الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صحتها، مع أن المخالفين للقياس لا يقولون بالتعليل وهم بعض الأمة؟.
وقد أجاب عن ذلك إمام الحرمين فقال: الذي ذهب إليه ذوو التحقيق أنا لا نعد منكري القياس من علماء الأمة وحملة الشريعة؛ فإنهم مباهتون أولا على عنادهم فيما ثبت استفاضة وتواترا، ومن لم يزعه التواتر ولم يحتفل بمخالفته لم يوثق بقوله ومذهبه، وأيضا فإن معظم الشريعة صدر عن الاجتهاد، والنصوص لا تفي بالعشر من معشار الشريعة، وهؤلاء ملتحقون بالعوام، وكيف يدعون مجتهدين ولا اجتهاد لهم؟» (1).
ومثال العلة المجمع عليها: الصغر علة للولاية على مال اليتيم، فيقاس عليه الولاية في النكاح. والتعدي على المال علة لوجوب الضمان على الغاصب، فيقاس عليه ضمان المسروق.
ولا يلزم من الإجماع على العلة الإجماع على كل قياس تكون ركنا فيه، فقد يتفقون على علة حكم الأصل ولكن يختلفون في وجودها في الفرع، أو في صحة قياس الفرع عليه؛ لوجود نص يخص الفرع، ونحو ذلك.
3 ـ الإيماء:
وهو في اللغة: الإشارة باليد أو بالرأس ونحو ذلك.
وفي الاصطلاح: فهم التعليل من لازم النص لا من وضعه للتعليل. وله أنواع يصعب حصرها، وأهمها:
أـ
…
أن يرتب الحكم على الوصف بالفاء، مثل قوله تعالى:{وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة38]، وقوله: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا
(1) البرهان 2/ 819.
مِائَةَ جَلْدَةٍ} [النور2]، وقوله صلى الله عليه وسلم:«من أحيا أرضا ميتة فهي له» ، وقد عد بعض العلماء هذا النوع من النص الظاهر على العلة (1).
ب ـ أن يأتي الحكم جوابا على سؤال سائل، فيجعل ما في السؤال علة للحكم كما في سؤال الأعرابي الذي قال: هلكت يا رسول الله، قال:«ما أهلكك؟» قال: وقعت على أهلي وأنا صائم، قال:«فهل تجد ما تعتق رقبة؟» الحديث (متفق عليه) فما ذكره الرسول صلى الله عليه وسلم بعد سؤال السائل يدل على أن الحكم سببه المذكور في السؤال وهو الجماع من الصائم في رمضان.
ج ـ أن يعلق الشارع الحكم على وصف لو لم يجعل علة لما كانت له فائدة، وكلام الشارع يجب أن يصان عن العبث.
مثاله: أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن بيع الرطب بالتمر، فقال:«أينقص الرطب إذا جف؟» قالوا: نعم، قال:«فلا إذن» (أخرجه مالك وأصحاب السنن) فقوله: «أينقص الرطب إذا جف» ، إيماء إلى أن العلة في التحريم هي النقصان.
د ـ أن يذكر الشارع مع الحكم وصفا مناسبا لأن يكون علة لذلك الحكم، كقوله صلى الله عليه وسلم:«لا يقضي القاضي وهو غضبان» (أخرجه الترمذي صححه وابن ماجه)، وقد ذكره بعضهم مثالا للنوع الثالث الوارد في فقرة ج.
هـ ـ ترتيب الحكم على الوصف بصيغة الشرط والجزاء، كقوله تعالى:{وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ} [الطلاق2 - 3]. فالتقوى علة للخروج من المحن، وعلة للرزق.
(1) قال هذا، ابن الحاجب وابن السبكي، وجعله من الإيماء: الرازي والآمدي والبيضاوي.