الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِنْ قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلاثًا لِلسُّنَّةِ. طَلُقَتْ ثَلَاثًا فِى طُهْرٍ لَمْ يُصِبْهَا فِيهِ، فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ. وَفِى الْأُخْرَى، تَطْلُقُ فِيهِ وَاحِدَةً، وَتَطْلُقُ الثَّانِيَةَ وَالثَّالِثَةَ فِى طُهْرَيْنِ فِى نِكَاحَيْنِ إِنْ أَمْكَنَ.
ــ
3438 - مسألة: (وإن قال لها: أنتِ طالِقٌ ثلاثًا للسُّنَّةِ. طَلُقَتْ ثَلاثًا في طُهْرٍ لَم يُصِبْهَا فيهِ، فِى إحْدَى الرِّوايَتَيْنِ. وفى الأُخْرَى، تَطْلُقُ في الحَالِ وَاحدَةً، وتَطْلُقُ الثَّانِيَةَ والثَّالِثَةَ في طُهْرَيْنِ فِي نِكَاحَيْنِ إنْ أمْكَنَ)
المنْصوصُ عن أحمدَ في هذه المسألةِ، أنَّها تَطْلُقُ ثلاثًا إن كانت في طُهْرٍ لم يُجامِعْها فيه، وإن كانت حائِضًا، طَلُقَتْ ثلاثًا إذا طَهُرَتْ. وهذا مذهبُ الشافعىِّ. وقال القاضى، وأبو الخَطَّابِ: هذا على الرِّوايةِ التى قال فيها: إنَّ جَمْعَ الثَّلاثِ يكونُ (1) سُنَّةً. فأمَّا على الرِّوايَةِ الأُخْرَى، فإذا طَهُرَتْ طَلُقَتْ واحدةً، وتَطْلُقُ الثَّانيةَ والثَّالِثَةَ في نِكاحَيْنِ آخَرَيْنِ، أو بعدَ رَجْعَتَيْنِ. وقد أنْكَرَ أحمدُ هذا القولَ، فقال في رِوايةِ مُهَنَّا، إذا قال لامْرأتِه: أنتِ طالقٌ ثَلاثًا للسُّنَّةِ: فقد اخْتَلَفُوا فيه، فمنهم مَن يقولُ: يَقَعُ
(1) زيادة من: الأصل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
عليها السَّاعَةَ واحدةٌ، فلو راجعَها تَقَعُ عليها تَطْلِيقَةٌ أُخْرَى، وتكونُ عندَه على أُخْرَى. وما يُعْجِبُنِى قوْلُهم هذا. فيَحْتَمِلُ أنَّ أحمدَ أوْقَعَ الثَّلاثَ؛ لأَنَّ ذلك عندَه سُنَّةٌ، ويَحْتَمِلُ أنَّه أوْقَعَها لوَصْفِه الثَّلاثَ بما لا تَتَّصِفُ به، فألْغَى الصِّفَةَ وأوْقَعَ الطَّلاقَ، كما لو قال لحائضٍ: أنت طالقٌ في الحالِ للسُّنَّةِ. وقد قال في روايةِ أبى الحارِثِ ما يَدُلُّ على هذا، قال: يَقَعُ عليها الثَّلاثُ، ولا مَعْنَى لقولِه: للسُّنَّةِ: وقال أبو حنيفةَ: يَقَعُ في كلِّ قَرْءٍ طَلْقَةٌ، وإن كانتْ مِن ذَواتِ الأشْهُرِ وقعَ في كلِّ شَهْرٍ طَلْقةٌ. وبناه على أصْلِه في أنَّ السُّنَّةَ تَفْرِيقُ الثَّلاثِ على الأطْهارِ، وقد بَيَّنَّا أن ذلك في حُكْمِ جَمْعِ الثَّلاثِ. فإن قال: أرَدْتُ بقَوْلِى: لِلسُّنَّةِ. إيقاعَ واحدةٍ في الحالِ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
