الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بحكم الله جل وعلا، ومن العلماء من رأى أنه لا يطالب باستدراك ما فاته ولا يؤاخذ إلا بحقوق الآدميين؛ فإنها لا تسقط بجهله؛ لأن الاضطرار لا يبطل حق الغير.
والقول الأول هو الصحيح إن شاء الله، ولكن قد يعذر في استدراك ما فاته بجهله إذا كانت مطالبته بذلك توقعه في حرج ومشقة، كمن صلى أكثر عمره وهو يمسح على خف لا يستر محل الفرض أو يمسح على خف لم يلبسه على طهارة ونحو ذلك. وسيأتي للمسألة مزيد بيان في موانع التكليف.
الشروط المقيَّدة:
وأما الشروط التي تختلف باختلاف المكلف به فمنها: الحرية، فهي شرط للتكليف بالجهاد والجمعة، وليست شرطا للتكليف بالصلاة والصوم. ومنها: الذكورية، وهي شرط للتكليف بالجمعة، ومنها: الإقامة، شرط للجمعة، ونحو ذلك.
شروط الفعل المكلف به:
1 -
أن يكون معلوماً:
والمراد بهذا الشرط أن تكون حقيقة الفعل المأمور به معلومة، والأمر به معلوما لدى أهل العلم من المكلفين، والدلائل عليه منصوبة؛ لأن الأمر بغير المعلوم عبث يتنزه الله عنه. وليس معناه أن يعلمه كل مكلف، بل يكفي نصب الدلائل على التكليف به بحيث يعرفها من طلبها.
وهذا الشرط يختلف عن الشرط السابق الذي ذكرناه في شروط المكلف؛ لأن ذلك الشرط يشمل كل مكلف، ولذلك وقع الخلاف في اشتراطه.
أما هذا فهو شرط في الفعل نفسه بغض النظر عن آحاد المكلفين، فإذا كان
معلوم المقدار وعُلِم الأمر به من بعض المكلفين صح التكليف به، ويجب على من جهل مقداره أن يطلب العلم به من أهله، وأما مؤاخذة كل مكلف بتقصيره فكما تقدم، تختلف باختلاف اشتهار التكليف به وعدمه، فيعذر في جهل بعض الأفعال دون بعض كما تقدم، ويعذر حديث الإسلام، ومن عاش ببادية فيما لا يعذر به غيره.
2 -
أن يكون معدوماً:
ومعناه أن يكون غير حاصل حال الأمر به إن كان مأمورا به؛ وذلك لأن الحاصل لا يمكن تحصيله، فمن صلى الفجر لا يؤمر به بعد فعله، وهذا الشرط لا ينطبق إلا على المأمور به، أما المنهي عنه فيمكن أن يكون معدوما كما ينهى المسلم عن الزنا وهو لم يرتكبه، وعن الكذب وهو لم يكذب، ويكون موجودا كما ينهى الكاذب عن الكذب، وشارب الخمر عن شربه، مع مباشرته للفعل المحرم، ولم أجد من نبه على اختصاص هذا الشرط بالمأمور به مع ظهوره لمن تأمله، وقد يقال: إن النهي عن الفعل المستقبل ـ وهو معدوم ـ لا عن الموجود الواقع، والأول أظهر.
3 -
أن يكون ممكناً:
ومعنى الإمكان أن لا يكون واجب الوقوع ولا ممتنع الوقوع عقلا، وخالف الأشعرية فأجازوا التكليف بالمحال، واختلفوا في وقوعه في الشرع، وأكثرهم لا يرى وقوعه.
ومحل النزاع هو المستحيل عقلا كالجمع بين الضدين، أو عادة كالصعود إلى السطح بلا سلم، أو ما يقوم مقامه.
أما المستحيل لتعلق علم الله الأزلي بعدم وقوعه فلا خلاف في جواز التكليف به ووقوعه، والصواب أنه لا يسمى مستحيلا؛ لأنه ممكن بمقتضى