الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
4 -
فوائد علم أصول الفقه:
لا شك أن العلم يشرف بشرف الغاية من تعلمه، وأصول الفقه له غايات عظيمة وفوائد كبيرة في الدنيا والآخرة، وأهم غاياته وأهدافه ما يلي:
1 -
التفقه في الدين، ومعرفة ما للمكلف وما عليه من الحقوق والواجبات، وهذا يحصل بمعرفة أصول الفقه وتطبيق قواعده على الأدلة التفصيلية وعلى الحوادث الجزئية.
وقد يقول قائل إن الفقه قد جمع من قبل العلماء السابقين، ودونت فيه الدواوين الكبيرة فلا حاجة إلى البدء من حيث بدأوا، فلم تبق حاجة لدراسة علم أصول الفقه.
والجواب أن كثرة ما كتب في علم الفقه يدعو طالب العلم إلى تعلم أصول الفقه؛ ليعرض هذه الثروة الفقهية الضخمة التي اختلفت فيها أقوال الفقهاء وتعددت أدلتهم على الميزان العادل، والمحك المظهر للخطأ من الصواب، وهو أصول الفقه، فمن عرف أصول الفقه نظرا وتطبيقا يمكنه أن يعرف من تلك الأقوال والمذاهب ما هو أقرب إلى الحق وأجرى على قواعد الشريعة. والخلاصة أن كثرة المؤلفات الفقهية تدعو إلى تعلم هذا العلم والتعمق فيه لنقد الأقوال وبيان الراجح من المرجوح.
2 -
معرفة الحكم الشرعي لكل ما يجدُّ من الحوادث والوقائع التي لم يرد فيها بخصوصها نص صريح ولا ظاهر بيِّن، ولم يتكلم عنها الفقهاء السابقون لعدم وجودها في عصرهم. ونحن نرى في هذه الأيام حجم المسائل التي تعرض على المجامع الفقهية من حيث عددها ومن حيث خطورتها وأهميتها وتعقيدها، حتى إن بعضها يتوقف فيه علماء المجمع الفقهي ولا يصدرون فيه فتوى لعدم اكتمال صورته في أذهانهم، أو للحاجة إلى مزيد بحث في
الأدلة، أو للاختلاف في تكييفه.
ومن القضايا التي جدت في هذا العصر على غير مثال سابق: التلقيح الصناعي، وأطفال الأنابيب، والرحم المستعار، وتجميد الأجنة والبويضات، والاستنساخ، وقضايا الحاسوب وبرامجه، وقضايا الانترنت، وإجراء العقود عن طريقه، والقضايا السياسية وكيفية حلها كالقضايا الحدودية بين الدول وما أشبه ذلك.
3 -
معرفة حِكَم الشريعة وأسرارها بالتأمل في علل الأحكام ومقاصدها ومعرفة المقاصد الشرعية الضرورية والحاجية والتحسينية، وتنزيل كل مقصد في منزلته عند التزاحم، ومعرفة ترتيب الواجبات والمستحبات لتقديم الأقوى دليلا والأكثر نفعا على ما سواه، ومعرفة المصالح والمفاسد ومعرفة المعتبر منها في الشرع والملغى، ومعرفة درجات المعتبر لتقديم ما يستحق التقديم.
4 -
مواجهة خصوم الشريعة الإسلامية الذين يزعمون أن الشريعة لم تعد صالحة للتطبيق في هذا الزمن، وذلك ببيان قدرة الشريعة على استيعاب حاجات الناس في الحاضر والمستقبل، وقدرتها على حل مشاكل الناس بما يتفق مع نصوص الوحي وعمل الصحابة والتابعين، وهذا لا يتم إلا بمعرفة أصول الفقه والقدرة على القياس والتخريج، والإحاطة بطرق الاستنباط من منطوق ومفهوم، وخصوص وعموم، وإطلاق وتقييد ونحو ذلك مما يدرس في أصول الفقه، ولو انصرف الناس عن دراسة هذا العلم لانسد باب الاجتهاد، ووقف الناس عندما اشتملت عليه كتب الفقه القديمة التي كتبت لتستوعب مشاكل العصر الذي هي فيه.
5 -
حماية الفقيه من التناقض، فالفقيه الذي لم يتعمق في دراسة هذا العلم تأتي فتاواه متناقضة فيفرق بين المتماثلات، ويسوي بين المختلفات، وهذا
يضعف الثقة فيما يقول، ويسيء إلى الشريعة ويقلل من قيمتها في نفوس الجاهلين بها من المسلمين أو غيرهم. وأما من أحاط بأصول الفقه تأصيلا وتطبيقا فإنه يبرز الوجه المشرق للشريعة الربانية، ويكون بفتاواه وآرائه داعيا للإسلام مرغبا فيه ذابا عنه شبه الأعداء.
وأخيراً ربما يظن كثير من الناس أن أصول الفقه تقتصر فائدته على الفقه في المسائل العملية، والحق خلاف ذلك؛ فإن فائدة هذا العلم لا يستغني عنها المفسر والمحدث والمتكلم والباحث في العقائد، وكل من يحتاج إلى فهم نصوص الوحي والاستدلال بها، فإن هذا العلم عبارة عن قواعد للفهم الصحيح والاستدلال الصحيح، والجمع بين ما ظاهره التعارض، ولهذا نستطيع القول إن تسميته بأصول الفقه لا يعني اقتصار فائدته على استنباط الأحكام الفقهية، ولعل الذين سموا مؤلفاتهم بالأصول من غير تقييد بالفقه لحظوا هذا الملحظ فعمموا، ومن هؤلاء الغزالي الذي سمى كتابه:«المستصفى من علم الأصول» والرازي سمى كتابه: «المحصول من علم الأصول» والبيضاوي سماه: «منهاج الأصول في علم الأصول» والشوكاني سماه: «إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول» .
والناظر في مسائل هذا العلم يجد كلامهم عن أصول التفسير وأصول الحديث إلى جانب طرق الاستنباط من الأدلة النقلية التي يستوي في الحاجة إليها المفسر والمحدث وغيرهما.