ لَمْ يَنْوِ، وَقَعَ بِامْرَأَةِ الْحَاسِبِ طَلْقَتَانِ، وَبِغَيْرِهَا طَلْقَةٌ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَطْلُقَ ثَلَاثًا.
ــ
القاضى تَطْلُقُ واحدةً. وإن لم يَنْوِ، وقَعَ بامرأةِ الحاسِبِ طَلْقَتانِ، وبغَيْرِها طَلْقَةٌ. ويَحْتَمِلُ أن تَطْلُقَ ثلاثًا) إذا قال: أنتِ طالقٌ طَلْقَةً في طَلْقَتَيْن. أو: واحِدَةً في اثْنَتَيْن. ونَوَى به ثلاثًا، فهى ثلاثٌ؛ لأنَّه [يعَبَّرُ بـ «في»](1) عن «مع» (2)، كقولِه تعالى:{فَادْخُلِي فِي عِبَادِي} (3). فتَقديرُ الكلامِ: طَلْقَةً مع طَلْقَتَيْن. فإذا أقَرَّ بذلك على نفسِه، قُبِل منه. وإن قال: أرَدْتُ واحدةً. قُبِل أيضًا وإن كان حاسبًا. وقال القاضى: لا يُقْبَلُ إذا كان عارِفًا بالحسابِ، وَوقعَ طَلْقتانِ؛ لأنَّه خلافُ ما اقْتَضاه اللَّفْظُ. ولَنا، أنَّه فَسَّرَ كلامَه بما يَحْتَمِلُه، فإنَّه لا يَبْعُدُ أن يُرِيدَ بكلامِه ما يُرِيدُه العامِّىُّ. وإن لم تَكُنْ له نِيَّةٌ، وكان عارِفًا بالحسابِ، وقَعَ طَلْقَتانِ. وقال الشافعىُّ: إن أطْلَقَ، لم يَقَعْ إلَّا واحدةٌ؛ لأَنَّ لَفْظَ الإِيقاعِ إنَّما هو لَفْظُ (2) الواحدةِ، وما زادَ عليها لم يَحْصُلْ فيه لَفْظُ
(1) في م: «بغير نفى» .
(2)
سقط من: م.
(3)
سورة الفجر 29.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الإِيقاعِ، وإنَّما يَقَعُ الزَّائدُ بالقَصْدِ، فإذا خَلا عن القَصْدِ، لم يَقَعْ إلَّا ما أوْقَعَه. وقال بعضُ أصحابهِ كقَوْلِنا. وقال أبو حنيفةَ: لا يَقَعُ إلَّا واحدةٌ، سواءٌ قَصَدَ به الحسابَ أو لم يَقْصِدْ، [إذا لم يَقْصِدْ به واحدةً مع اثْنَتَيْن](1)؛ لأَنَّ الضَّرْبَ إنَّما يَصِحُّ فيما لَهُ مِسَاحةٌ، فأمَّا ما لا مِسَاحَةَ له، فلا حَقِيقةَ فيه للحِسَابِ، وإنَّما حصل منه الإِيقاعُ في واحدةٍ، فوَقَعتْ دُونَ غيرِها. ولَنا، أنَّ هذا اللَّفْظَ موْضوعٌ في اصْطِلاحِهم لاثْنَيْنِ، فإذا لَفَظَ به وأطْلَقَ، وَقَعَ، كما لو قال: أنتِ طالقٌ اثْنَتَيْنِ. وبهذا يحْصُلُ الانْفِصالُ عمَّا قاله الشافعىُّ، فإنَّ اللَّفْظَ الموْضوعَ لا يُحْتاجُ معه إلى نِيَّةٍ. فأمَّا ما قَالَه أبو حنيفةَ، فإنَّما ذلك في وَضْع (2) الحِسَابِ بالأصْلِ، ثم صار مُسْتَعْمَلًا في كُلِّ مَا لَه عَددٌ، فصارَ حقيقةً فيه، فأمَّا الجاهِلُ بمُقتَضَى ذلك في الحِسَابِ إذا أطْلَقَ، وقَعَتْ طَلْقَةٌ واحدةٌ؛ لأَنَّ لَفْظَ الإِيقاعِ إنَّما
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
هو لَفْظَةٌ واحدةٌ، وإنَّما صارَ مَصْرُوفًا إلى الاثْنَتَيْن بوَضْعِ أَهْلِ الحِسَابِ واصْطِلاحِهم، فَمَنْ لا يَعْرِفُ اصْطِلاحَهم لا يَلْزَمُه مُقتَضاه، كالعَرَبِىِّ يَنْطِقُ بالطَّلاقِ بالعَجَمِيَّةِ وهو لا يَعْرِفُ مَعْناها. فإن نَوَى مُوجَبَه عندَ الحِسَابِ، وهو لا يَعْرِفُه، فقال ابنُ حامدٍ (1): هو كالحاسِب قِياسًا عليه؛ لاشْتِرَاكِهما في النيَّةِ. وعندَ القاضى، تَطْلُقُ واحدةً؛ لأنَّه إذا لم يَعْرِفْ مُوجَبَه لم يَقْصِدْ إيقاعَه، فهو كالعَجَمِىِّ يَنْطِقُ بالطَّلاقِ بالعَرَبِىِّ ولا يَفْهَمُه. وهذا قولُ أكثرِ أصحابِ الشافعىِّ، إذا لم يَكُنْ يَعْرِفُ مُوجَبَه؛ لأنَّه لا يَصِحُّ منه قَصْدُ ما لا يَعْرِفُه. ويَحْتَمِلُ أَنْ تَطْلُقَ ثلاثًا، بِناءً على أنَّ «في» مَعْناها «مع» ، فالتَّقْديرُ: أنتِ طالقٌ طَلْقَةً مع طَلْقَتَيْن. قال
(1) بعده في م: «لا يقع» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
شيْخُنا (1): ولم يُفَرِّقْ أصحابُنا في ذلك بينَ أن يكونَ المُتَكَلِّمُ بذلك ممَّن لهم عُرْفٌ في هذا اللَّفْظِ (2) أو لا، والظَّاهِرُ أنَّه (2) إنْ كان المُتَكَلِّمُ بذلك ممَّن عُرْفُهم أنَّ «في» ههُنا بمعنى «مع» وَقَعَتِ الثَّلاثُ؛ لأَنَّ كلامَه يُحْمَلُ على عُرْفِهم، والظَّاهِرُ منه إرادَتُه، وهو المُتَبادَرُ إلى الفَهْمِ مِن كلامِه.
فصل: إذا قال: أنتِ طالقٌ طَلْقَةً، بل طَلْقَتَيْن. وقَعَ طَلْقَتانِ. نَصَّ عليه أحمدُ. وقال الشافعيَّةُ (3): يقَعُ ثَلاثًا، في أحدِ الوَجْهَيْن؛ لأَنَّ قولَه: أنتِ طالقٌ. إيقاعٌ، فلا يجوزُ إيقاعُ الواحدةِ مَرَّتَيْنِ، فيَدُلُّ على أنَّه أوْقَعَها، ثُمَّ أرادَ رَفْعَها (4)، وأَوْقَعَ (5) اثْنَتَيْن آخِرَتَيْنِ، فوَقَعَ
(1) في: المغنى 10/ 541.
(2)
سقط من: م.
(3)
في الأصل: «الشافعى» .
(4)
في م: «دفعها» .
(5)
في م: «وقع» .