الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3 -
وتنقسم الأدلة الشرعية من حيث قوة دلالتها إلى قطعية وظنية:
والدليل القطعي: هو ما دل على الحكم من غير احتمال ضده. وقيل ما دل على الحكم ولم يحتمل غيره احتمالا ناشئا عن دليل. فعلى الأول يكون الاحتمال الممكن ـ وإن كان بعيدا لا دليل عليه ـ ناقلا للدليل من القطع إلى الظن، وعلى الثاني لا ينتقل الدليل إلى الظن بمجرد الاحتمال بل لا بد أن يكون الاحتمال مستندا لدليل.
مثاله قوله تعالى: {فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ} [البقرة 196]. فدلالة العدد هنا على الأيام الواجب صيامها دلالة قطعية.
والظني: ما دل على الحكم مع احتمال ضده احتمالا مرجوحا، ومثاله: قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى} [البقرة 264]، فالآية تدل بظاهرها على أن كلا من المن والأذى يبطل الصدقة ويذهب أجرها، ولا يلتفت إلى الاحتمال المرجوح الذي تحتمله الآية وهو أن الصدقة لا تبطل إلا بمجموع الأمرين.
الأصل في الأدلة الشرعية العموم:
الأدلة الشرعية تحمل على العموم سواء وردت بصيغة العموم أم بصيغة الخصوص، إلا أن يدل على خصوصيتها دليل.
ومعنى ذلك أن الدليل الشرعي من القرآن أو السنة يجب أن يعد شاملا لمن ورد في بيان حكمه ومن يماثله من المكلفين على مر العصور.
فالآيات والأحاديث الواردة بصيغة العموم لا إشكال في عمومها بطريق اللغة، وأما الواردة بصيغة الخصوص كالتي وجه الخطاب فيها إلى فرد أو أفراد محصورين فتكون عامة فيمن حاله كحالهم ممن يأتي بعدهم إلا أن تقوم دلالة
على أنها خاصة بمن وردت فيه بعينه لا بوصفه.
فالأحاديث الواردة في رجم ماعز لَمّا زنى يدخل فيها كل زان محصن، والأحاديث الواردة في قتل العرنيين الذين قتلوا الرعاة وسملوا أعينهم تشمل من يفعل مثل فعلهم بطريق المعنى، وقوله صلى الله عليه وسلم في المحرم الذي وقصته دابته ـ:«لا تخمروا رأسه» (متفق عليه) يشمل كل من مات محرما على الصحيح من قولي العلماء، ومن قال بخصوص الحديث إنما قال بذلك لدلالة قامت عنده على الخصوصية.
والدليل على ذلك الأصل من وجوه:
1 -
عموم رسالة الرسول صلى الله عليه وسلم وما جاء به من الشرع؛ لقوله تعالى: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا} [الأعراف158]، وقوله:{وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا} [سبأ28]، وقوله صلى الله عليه وسلم:«بعثت إلى الناس كافة» (أخرجه البخاري بهذا اللفظ ومسلم بمعناه).
2 -
قوله تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب21]. فإذا كان التأسي بالرسول صلى الله عليه وسلم مطلوباً فيكون ما يثبت في حقه من الأحكام ثابتاً في حق أمته إلا أن يقوم دليل على الخصوصية.
3 -
الأدلة الدالة على مشروعية القياس تدل على عموم الأدلة؛ لأن القياس مبناه على توسيع مجرى النص وإدخال من لا يدخل تحته وضعاً بطريق المعنى.