الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِنْ كَتَبَ طَلَاقَ امْرأَتِهِ وَنَوَى الطَّلَاقَ، وَقَعَ، وَإِنْ نَوَى تَجْوِيدَ خَطِّهِ، أَوْ غَمَّ أَهْلِهِ، لَمْ يَقَعْ. وَهَلْ تُقْبَلُ دَعْوَاهُ فِى الْحُكْمِ؟ يُخَرَّجُ عَلَى رِوَايَتَيْنِ.
ــ
3451 - مسألة: (وَإِنْ كَتَبَ طَلاقَ امْرَأتِه ونَوَى الطَّلاقَ، وَقَعَ، وإنْ نَوَى تَجْوِيدَ خَطِّهِ، أو غَمَّ أهْلِهِ، لَمْ يقَعْ. وَهَلْ تُقْبَلُ دَعْوَاهُ فِى الحُكْمِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْن)
إذا كتبَ طَلاقَ زَوْجتِه ونوَى الطَّلاقَ، طَلُقَتْ زَوْجتُه. وبهذا قال الشَّعْبِىُّ، والنَّخَعِىُّ، والزُّهْرِىُّ، والحَكَمُ، وأبو حنيفةَ، ومالكٌ. وهو المنْصوصُ عن الشافعىِّ. وذكَرَ بعضُ أصحابِه، أنَّ له قَوْلًا آخَرَ، أنَّه لا يَقَعُ به طلاق وإنْ نَوَاه؛ لأنَّه فِعْل مِن قادرٍ على النُّطْقِ، فلم يَقَعْ به الطَّلاقُ، كالإِشارةِ. ولَنا، أنَّ الكِتابةَ حُروفٌ يُفهَمُ منها الطَّلاقُ، فإذا أتَى فيها بالطلاق وفُهِمَ منها، ونَواهُ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وَقَع كاللَّفْظِ، ولأَنَّ الكِتابةَ تَقومُ مَقامَ قَوْلِ (1) الكاتبِ؛ بدَلالةِ أنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم كان مَأْمُورًا بتَبْليغِ رِسالَتِه، فَحَصَل (2) ذلك في حَقِّ البعْضِ بالقَوْلِ، وفى حَقِّ آخرينَ بالكتابةِ إلى مُلُوكِ الأطْرافِ، ولأَنَّ كتابَ القاضى يَقومُ مَقامَ لَفْظِه في إثْباتِ الدُّيونِ والحُقُوقِ. فإنْ نَوَى بذلك تَجْوِيدَ خَطِّه، أو تَجْرِبَةَ قَلَمِه، لم يَقَعْ؛ لأنَّه لو نَوَى باللَّفْظِ غيرَ الإِيقاعِ، لم يَقَعْ، فالكَتابةُ أوْلَى. وإذا ادَّعَى ذلك، دُيِّنَ فيما بينَه وبينَ اللَّهِ تعالى، ويُقْبَلُ في الحُكْمِ في أصَحِّ الوَجْهَيْنِ؛ لأَنَّ ذلك يُقْبَلُ في اللَّفْظِ الصَّرِيحِ، في أحَدِ الوَجْهَيْنِ، فَههُنا مع أنَّه ليس بلَفْظٍ أوْلَى. وإن قال: نوَيْتُ غَمَّ
(1) سقط من: م.
(2)
في م: «فجعل» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أهْلِى. فقد قال في رِوايَةِ أبى طالبِ، في مَن كتبَ طَلاقَ زَوْجَتِه ونَوَى الطَّلاقَ: وَقَعَ، وإن أرادَ أن يَغُمَّ أهْلَه، فقد عَمِلَ في ذلك أيضًا. يعنى أنه يُؤاخَذُ به؛ لقولِ النبىِّ صلى الله عليه وسلم:«عُفِىَ لأُمَّتِى عَمَّا حَدَّثَتْ بهِ أنْفُسَهَا مَا لَمْ تَكَلَّمْ أَوْ تَعْمَلْ بِهِ (1)» . فظاهِرُ هذا أنَّه أوْقَعَ الطَّلاقَ؛ لأَنَّ غَمَّ أهْلِه يَحْصُلُ بالطَّلاقِ، فيَجْتَمِعُ غَمُّ أهْلِه ووُقُوعُ طَلاقِه، كما لو قال: أنتِ طالقٌ. يُرِيدُ به غَمَّها. ويَحْتَمِلُ أن لا يَقَعَ؛ لأنَّه أرادَ غَمَّ أهْلِه بتَوَهُّمِ الطَّلاقِ دُونَ حقيقتِه، فلا يَكونُ ناوِيًا للطَّلاقِ، والخَبَرُ إنَّما يدُلُّ على مُؤاخَذَتِه بما نَوَاه عندَ العَمَلِ به أو الكلامِ، وهذا لم يَنْوِ طَلاقًا، فلا يُؤاخَذُ به.
(1) تقدم تخريجه في 7/ 428.