واثْنَتَيْن في نِكاحَيْن آخَرَيْنِ. قُبِل منه. وإن قال: أرَدْتُ أن يَقَعَ في كلِّ قَرْءٍ طَلْقَةٌ. قُبِلَ أيضًا؛ لأنَّه مذهبُ طائِفةٍ مِن أهلِ العلمِ، وقد ورَدَ به الأثَرُ، فلا يَبْعُدُ أن يُرِيدَه. وقال أصحابُنا: يُدَيَّنُ (1). وهل يُقْبَلُ في الحُكْمِ؟ على وَجْهَيْن؛ أحدُهما، لا يُقْبَلُ؛ لأَنَّ ذلك ليس بسُنَّةٍ. والثانى، يُقْبَلُ؛ لِما قَدَّمْنا. فإن كانت في زمنِ البِدْعَةِ، فقال: سَبَقَ لِسانِي إلى قَوْلِى: للسُّنَّةِ، ولم أُرِدْه، وإنَّما أرَدْتُ الإِيقاعَ في الحالِ. وقعَ في الحالِ؛ لأنَّه مالكٌ لإيقاعِها، فإذا اعْتَرَفَ بما يُوقِعُها قُبِلَ منه.
(1) أي يصدق فيما بينه وبين اللَّه.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: فإن قال: أنتِ طالقٌ ثلاثًا بعضُهُنَّ للسُّنَّةِ وبعْضُهنَّ لِلبدْعةِ. طَلُقَتْ في الحالِ طَلْقَتَيْنَ، وتَأَخَّرَتِ الثّالثةُ إلى الحالِ الأُخْرَى؛ لأنَّه سَوَّى بينَ الحالَينِ، فاقْتَضَى الظَّاهِرُ أن يكُونا سَواءً، فيَقَعُ في الحالِ واحدةٌ ونِصْفٌ، ثم يُكَمَّلُ النِّصْفُ؛ لكَوْنِ الطَّلاقِ لا يَتَبَعَّضُ. ويَحْتَمِلُ أن تَقَعَ طَلْقَةٌ، وتَتَأَخَّرَ اثْنَتانِ إلى الحالِ الأُخْرَى؛ لأَنَّ البعضَ يقعُ على ما دُونَ الكُلِّ، ويتَناولُ القليلَ مِن ذلك والكثيرَ، فيقَعُ أقَلُّ ما يَقَعُ عليه الاسْمُ؛ لأنَّه اليَقِينُ، وما زادَ لا يقَعُ بالشَّكِّ، فيتَأَخَّرُ إلى الحالِ الأُخْرى. فإن قيلَ: فلِمَ لا يَقَعُ مِن كلِّ طَلْقَةٍ بعضُها، ثم تُكَمَّلُ، فتَقَعُ الثَّلاثُ؟ قُلْنا: متى (1) أمْكَنَتِ القِسْمَةُ مِن غيرِ تَكْسيرٍ، وجَبَتِ القِسْمةُ على الصِّحَّةِ. فإن قال: نِصْفُهنَّ للسُّنَّةِ ونِصْفُهنَّ لِلبدْعةِ. وقعَ في الحالِ
(1) في الأصل: «متى ما» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
