الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
معهودا فلا يدل ذكره على قصر الحكم عما عداه، وهو أعم من الذي قبله؛ لأن المسؤول عنه معهود لسبق ذكره.
4 ـ أن لا يكون المسكوت عنه أولى بالحكم من المذكور، فإن كان كذلك فإنه يكون من مفهوم الموافقة ويثبت للمسكوت حكم المنطوق من باب أولى. مثله بعضهم بقوله تعالى:{وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ} [النساء92] قالوا فإن قتله عمدا وجبت الكفارة من باب أولى. وهذا ليس صحيحا عند الأكثر؛ لأن الكفارة تطهير للمكلف، والقتل العمد لا تطهره الكفارة لأنه جرم عظيم لا يطهره إلا القود، ولذا لم تجب فيه كفارة.
وأظهر من هذا أن يمثل بقوله تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ} [الإسراء31]، فلا يفهم منه جواز قتلهم من دون خشية الفقر؛ لأنه إذا حرم قتلهم مع خوف الفقر والعجز عن نفقاتهم فتحريم قتلهم مع القدرة على نفقاتهم أولى بالتحريم.
وهذه الشروط التي ذكروها كلها ترجع إلى شرط واحد وهو أن لا يظهر لتخصيص المذكور بالذكر فائدة سوى اختصاصه بالحكم عما لم يشاركه في الصفة المذكورة.
أثر الخلاف:
ظهر أثر الخلاف في مسائل كثيرة منها ما هو أصول وقواعد، ومنها ما هو فروع فقهية، ومنها:
1 -
هل يجوز نكاح الأمة لمن يجد مهر الحرة؟
اختلف العلماء في ذلك، وخلافهم راجع إلى الاستدلال بمفهوم الشرط في
قوله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ} [النساء25].
فالجمهور قالوا الآية تدل بمفهوم المخالفة في قوله: (ومن لم يستطع) على أن المستطيع لمهر الحرة القادر على نكاحها ليس له أن ينكح الأمة.
والحنفية قالوا الآية بينت حكم من لم يستطع مهر الحرة وسكتت عن المستطيع، فيطلب حكم نكاحه من دليل آخر، وقد وجدنا الدليل في عموم قوله تعالى:{فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء3] والأمَةُ من النساء.
2 -
هل يشترط لمن أراد نكاح الأمة أن تكون مؤمنة؟
اختلفوا في ذلك، وخلافهم مبني على الخلاف في حجية مفهوم الصفة الوارد في قوله تعالى:{مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ} [النساء25]، فذهب الجمهور إلى اشتراط إيمان الأمة أخذا بمفهوم الصفة المتقدم، فقوله من فتياتكم المؤمنات، يدل بمفهوم المخالفة أن غير المؤمنة لا يجوز نكاحها.
وذهب الحنفية إلى جواز نكاح الأمة الكتابية، وقالوا: النص على المؤمنة لا يدل على نفي الحكم عما عداها، وإنما يدل على أن ما عداها يطلب حكمها من دليل آخر، وقد وجدنا الدليل يدل على التفريق بين الكتابيات وغيرهن من الكافرات في قوله تعالى:{وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} [المائدة5]، فالكتابية يجوز نكاحها سواء أكانت حرة أم أمة بخلاف بقية الكفار.