الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يمكن دخول الاستثناء فيه على مثله، ولهذا نجدهم يمثلون أحيانا بقولهم: أكرم بني تميم وبني زيد وبني عمرو إلا الجهال. وهذا من عطف المفردات لا من عطف الجمل.
وبذلك يتضح أن محل الخلاف يشمل الاستثناء الوارد بعد جمل أو بعد مفردات يمكن الاستثناء منها، ولا فرق بين أن يكون العطف بالواو أو غيرها مما يفيد التشريك في الحكم، بخلاف ما لا يفيد ذلك. كما أن الخلاف مقتصر على ما لم تقم قرينة تبين عود الاستثناء فيه.
ومثال ما قامت عليه قرينة قوله تعالى: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا} [النساء92]. فالاستثناء عائد إلى الجملة الأخيرة، أي: إلى الدية، فهي التي تسقط بعفو الأهل، وذلك لأن الكفارة حق لله فلا تسقط بعفو الآدميين.
وقوله تعالى: {فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ} [البقرة249]. فالاستثناء راجع إلى الجملة الأولى بدلالة السياق؛ لأن الذي اغترف غرفة ليس بعض من لم يطعم بل هو بعض من شرب.
الأقوال:
القول الأول: أن الاستثناء يعود إلى الكل، وهو مذهب الجمهور، ومنهم الأئمة الثلاثة (1).
دليله:
1 -
أن الشرط كالاستثناء في تعلقه بما قبله، ولهذا سمي التعليق بشرط
(1) ممن نسبه إليهم ابن النجار في شرح الكوكب المنير 3/ 313، وهو تخريج على فروعهم، أو ظاهر وليس نصا.
مشيئة الله استثناء، والشرط إذا تعقب جملا متعاطفة عاد إلى الكل باتفاق، فيكون الاستثناء كذلك.
2 -
أن تكرار الاستثناء عقب كل جملة عِيٌّ ولكنة باتفاق أهل اللغة، فلم يبق طريق لإعادة الاستثناء إلى الكل إلا على القول بأنه يعود إليها من غير حاجة إلى تكراره.
3 -
أن العطف يوجب نوعاً من الاتحاد بين المعطوف والمعطوف عليه فتصير الجملتان كالجملة الواحدة، ولهذا لا يكرر العامل بل يكتفى بالعطف عنه، فيلزم اتحاد المعطوفات في الحكم اللاحق للأخيرة منها.
القول الثاني: أنه يرجع إلى الجملة الأخيرة وحدها، وهو المشهور عن الحنفية، واستدلوا بما يلي:
1 -
أن العموم يثبت في كل صورة بيقين، وعود الاستثناء إلى جميعها مشكوك فيه، والمتيقن لا يرفع بالشك.
2 -
أن الاستثناء وجب رده إلى ما قبله ضرورة عدم استقلاله، والضرورة تقدر بقدرها، وهي تندفع بإعادته إلى الجملة الأخيرة فليقتصر على ذلك.
3 -
أن الجملة الأولى مفصول بينها وبين الاستثناء بالجملة التي بعدها، ولا يصح الفصل بين المستثنى والاستثناء.
القول الثالث: التوقف حتى تدل قرينة على عود الاستثناء، وهو اختيار الغزالي.
والصواب: الأول.
ويجاب عن أدلة الحنفية بما يلي:
قولهم: العموم متيقن، ممنوع، بل هو عندنا مظنون، وعود الاستثناء إلى