الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإنْ خَالَعَهَا عَلَى رَضَاعِ وَلَدِهِ عَامَيْنِ، أَوْ سُكْنَى دَارٍ، صَحَّ، فَإنْ مَاتَ الْوَلَدُ أَوْ خَرِبَتِ الدَّارُ، رَجَعَ بِأُجْرَةِ بَاقِى الْمُدَّةِ.
ــ
فيه كما لو خالَعَها عليه. وهذا مذهبُ الشافعىِّ، إلَّا أنَّه لا يجْعَلُ له المُطالبَةَ بالأَرْشِ مع إمْكانِ الرَّدِّ. وهذا أصلٌ ذكَرْناه في البيعِ (1). وله قولٌ، أنَّه إذا رَدَّه رجَع بمهرِ المِثْلِ. وهذا الأصلُ ذُكِرَ في الصَّداقِ (2).
3396 - مسألة: (وإن خالَعَها على رَضاعِ وَلَدِه عامَيْنِ، أو سُكْنَى دارٍ، صَحَّ، فَإن ماتَ الولدُ أو خَرِبَتِ الدَّارُ، رَجَعَ بأُجْرَةِ باقِى المُدَّةِ)
أمَّا إذا خالعَها على سُكْنَى دارٍ مُعَيَّنةٍ، فلا بُدَّ مِن تَعْيِينِ المُدَّةِ، كالإِجارَةِ، فإق خَرِبَتِ الدَّارُ، رجعَ عليها بأُجْرَةِ باقِى المُدَّةِ، وتُقدَّرُ بأُجْرَةِ المِثْلِ، ويَنْفَسِخُ العَقْدُ، كالإِجارَةِ (3) إذا هَلكتِ الدَّابَّةُ. وأمَّا إذا خالَعَتْه على رَضاعِ ولدِه مُدَّةً معْلومةً، صَحَّ، قلَّ أو كَثُرَ. وبهذا قال
(1) تقدم في 11/ 376، 377.
(2)
تقدم في 21/ 175.
(3)
في م: «والإجارة» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الشافعىُّ؛ لأَنَّ هذا ممَّا تَصِحُّ المُعاوَضَة عليه في غيرِ الخُلْع، ففى الخُلْعِ أَوْلَى. فإن خالعَتْه على رَضاعِ ولَدِه مُطْلَقًا ولم تذْكَرْ مُدَّةٌ، صَحَّ أيضًا، ويَنْصَرِفُ إلى ما بَقِىَ مِن الحَوْلَيْنِ. نَصَّ عليه أحمدُ، قيلَ له: ويَستقيمُ هذا الشَّرْطُ -رَضاعُ ولَدِها- ولا يَقول: تُرْضِعُه سنتَيْنِ؟ قال: نعم. وقال أصْحابُ الشافعىِّ: لا يَصِحُّ حتى تُذْكَرَ مُدَّةُ الرَّضاعِ، كما لا تصِحُّ الإِجارةُ حتى تُذْكَرَ المُدَّةُ. ولَنا، أنَّ اللَّهَ تعالى قيَّدَه بالحَوْلَيْنِ، فقال تعالى:{وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ} (1). وقال سبحانه: {وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ} (2). وقال: {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا} (3). ولم يُيَيِّنْ مدَّةَ الحَمْلِ والفِصَالِ ههُنا، فحُمِلَ على ما فصَّلَتْه الآيةُ (4) الأُخْرَى، وجُعِلَ الفِصالُ عامَيْنِ والحمْلُ
(1) سورة البقرة 233.
(2)
سورة لقمان 14.
(3)
سورة الأحقاف 15.
(4)
سقط من: الأصل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
سِتَّةَ أشْهُرٍ، وقال النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم:«لا رَضاعَ بعدَ فِصالٍ» (1). يعنى بعدَ العامَيْنِ، فيُحْمَلُ المُطْلَقُ مِن كَلامِ الآدَمِىِّ على المُطْلَقِ مِن كلامِ اللَّهِ تعالى. ولا يَحْتاجُ إلى وَصْفِ الرَّضاعِ؛ لأَنَّ جنْسَه كافٍ، كما لو ذكرَ جِنْسَ الخِياطَةِ في الإِجارةِ. فإن ماتَت المُرْضِعَةُ أَو جَفَّ لَبَنُها، فعليها أجرُ المِثْلِ لِما بَقِىَ مِنِ المُدَّةِ. وإن ماتَ الصَّبِىُّ فكذلك. وقال الشافعىُّ في أحَدِ قَوْلَيْه: لا يَنْفسِخُ، ويَأْتِيها بصَبِىٍّ تُرْضِعُه؛ لأَنَّ الصَّبِىَّ مُسْتَوْفًى به لا مَعْقُودًا عليه، فأشْبَهَ ما لو اسْتَأْجَرَ دابَّةً ليَرْكَبَها فماتَ. ولَنا، أنَّه عَقْدٌ على فِعْلٍ مُعَيَّنٍ (2) في عَيْنٍ، فيَنْفَسِخُ بتَلَفِها، كما لو ماتَتِ الدَّابَّةُ المُسْتَأْجَرَةُ، ولأَنَّ ما يَسْتَوْفِيه مِن اللَّبَنِ إنَّما يتَقَدَّرُ بحاجةِ الصَّبِىِّ،
(1) أخرجه عبد الرزاق، في: المصنف 7/ 464. والطبرانى، في: المعجم الصغير 2/ 98، كلاهما من حديث على. وعبد الرزاق، في الموضع السابق. وأبو داود الطيالسى في مسنده 243، كلاهما من حديث جابر بن عبد اللَّه. كما أخرجه عبد الرزاق، في الموضع السابق موقوفا على علىّ. وانظر الكلام على الحديث في: نصب الراية 3/ 219.
