الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الاحتمال كان ذلك تكليفا بما لا يطاق؛ لأن إرادة المتكلم خفية لا تعلم إلا بدلالة منه. ونصوص الشريعة أكثرها ورد بصيغة العموم فلو جوزنا أن يكون المراد بها البعض من غير قرينة لرجعنا إلى مذهب الواقفية الذي أبطلناه.
2 -
الجمهور:
ذهب جمهور العلماء إلى أن دلالة العام على كل فرد من أفراده دلالة ظنية.
واستدلوا بما يلي:
1 -
أن احتمال التخصيص قائم، ومع الاحتمال لا يمكن القطع.
2 -
أن أكثر آيات الأحكام العامة مخصوصة، وكثرة التخصيص تورث شبهة واحتمالا في دخول كل فرد تحت مسمى العام، فلا يمكن القطع بذلك.
3 -
لو كانت دلالة العام قطعية لا متنع تخصيص القرآن بالقياس وخبر الواحد، لكن التخصيص بهذين الدليلين واقع عند الصحابة والتابعين وأكثر الأئمة فعلم أن دلالته ظنية.
وأجابوا عن أدلة الحنفية بما يلي:
قولهم: إن هذه الصيغ موضوعة للعموم، واللفظ يدل على معناه الموضوع له قطعاً. يجاب بجوابين هما:
1 -
لا نسلم أن دلالة اللفظ على ما وضع له قطعية، بل اللفظ ظاهر فيما وضع له، وليس نصاً إلا حين ينقطع الاحتمال.
2 -
أن يجاب بالفرق بين العام وغيره من الألفاظ الخاصة، فالعام ظني لما ذكرناه من احتمال التخصيص بخلاف غيره من الألفاظ، وهذا الجواب أقوى من الذي قبله.
قولهم: لو جاز أن يرد العام مراداً به الخصوص بلا قرينة لارتفع الأمان
…
الخ. يجاب عنه بجوابين هما:
1 ـ المنع من الملازمة، فلا يلزم من قولنا المذكور التلبيس ولا ارتفاع الأمان ولا التكليف بالمحال.
أما عدم لزوم التلبيس وارتفاع الأمان عن اللغة، فلأن الكلام فيما إذا لم تظهر لنا قرينة صارفة ولم نقطع بانتفائها، والتلبيس إنما يلزم لو قطعنا بعدم القرينة الصارفة ومع ذلك لم يرد باللفظ عمومه.
وأما عدم لزوم التكليف بالمحال، فلأن المكلف لم يطلب منه معرفة مراد الشارع في واقع الأمر، وإنما المطلوب منه الامتثال لما يظهر أنه مراد الله ورسوله، وهذا ليس محالاً؛ إذ العام ظاهر في دخول كل فرد من أفراده، فيجب العمل به في عمومه إذا لم يظهر ما يصرفه عن ذلك.
2 ـ أن اللفظ الخاص يحمل على حقيقته مع احتماله المجاز ما لم تقم قرينة على صرفه عن حقيقته إلى مجازه، وهذا باتفاق بيننا وبينكم، ولم تقولوا إنه يفضي إلى التلبيس وارتفاع الأمان، فكذلك العام يحمل على عمومه مع احتماله الخصوص، ولا يلزم من ذلك التلبيس وارتفاع الأمان عن اللغة.
والراجح في هذه المسألة مذهب الجمهور، وهو أن دلالة العام ظنية.
وقد ترتب على الخلاف في هذه المسألة خلاف في مسائل أصولية وفرعية منها:
تخصيص عموم القرآن والسنة المتواترة بالآحاد:
فقد ذهب الحنفية إلى أن العام في القرآن والسنة المتواترة إذا لم يسبق تخصيصه بقطعي لا يجوز تخصيصه ابتداء بخبر الآحاد، وذهب الجمهور إلى جواز ذلك.