الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اقتضاء النهي التحريم
النهي الذي صحبته قرينة تدل على التحريم يحمل على التحريم باتفاق، كقوله تعالى:{وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا} [الإسراء32]، فوصفه بأنه فاحشة وأنه طريق بلغ الغاية في السوء، دليل على تحريمه.
والنهي الذي صحبته قرينة تدل على أنه للكراهة يحمل على الكراهة مثل: النهي عن المشي بنعل واحدة، والنهي عن السآمة من كتابة الدين كما في قوله تعالى:{وَلَا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا إِلَى أَجَلِهِ} [البقرة282] فالنهي عن المشي بنعل واحدة حمل على التنزيه والكراهة لأنه إرشاد وتوجيه إلى الأفضل والأكمل، وللمحافظة على سلامة الشخص من السقوط، والنهي عن ترك كتابة الدين والسآمة منه للكراهة لكونه نهي إرشاد.
وكذلك النهي عن البول قائما، مع ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه بال واقفاً.
وقد تصرف القرينة صيغة (لا تفعل) إلى الدعاء، والالتماس، ونحوهما من المعاني، فتخرج عن كونها نهياً.
واختلفوا في النهي الذي لم تصحبه قرينة تدل على أنه للكراهة أو التحريم علام يحمل؟:
فذهب جماهير العلماء إلى أنه يحمل على التحريم، واستدلوا بما يلي:
1 -
قوله تعالى: {وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر7].
ووجه الدلالة: أن الله أمر بالانتهاء عما نهى عنه رسوله صلى الله عليه وسلم، والأمر يقتضي الإيجاب كما سبق.
2 -
قوله صلى الله عليه وسلم: «إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم، وإذا نهيتكم عن شيء فانتهوا» (أخرجه ابن ماجه والبيهقي وصححه ابن خزيمة، ومعناه في الصحيحين)، فهذا الحديث فيه الأمر بالانتهاء عما نهى عنه الرسول صلى الله عليه وسلم من غير استثناء، والأمر للوجوب.
3 -
أن صيغة (لا تفعل) تقتضي ترك الفعل والامتناع عنه، والامتناع أبداً لا يحصل إلا بالتحريم؛ إذ الكراهة لا تمنع العباد من الفعل دائماً.
4 -
أن أهل اللغة لا يفهمون من الصيغة عند الإطلاق إلا المنع الجازم، ولهذا إذا قال السيد لعبده: لا تفعل كذا ثم فعله، استحق العقوبة، والقرآن والسنة جاءا بلغة العرب.
5 -
أن الصحابة فهموا من النهي المطلق التحريم، فإذا روي لهم أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن شيء عدوه محرماً سواء أصحبته قرينة تدل على التحريم أم لا.