(2)
زيادة من: الأصل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وحاجاتُ الصِّبيان [تَخْتَلِفُ و](1) لا تَنْضَبِطُ، فلم يَجُزْ أنَّ يقومَ غيرُه مَقامَه، كما لو أرادَ إبْدالَه في حياتِه، فلم يَجُزْ بعدَ مَوْتِه، كالمُرْضِعَةِ، بخلافِ راكب الدَّابَّةِ. وإن وُجِدَ أحدُ هذه الأمُورِ قبلَ مُضِىِّ شئٍ مِن المدَّةِ، فعليها أَجْرُ رَضاعِ مِثْلِه. وعن مالكٍ كقَوْلِنا، وعنه، لا يَرْجِعُ بشئٍ. وعن الشافعىِّ كقَوْلِنا، وعنه، يَرْجِعُ بالمَهْرِ. ولَنا، أنَّه عِوَضٌ مُعَيَّنٌ تَلِفَ قبلَ قَبْضِه، فَوجبتْ قِيمَتُه أو مِثْلُه، كما لو خالَعَها على قَفِيزٍ، فهَلكَ قبلَ قَبْضِه.
فصل: وإن خالَعَها على كَفالَةِ وَلَدِه عشْرَ سِنِينَ، صَحَّ وإن لم يَذْكُرْ مدَّةَ الرَّضاعِ منها ولا قَدْرَ الطَّعامِ والأُدْمِ (2)، ويُرْجَعُ عندَ الإِطْلاقِ إلى نفَقَةِ مِثْلِه. وقال الشافعىُّ: لا يَصِحُّ حتى يَذْكُرَ مدَّةَ الرَّضاعِ، وقَدْرَ الطَّعامِ وجِنْسَه، وقَدْرَ الأُدْمِ وجِنْسَه، ويكونَ المبلغُ مَعْلومًا مَضْبوطًا بالصِّفَةِ كالمُسْلَمِ فيه، وما يَحِلُّ منه كلَّ يوم. ومَبْنَى الخلافِ على اشْتِراطِ الطَّعامِ للأجيرِ مُطْلقًا، وقد ذكَرْناه في الإِجارةِ ودَلَّلْنا عليه بقِصَّةِ مُوسَى،
(1) سقط من: م.
(2)
الأدم: الإدام، وهو ما يستمرأ به الخبز.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
عليه السلام، وقولِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم:«رَحِمَ اللَّهُ أَخِى مُوسَى، أجَرَ نَفْسَه بطَعامِ بَطْنِهِ وَعِفَّةِ فَرْجهِ» (1). ولأَنَّ نفَقةَ الزَّوْجَة مُسْتَحَقَّةٌ بطَريقِ المُعاوَضةِ، وهى غير مُقَدَّرَةٍ، كذا ههُنا. وللوالدِ أن يَأْخُذَ منها ما يَسْتَحِقُّه مِن مُؤْنَةِ الصَّبِىِّ وما يَحْتاجُ إليه؛ لأنَّه بدَل ثَبَت له في ذِمَّتِها، فله أنَّ يَسْتَوْفِيَه بنَفْسِه وبغيرِه، فإن أحَبَّ أنْفقَه بعَيْنِه، وإن أحَبَّ أخَذَه لنَفْسِه وأنْفَقَ عليه غيرَه. وإن أذِنَ لها في إنْفاقِه على الصَّبِىِّ، جازَ. فإن ماتَ الصَّبِىُّ بعدَ انْقضاءِ مُدَّةِ الرَّضاعِ، فلأبِيه أنَّ يَأْخُذَ ما بَقِىَ مِن المُؤْنَةِ. وهل يَسْتَحِقُّه دَفْعةً أو يومًا بيَوْمٍ؟ فيه وجْهَان؛ إحدُهما، يَسْتَحِقُّه دَفْعةً واحدةً. ذكَره القاضى في «الجَامِع» ، واحْتَجَّ بقولِ أحمدَ، إذا خالعَها على رَضاعِ وَلَدِه، فماتَ في أثْناء الحَوْلَيْنِ، قال: يَرْجِعُ عليها ببَقِيَّةِ ذلك. فلم يَعْتَبِرِ الأجَلَ. ولأنَّه إنَّمَا فُرِّقَ لحاجةِ الولدِ إليه متفَرِّقًا، فإذا زالتِ الحاجةُ إلى التَّفْريقِ استُحِقَّ جُمْلةً واحدةً. والثانى، لا يسْتَحِقُّه إلَّا يومًا بيَوْمٍ. ذكره القاضى في «المُجَرَّدِ» . وهو الصَّحيحُ؛ لأنَّه ثَبَت مُنَجَّمًا، فلا يسْتحِقه مُعَجَّلًا، كما لو أسْلَمَ إليه في خبْز يَأْخُذُ منه كلَّ يَوْم أرْطالًا معْلومةً، فمات المُسْتَحِقُّ له، ولأَنَّ الحقَّ لا يُسْتَحَقُّ بموتِ المُسْتَوْفِى، كما لو مات وكيلُ صاحبِ الحقِّ، وإن وقَع الخِلافُ في اسْتِحْقاقِه بموتِ مَن هو عليه. ولأصحابِ الشافعىِّ في هذا وَجْهانِ كهذَيْنِ. وإن ماتَتِ المرأةُ خُرِّجَ في اسْتِحْقاقِه في الحالِ وَجْهانِ كهذَيْنِ،
(1) تقدم تخريجه في 14/ 259.