اثْنَتانِ، وتَأَخَّرَتِ الثَّالثَةُ. وإن قال: طَلْقتانِ للسُّنَّةِ وواحدةٌ لِلبدْعةِ -أو- طَلْقَتانِ لِلبدْعةِ وواحدةٌ للسُّنَّةِ. فهو على ما قال. فإنْ أَطلَقَ (1) ثم قال: نوَيْتُ ذلك. إن فَسَّرَ نِيَّتَه بما يُوقِعُ في الحالِ طَلُقَتْ، وقُبِلَ؛ لأنَّه مُقْتَضَى (2) الإِطْلاقِ، ولأنَّه غيرُ مُتَّهَمٍ فيه. وإن فَسَّرَها بما يُوقِعُ طَلْقةً واحدةً، ويُؤَخِّرُ اثْنَتَيْنِ، دُيِّنَ فيما بينَه وبينَ اللَّهِ تعْالى. وهل يُقْبَلُ في الحُكْمِ؟ فيه وَجْهان؛ أظْهَرُهما، أنَّه يُقْبَلُ؛ لأَنَّ البعْضَ حَقِيقةٌ في القليلِ والكثيرِ، فما فَسَّرَ كلامَه به لا يُخالِفُ الحقيقةَ، فيَجِبُ أن يُقْبَلَ. والثانى، لاْ يُقْبَلُ؛ لأنَّه فَسَّرَ كلامَه بأخَفَّ ممَّا يَلْزَمُه حالَةَ الإِطْلاقِ. ومذهبُ الشافعىِّ على نحوِ هذا. فإن قال: أنتِ طالقٌ ثلاثًا بعضُها (3) للسُّنَّةِ. ولم يَذْكُرْ شيئًا آخَرَ، احْتَمَلَ أن تكونَ كالتى قبلَها؛ لأنَّه يَلْزَمُ مِن ذلك أن يكونَ بعضُها للبِدْعةِ، فأشْبَهَ ما لو صَرَّحَ به. ويَحْتَمِلُ أن لا يَقَعَ في الحالِ إلَّا واحدةٌ؛ لأنَّه لم يُسَوِّ بينَ الحالَيْنِ، والبَعْضُ لا يَقْتَضِى النِّصْفَ، فتَقَعُ الواحدةُ؛ لأنَّها اليقِينُ، والزَّائدُ لا يقَعُ بالشَّكِّ. وكذلك لو قال: بعضُها للسُّنَّةِ وباقِيها لِلبدْعةِ -أو- سائِرُها لِلبدْعةِ.
(1) في م: «طلق» .
(2)
في النسختين: «يقتضى» . وانظر المغنى 10/ 339.
(3)
في م: «بعضهن» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: إذا قال: أنتِ طالقٌ إذا قَدِمَ زيدٌ. فقَدِمَ وهى حائضٌ، طَلقَتْ لِلبدْعةِ، إِلَّا أنَّه لا يَأْثَمُ؛ لأنَّه لم يَقْصِدْه. وإن قال (1): أنتِ طالقٌ إذا قَدِمَ زيدٌ للسُّنَّةِ. فقَدِمَ زيد في زَمانِ السُّنَّةِ، طَلقَتْ. وإن قَدِمَ في زمانِ البِدْعَةِ، لم يَقَعْ، حتى إذا صارتْ إلى زمانِ السُّنَّةِ وقعَ، ويَصير كأنَّه قال: إن قَدِمَ زيدٌ أنتِ طالق للسنةِ. لأنَّه أوْقَعَ الطَّلاقَ بقدومِ زيدٍ على صِفَةٍ، فلا يَقَعُ إلَّا عليها. وإن قال لها: أنتِ طالقٌ للسُّنَّةِ إذا قَدِمَ زيد. قبلَ أَنْ يدْخلَ بها، طَلُقَتْ عندَ قدومِه، حائضًا كانت أو طاهِرًا؛ لأنَّها لا سنَّةَ لطلاقِها ولا بِدْعةَ. وإن قَدِم بعدَ دخولِه بها، وهى في طُهْرٍ لم يصِبْها فيه، طَلقَتْ. وإن قدِمَ في زمنِ البِدْعَةِ، لم تَطْلُقْ حتى يَجِئَ زمن السُّنَّةِ؛ لأنَّها صارتْ ممَّن لطلاقِها سُنَّةٌ وبِدْعة. وإن قال لامْرأتِه: أنتِ طالقٌ إذا جاءَ رأسُ الشَّهْرِ للسُّنَّةِ. فكان رأسُ الشَّهْرِ في زمنِ السُّنَّةِ، وقَعَ، وإلَّا وقَعَ إذا جاء زمانُ السُّنَّةِ.
(1) في م: «قالت» .