الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأمر في الواجبات الكفائية
أختلف العلماء في الأمر في الواجبات الكفائية، مثل الجهاد ونحوه، أيتوجه إلى الكل ويسقط بفعل البعض؟ أم يتوجه إلى بعض مبهم؟.
وقد ذهب الأكثر إلى أن الأمر في الواجبات الكفائية موجه لكل واحد من الأمة ويسقط بفعل من يكفي.
واستدلوا بأن الأمر لا يخلو إما أن يكون موجهاً إلى جميع الأمة، أو إلى بعض مبهم، والاحتمال الثاني باطل، لأنه لو وجه الخطاب إلى بعض مبهم، لأدى ذلك إلى ترك الواجب؛ إذ كل واحد سوف يقول: لست من ذلك البعض المبهم، فلا يقوم أحد بالفعل المأمور به، ولأن المكلف لابد أن يعلم أنه مكلف، وإذا كانت دلالة الخطاب على مبهم فإن المكلف لا يعلم أنه مخاطب، فيكون معذوراً.
وذهب بعض العلماء إلى أن المأمور في الواجبات الكفائية بعض مبهم.
واستدلوا بأن الأمر لو توجه إلى الجميع لما سقط بفعل البعض؛ لأن الفرض لا يسقط إلا بأداء أو نسخ.
وأيضاً فإن الإبهام في المكلف به جائز، فكذلك الإبهام في المكلفين.
وقد يستدلون بقوله تعالى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ} [آل عمران104].
ووجه الدلالة: أن الدعوة إلى الخير من الواجبات الكفائية، ومع ذلك وجَّه اللهُ الأمر بها إلى البعض، لا إلى الجميع حيث قال:{مِنْكُمْ} و (مِن)
تفيد التبعيض.
والراجح: أن الأمر في الواجبات الكفائية، الأصل فيه أن يتوجه إلى المجموع، أي إلى الأمة مجتمعة، لا إلى الجميع أي لا لكل فرد بخصوصه ولا إلى بعض مبهم وتوجيه الخطاب إلى مجموع الأمة يجعل كل واحد منها عرضة للعقوبة إذا لم يتم الفعل المأمور به.
وهذا القول قريب من القول الأول من حيث النتيجة ولكنه يسلم من الاعتراض الذي أورد عليه من أصحاب القول الثاني.
فلا يرد عليه قولهم: لو كان الخطاب موجهاً للجميع لكان كفروض الأعيان لا يسقط إلا بفعله أو نسخه.
ويتحقق به المقصود الذي أراده أصحاب القول الأول من كون الخطاب المبهم يؤدي إلى ترك الفعل المأمور به.