الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِنْ طَلَّقَ الْمَدْخُولَ بِهَا فِى حَيْضِهَا، أَوْ طُهْرٍ أَصَابَهَا فِيهِ، فَهُوَ طَلَاقُ بِدْعَةٍ مُحَرَّمٌ، وَيَقَعُ.
ــ
بعدَ الطَّلْقَةِ ثم طَلَّقَها، كان للسُّنَّةِ على كلِّ حالٍ، حتى قد قال أبو حنيفةَ: لو أمْسَكَها بيَدِه (1) لشَهْوةٍ، ثم والَى [بينَ الثَّلاثِ](2)، كان مُصِيبًا للسُّنَّةِ؛ لأنَّه يكونُ مُرْتَجِعًا لها (3). والمعنى فيه أنَّه إذا ارْتَجَعَها، سَقَطَ حُكْمُ الطَّلْقَةِ الأُولَى، فصارتْ كأنَّها لم تُوجَدْ، ولا غِنَى به عن الطَّلْقَةِ الأُخْرَى إذا احْتاجَ إلى فِراقِ امْرأتِه، بخِلافِ ما إذا لم يَرْتَجعْها؛ فإنَّه مُسْتَغْنٍ عنها، لإِفْضائِها إلى مَقْصودِه مِن إبانَتِها، فافْتَرقا، ولأَنَّ ما ذَكَرُوه إرْدافُ طَلاقٍ مِن غيرِ ارْتجاعٍ، فلم يكُنْ للسُّنَّةِ، كجَمْعِ الثَّلاثِ [في طُهْرٍ واحدٍ، أو تَحْرِيمٌ للمَرأةِ لا يَزولُ إلَّا بِزَوْجٍ وإصابةٍ مِنْ غيرِ حاجةٍ، فلم يكُنْ للسُّنَّةِ، كجَمْعِ الثَّلاثِ](4).
3433 - مسألة: (وإنْ طَلَّقَ المَدْخُولَ بِهَا في حَيْضِهَا، أَوْ طُهْرٍ أصَابَهَا فيهِ، فَهُوَ طَلَاقُ بِدْعَةٍ مُحَرَّمٌ، وَيَقَعُ)
طلاقُه، في قولِ عامَّةِ أهلِ
(1) في الأصل: «مدة» .
(2)
في الأصل: «بالثلاث» .
(3)
سقط من: م.
(4)
سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
العلمِ. قال ابنُ المُنْذِرِ، وابنُ عبدِ البَرِّ (1): لم يُخالِفْ في ذلك إلَّا أهلُ البِدَعِ والضَّلالِ. وحكاه أبو نَصْرٍ (2) عن ابنِ عُلَيَّةَ، وهِشامِ بنِ الحَكَمِ (3)، والشِّيعةِ، قالوا: لا يَقَعُ طَلاقُه؛ لأَنَّ اللَّهَ تعالى أمَرَ به في قُبُل العِدَّةِ، فإذا طَلَّقَ في غيرِه لم يَقَعْ، كالوكيلِ إذا أوْقَعَه في زَمَنٍ أمَرَه مُوَكِّلُه بإيقاعِه في غيرِه. ولَنا، حديثُ ابنِ عمرَ أنَّه طَلَّقَ امْرأتَه وهى حائِضٌ فأمَرَه النبىُّ صلى الله عليه وسلم بمُراجَعَتِها. وفى روايةِ الدَّارَقُطْنِىِّ (4)، قال: قلتُ يا رسولَ اللَّهِ: أفَرَأَيْتَ لو أنِّى طَلَّقْتُها ثلاثًا، أكان يَحِلُّ لى أَنْ أُراجِعَها؟ قال:«لَا، كانَتْ تَبِينُ مِنْكَ، وتَكُونُ مَعْصِيةً» . وقال نافعٌ: وكان عبدُ اللَّهِ طَلَّقَها تطليقةً، فحُسِبَتْ مِن طَلاقِه، وراجَعَها كما أمَرَه رسولُ اللَّهِ
(1) انظر: التمهيد 15/ 58، 59.
(2)
لعله يريد ابن نصر، محمد بن نصر المروزى، فقد كان أعلم الأئمة باختلاف العلماء على الإطلاق. انظر ترجمته، في: تاريخ بغداد 3/ 315 - 318، سير أعلام النبلاء 14/ 33 - 40.
(3)
هشام بن الحكم المتكلم الكوفى الرافضى المشبه، له نظر وجدل وتواليف كثيرة. سير أعلام النبلاء 10/ 543، 544.
(4)
تقدم تخريحه في صفحة 132.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
صلى الله عليه وسلم (1). ومِن روايةِ يُونُسَ بنِ جُبَيْرٍ، عن ابنِ عمرَ، قال: قلتُ لابنِ عمرَ: أفتُعْتَدُّ عليه -أو- تُحْتَسَبُ عليه؟ قال: نعم، أرأيتَ إن عَجَزَ واسْتحْمَقَ (2)! وكلُّها أحاديثُ صِحَاحٌ. ولأنَّه طَلاقٌ مِن مُكَلَّفٍ في مَحَلِّ الطَّلاقِ، فوَقَعَ، كطلاقِ الحامِلِ، ولأنَّه ليس بقُرْبَةٍ فيُعْتَبَرَ لوُقُوعِه مُوافَقَةُ السُّنَّةِ، بل هو إزالةُ عِصْمَةٍ وقَطْعُ مِلْكٍ، فإيقاعُه في زمنِ البدْعةِ أوْلَى، تغْليظًا عليه، وعُقوبةً له، أمَّا غيرُ الزَّوْجِ، فلا يَمْلِكُ الطَّلاقَ، والزَّوْجُ يَمْلِكُه بمِلْكِ مَحَلِّه.
(1) هذا اللفظ أخرجه مسلم عن سالم، في: باب تحريم طلاق الحائض بغير رضاها. . .، من كتاب الطلاق. صحيح مسلم 2/ 1095. والإمام أحمد، في: المسند 2/ 130. أما لفظ نافع فهو، قال: واحدة اعتدَّ بها. وهو عند مسلم 2/ 1094.
(2)
في الأصل: «واستحق» وهو استفهام إنكار، وتقديره: نعم تحتسب، ولا يمتنع احتسابها لعجزه وحماقته.
والحديث أخرجه البخارى، في: باب إذا طلقت الحائض تعتد بذلك الطلاق، من كتاب الطلاق. صحيح البخارى 7/ 52، 53. ومسلم، في: باب تحريم طلاق الحائض بغير رضاها، من كتاب الطلاق. صحيح مسلم 2/ 1096، 1097. وأبو داود، في: باب في طلاق السنة، من كتاب الطلاق. سنن أبى داود 1/ 504. والترمذى، في: باب ما جاء في طلاق السنة، من أبواب الطلاق. عارضة الأحوذى 5/ 123، 124. وابن ماجه، في: باب طلاق السنة، من كتاب الطلاق. سنن ابن ماجه 1/ 651. والإمام أحمد، في: المسند 2/ 43، 51، 79.