الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مسائل تتعلق بحجية القياس
يذكر الأصوليون مسائل تتعلق بحجية القياس، من أهمها:
1 -
مسألة الاحتجاج بالقياس في الحدود.
2 -
ومسألة القياس في الرخص والتقديرات.
3 -
ومسألة القياس في الكفارات.
فالمسألة الأولى خالف فيها الحنفية وقالوا الحدود لا قياس فيها، واستدلوا بأن الحدود تدرأ بالشبهات، والقياس فيه شبهة فلا يصلح لإثبات حد من حدود الله.
والجمهور أجازوا القياس في الحدود واستدلوا بأنها أحكام لا تختلف عن غيرها من الأحكام الشرعية، فما جاز في غيرها جاز فيها، وبأن الأدلة الدالة على حجية القياس عامة لم تخصص بعض الأحكام دون بعض، ثم إن الصحابة قاسوا شرب الخمر على القذف فأوجبوا فيه ثمانين جلدة لكونه يفضي إلى القذف:«إذا سكر هذى وإذا هذى افترى» .
وأجابوا عن استدلال الحنفية بأن الشبهة التي تدرأ بها الحدود ليست موجودة في القياس؛ إذ المراد بها وجود الظن بكون مرتكب المحرم معذورا، والقياس لا شبهة فيه إلا كونه ظنيا، وهذا ليس مانعا من العمل به في الحدود؛ بدليل أن الحدود تثبت بشهادة اثنين والشهادة لا توجب العلم القطعي وإنما تورث ظنا غالبا، فتبين أن الظن الغالب كاف لإثبات الحدود وهو يحصل بالقياس، ولهذا قضى الجمهور بقطع النباش قياسا على السارق عند بعضهم، وعند آخرين لكونه سارقا حقيقة، وكذلك جلد اللوطي عند بعضهم قياسا على الزاني غير المحصن ورجمه إذا كان محصنا، والذين قضوا بقتله مطلقا استدلوا بأدلة نقلية ليس هذا موطن ذكرها.
وأما القياس في الرخص فقد منعه بعض العلماء. والصحيح جوازه مع وضوح الشبه والاشتراك في المناسبة، ومثاله: قياس الوحل والريح الشديدة والثلج على المطر، في الترخص لأجلها في الجمع، وقياس المريض على الممطور في الجمع بين الصلاتين في الحضر.
وأما القياس في الكفارات فإن أريد بالقياس إثبات كفارة جديدة بمجرد الرأي فلا يصح ذلك.
وأما قياس فعل على فعل في كونه موجبا للكفارة مثله فهذا صحيح، وهو الذي ينبغي أن يحمل عليه كلام العلماء الذين أجازوا القياس في الكفارات حيث قاس المالكية الأكل والشرب عمدا في رمضان على الوطء في وجوب الكفارة. وقاس الشافعي قتل العمد على قتل الخطأ في وجوب الكفارة.
والحنفية نقل عنهم منع القياس في الكفارات، واعتذروا عن إلحاق الأكل عمدا بالوطء بأنه ليس قياسا بل من باب تنقيح المناط وهو عندهم ليس من القياس، فلا يكون بينهم وبين غيرهم من الجمهور خلاف حقيقي؛ لأنهم حين منعوا القياس في الكفارات قصدوا منع تحديد كفارة على عمل محرم بطريق القياس والاجتهاد؛ لأن العقل مهما بلغ لا يمكن أن يعرف القدر الذي يحصل عنده تكفير الذنب وإنما يعرف ذلك بالنص وما في معناه.
والذين أجازوا القياس في الكفارات لم يمثلوا له إلا بقياس اليمين الغموس على اليمين الحانثة، وقتل العمد على قتل الخطأ.
والحنفية لهم مأخذ آخر لرد هذا القياس، وهو أنه زيادة على النص؛ فإن القرآن نص على الكفارة في قتل الخطأ دون العمد، واليمين الحانثة وهي التي تكون على أمر مستقبل كأن يحلف أن يفعل كذا أو أن لا يفعل كذا ثم لا يبر بيمينه، دون اليمين الغموس وهي اليمين الكاذبة على إثبات شيء أو نفيه.