الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الإحرام والطواف والوقوف بعرفة ونحو ذلك وهي أعمال تعبدية غير معروفة العلة في الغالب.
سبب الخلاف:
الخلاف يرجع إلى قاعدتين:
الأولى: أن الأمر بالمركب أمر بكل واحد من أجزائه.
الثانية: أن تخصيص الفعل بوقت معين لا يكون إلا لمصلحة في ذلك الوقت.
فمن راعى القاعدة الأولى أوجب القضاء بالأمر الأول، ولم يقل بسقوط الأمر المؤقت بفوات وقته. ومن راعى القاعدة الثانية لم يوجب القضاء إلا بأمر جديد وقال بسقوط الأمر المؤقت بفوات وقته.
وما رجحته يمكن أن يتفق مع القاعدتين لكن مع عدم إهمال المصلحة المقصودة من ذات الفعل، فقولهم إن تخصيص الفعل بوقت لا يكون إلا لمصلحة لا ينافي أن يكون في الفعل المؤقت مصلحتان إحداهما في الفعل نفسه والأخرى في التوقيت.
ثمرة الخلاف:
ينبني على الخلاف في هذه القاعدة خلاف في مسائل فقهية كثيرة منها:
1 -
قضاء الصلوات المتروكة عمدا تهاونا لا جحدا للوجوب: اختلف العلماء في وجوب قضاء الصلاة على من تركها تهاوناً فذهب بعضهم إلى وجوب قضائها وبعضهم إلى عدم وجوبه.
فالقائلون بوجوب القضاء أكثرهم فرعوه على عدم سقوط الأمر المؤقت بفوات وقته، وعدم حاجة القضاء إلى أمر جديد وبعضهم قال: إن الدليل
على وجوب قضاء الصلاة الفائتة القياس على النائم و الناسي وقد ورد النص بوجوب القضاء عليهما في قوله صلى الله عليه وسلم: «من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها» (رواه النسائي والترمذي وصححه، ومعناه في صحيح مسلم).
ومنهم من أسقط القضاء إذا طالت المدة التي ترك الصلاة فيها، حتى لا يحولوا بينه وبين التوبة.
والقائلون بعدم وجوب القضاء على من ترك الصلاة عمدا فرعوه على القول بسقوط الأمر المؤقت بفوات وقته، وحاجة القضاء لأمر جديد، ولا يوجد أمر بقضاء الصلاة المتروكة عمداً، ولم يروا صحة قياس المتعمد على الناسي والنائم.
وقولهم بعدم وجوب القضاء ليس تيسيرا على التارك وإنما هو تشديد في العقوبة؛ إذ معناه استقرار الإثم عليه وعدم قبول القضاء منه.
2 -
زكاة الفطر: وهي صدقة مؤقتة بوقت محدد، فإذا فات الوقت فهل يجب أن يؤديها بعده؟ اختلفوا في ذلك ويمكن تخريج اختلافهم على القاعدة فمن قال: إن الأمر يسقط بفوات وقته قال: لا تقضى بعد فوات الوقت.
ومن قال: إن الأمر لا يسقط بفوات وقته قال: يجب عليه أداؤها ولو فات وقتها.
وهذا التخريج كله بناء على أن زكاة الفطر من الواجبات المؤقتة.
3 -
فرع بعض العلماء على هذه القاعدة أن من وكل غيره في دفع زكاة الفطر ثم لم يدفعها في وقتها فهل له أن يدفعها بعده؟ وهذا التفريع من باب بناء النظير على النظير؛ لأن التوكيل ليس أمرا حتى نقول إنه يسقط بفوات
الوقت أولا؟
4 -
فرع بعض العلماء على القاعدة قضاء السنن الرواتب إذا فات وقتها، مع أن بعض تلك السنن قد ورد فيه دليل يخصه، فلا يمكن تفريعه، وما لم يرد فيه نص فمنهم من فرعه على القاعدة، ومنهم من قاسه على ما ورد في قضائه نص.
5 -
التسبيح المؤقت بما بعد الفراغ من الفريضة هل يمكن أن يؤدى بعد أداء النافلة؟
الذي يظهر لي أن هذه المسألة ينبغي أن تفرع على القاعدة ومن العلماء من فرق بين الواجبات والمندوبات فجعل القاعدة خاصة بالواجبات دون المندوبات وقد يفهم هذا التخصيص من قول بعض العلماء «سنة فات محلها فلا تقضى» ويعنون بالمحل الوقت أو الترتيب، وقد ذكر علماء الحنابلة هذه القاعدة في الرمل في طواف القدوم.
والظاهر أن الرمل لم يستحب قضاؤه؛ لأنه غير ممكن فهو مشروع في الأشواط الثلاثة الأولى، ولا يمكن أن ننقل المشروعية إلى الثلاثة الأخيرة، فالقضاء ممتنع، لأن الرمل صفة في فعل وقد انتهى الفعل فلا يمكن نقل الصفة إلى فعل آخر فتأمل هذا وستجده صحيحاً إن شاء الله.