الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقول عائشة رضي الله عنها: كان فيما أُنزلَ من القرآن عشرُ رَضَعَاتٍ معلوماتٍ يُحرِّمْن، فنُسخن بخمس رَضَعَاتٍ. (أخرجه مسلم).
فالآيةُ تدلُّ على أن الآيةَ تُنسخُ ويأت الله بخيرٍِ منها. والحديث دلَّ على وقوع النسخ.
ولا يختلفُ العلماءُ في ذلك، والحمد لله. وما يذكر من خلاف في بعض كتب الأصول فلا اعتداد به.
وأما اختلافُهم في حقيقة النسخ: أهو بيانٌ أو رفعٌ وإزالةٌ؟ فهو خلافٌ لفظيٌّ لا ثمرةَ له، كما نصَّ على ذلك إمامُ الحرمين وغيره من المحققين.
شروط الناسخ:
يُشتَرَطُ في الناسخ شروطٌ، هي:
1 -
أن يكونَ نصّاً من قرآنٍ أو سنّةٍ، فلا يصحُّ النسخُ بالقياس، ولا بالإجماع، عند جماهير العلماء.
2 -
أن يكونَ النصُّ الناسخُ متأخِّراً عن المنسوخ، وهذا لا اختلافَ فيه؛ لأنه لا يُمكنُ أنْ يكونَ المتقدِّمُ رافعاً للمتأخِّر.
3 -
أن يكونَ الناسخُ في قوَّة المنسوخ أو أقوى منه، فالقرآنُ يُنسخُ بالقرآن، والسنَّةُ تُنسخُ بالسنَّة بالاتّفاق، والقرآن لا يُنسخُ إلاّ بقرآنٍ مثلِه؛ لأن السنّةَ لا يُمكنُ أنْ تكونَ مثلَ القرآن ولا خيرا منه، والله تعالى يقول:{نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا} .
وهذا هو مذهب الشافعي، واختاره بعض أصحابه.
وذهب أكثر الأئمة إلى أن القرآن يمكن أن ينسخ بالسنة المتواترة أو المشهورة،
واستدلوا على ذلك بأنه ممكن عقلا وواقع شرعا.
فإما إمكانه عقلا فإن العقل لا يمنع أن يخبر النبي صلى الله عليه وسلم بنسخ حكم نزلت في إثباته آية.
وأما الوقوع فمثلوه بآية الوصية للوالدين: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ} [البقرة180] نسخت بحديث: «لا وصية لوارث» (رواه الخمسة إلا النسائي عن أبي أمامة ـ رضي الله عنه ـ). واستدلوا بقوله تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر7].
وأجابوا عن استدلال الشافعي بالآية السابقة، بأن قوله:{نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا} [البقرة106] لا يلزم منه أن يكون الناسخ قرآنا، وإنما المراد الخيرية للمكلفين، أي: نأت بحكم هو خير من الحكم المذكور في الآية للمكلفين.
وعلى الرغم من أن ظاهر الآية يؤيد ما ذهب إليه الشافعي، إلا أن الأكثر تأولوها.
والذي يظهر عدم الوقوع وإن كان ممكنا عقلا، والشافعي إنما قصد امتناعه في الوقوع لا في العقل.
وما ذكروه من أمثلة محتمل؛ لأن آية الوصية للوالدين منسوخة بآيات المواريث، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن نسخها بآيات المواريث فقال:«إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث» (رواه الخمسة إلا النسائي).
أما نسخُ القرآن بالسنة الآحادية فالجمهور على منعه، وقد نقل إمامُ الحرمين الإجماعَ على ذلك، فقال: «أجمع العلماء على أن الثابتَ قطعاً لا ينسخُه مظنونٌ؛ فالقرآنُ لا ينسخُه الخبرُ المنقولُ آحاداً، والسنة المتواترة لا