الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأمر
كلام الأصوليين في الأمر ينصب على جانبين:
1ـ لفظ الأمر، وهو الكلمة المكونة من:(أَ مَ رَ). وهذا يظهر من كلامهم عند تعريفه، وفي أن الأمر هل له صيغة تخصه؟
2ـ دلالة ما يصدق عليه لفظ الأمر من الألفاظ، مثل: صلوا، وصوموا، ونحوهما من الألفاظ الموضوعة للأمر، وسأتناول كلا من الجانبين، مع الاهتمام بالجانب الثاني؛ لأنه المقصود من دراسة هذا الباب.
تعريف الأمر:
كلمة الأمر عرفها بعض الأصوليين بأنها: طلب الفعل بالقول على جهة الاستعلاء. فاشتمل التعريف على ثلاثة قيود هي:
أ ـ
…
طلب الفعل، وهذا يخرج طلب الترك؛ فإنه يسمى نهيا لا أمرا.
ب ـ أن يكون بالقول لا بالفعل ولا بالإشارة والكتابة.
ج ـ أن يكون الطلب على جهة الاستعلاء، أي: يعرف من سياق الكلام أو من طريقة التكلم به أن الآمر يستعلي على المأمور، سواء أكان أعلى منه رتبة أم أدنى منه في واقع الأمر.
وبناء على هذا التعريف فإن العبد لو قال لسيده: افعل كذا، بنبرة توحي بأنه يستعلي عليه، سمي كلامه هذا أمرا، واستحق التأديب عليه لأنه يأمر سيده.
وأما إن قال: افعل كذا، على جهة التوسل والسؤال فلا يسمى أمرا، مع أن اللفظ واحد.
وقد اتفق الأصوليون على القيد الأول، وهو أن الأمر طلب فعل لا طلب ترك، واختلفوا في القيدين الأخيرين.
فالقيد الثاني خالف فيه جماعة من الأصوليين وقالوا: إن الأمر قد يكون بالقول وقد يكون بالفعل كالإشارة والكتابة، والجمهور قالوا: لا يسمى الفعل أمرا إلا على سبيل المجاز المفتقر إلى القرينة.
ولهذا فإن أفعال الرسول صلى الله عليه وسلم المجردة لا تكون بمثابة الأمر إلا إذا دل الدليل على وجوب متابعته فيها.
وأما القيد الثالث فقد اختلفوا فيه، فمنهم من اشترط في مسمى الأمر الاستعلاء، وقد تقدم تفسيره.
ومنهم من اشترط العلو، وهو أن يكون الكلام صادرا ممن هو أعلى رتبة من المأمور في واقع الأمر.
ومنهم من اشترط الأمرين معا (العلو والاستعلاء).
ومنهم من لم يشترط أيّاً منهما.
والصواب: أن الأمر الذي يصلح مصدرا للتشريع لا يكون إلا ممن هو أعلى رتبة، أي: من الله عز وجل أو من رسوله صلى الله عليه وسلم، ولذا فاشتراط العلو هو الأقرب.
والفرق بين الاستعلاء والعلو: أن الاستعلاء صفة في الأمر نفسه، أي: في نبرة الصوت، أو في طريقة إلقائه، أو في القرائن المصاحبة، وأما العلو فهو صفة في الآمر أي: أن الآمر أعلى رتبة من المأمور في واقع الأمر.