الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بأي طريق، من التأويل، وهل يمكن أن يستغني أحد من علماء الشريعة عن ذلك كله؟!.
ثالثا: المجمل:
وهو في اللغة: المبهم، اسم مفعول من الإجمال بمعنى الإبهام أو الضم، يقال: أجمل الأمر، أي: أبهمه، ويقال: أجملت الحساب إذا جمعته، وجمل الشحم إذا أذابه وجمعه، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم:«حرمت عليهم الشحوم فجملوها وباعوها» (متفق عليه من حديث عمر رضي الله عنه).
وفي الاصطلاح: «ما دل على أحد معنيين لا مزية لأحدهما عن الآخر بالنسبة إليه» .
شرح التعريف:
قولهم: (ما دل) يخرج اللفظ المهمل الذي لا دلالة له ولا معنى يمكن أن يراد به.
وقولهم: (على أحد معنيين) أخرج النص، فإنه يدل على معنى واحد معين.
وقولهم: (لا مزية لأحدهما على الآخر) أخرج الظاهر، فإنه يدل على معنيين لكن أحدهما أرجح من الآخر.
قولهم: (بالنسبة إليه) أي: بالنظر إلى اللفظ المجمل وحده، وإن كان أحد المعنيين راجحا بالنسبة لدليل آخر بيَّن المجمل، وذلك لأن الإجمال لم يعد باقيا في شيء من نصوص الوحي التكليفية، فهي قد بينت ـ والحمد لله ـ أكمل بيان.
والنصوص المجملة الباقية على إجمالها لا يتعلق بها تكليف.
مثال المجمل الذي بيِّن: قوله تعالى: {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} [الأنعام141] فقد قام الدليل على أن الحق الواجب في المال هو الزكاة ومقاديرها معلومة، وذهب بعض العلماء إلى أن المراد بالحق هنا: الصدقة المطلقة منه يوم الحصاد بما تجود به نفس المالك من غير تحديد.
ومثله قوله صلى الله عليه وسلم: «ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي حقها» الحديث (أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة)، فإن الحق قد بين بالنصوص المبينة لمقادير الزكاة.
ومثال المجمل الباقي على إجماله لكونه لم يتعلق به تكليف: الحروف المقطعة في أوائل بعض السور، مثل: ألم، حم، ونحو ذلك.
وقد خص كثير من العلماء هذا النوع من المجمل باسم خاص فسماه المتشابه.
وعلى ذلك لا يكون هناك مجمل لم يبين، ولكن يوجد متشابه استأثر الله بعلمه أو علمه الراسخون في العلم دون غيرهم، كما قال تعالى:{هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ} [آل عمران7].
وقد اختلف القراء في الوقف أين يكون؟
فمن وقف عند لفظ الجلالة: (إلا الله)، قال: إن المتشابه ما استأثر الله بعلمه، ومثل له بحقائق ما يقع يوم القيامة، من وزن الأعمال ونصب الصراط والعبور عليه ونحو ذلك، وبكيفيات صفات الله جل وعلا.
ومن وقف عند لفظ العلم، قال: إن الراسخين في العلم يعلمون المتشابه، وفسر المتشابه بما غمض معناه حتى لا يعرفه إلا الراسخون في العلم.