الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ما لا يتم الواجب إلا به
هذه القاعدة من القواعد الأصولية المهمة التي انبنى عليها فقه كثير، وهي ليست على الإطلاق المذكور في العنوان، ولا تصدق بعمومها. وإنما نقول: ما لا يتم الواجب إلا به ينقسم قسمين:
1 ـ ما لا يتم الوجوب إلا به، كشروط الوجوب، وأسبابه، وانتفاء موانعه، فهذه ليست واجبة باتفاق، فليس على المكلف أن يمسك عن إنفاق ما عنده من مال حتى يتم الحول ويزكيه، وليس عليه أن يمسك ما عنده من بهيمة الأنعام أو يزيدها حتى تبلغ نصابا لتجب فيها الزكاة مثلا. وإنما يتصرف في ماله تصرفا عاديا من غير هروب من الزكاة، فإذا حال الحول وعنده نصاب زكاة زكاه وإلا فلا. فهذه الشروط والأسباب وإن كانت داخلة في عموم «ما لا يتم الواجب إلا به» لكنها غير مرادة.
2 ـ ما لا يمكن عقلاً أو شرعاً أو عادةً أن يفعل الواجب تاما إلا بفعله، وهذا ينقسم أيضا قسمين:
أ ـ
…
ما ليس بمقدور للمكلف، كغسل اليد في الوضوء إذا تعذر لقطع ونحوه، وكالركوع والسجود إذا تعذر ليبس في ظهره ونحو ذلك. فهذا خارج عن القاعدة فلا يجب باتفاق.
ب ـ ما هو مقدور للمكلف، مثل غسل جميع الثوب الذي أصابته نجاسة ولا يدري موضعها، وإمساك جزء من الليل مع النهار حتى يتم صيام النهار، والوضوء للصلاة، ونيتها. وهذا ينقسم أيضا قسمين:
1 -
ما ورد في إيجابه نص مستقل كالوضوء والنية للصلاة، وهذا واجب
باتفاق، ولم ينقل عن أحد فيه خلاف.
2 -
ما لم يرد فيه بخصوصه دليل مستقل، وهذا هو موضع النزاع، وهو الذي قال بعض العلماء فيه: لا نسميه واجبا وإن وجب فعله تبعا.
والخلاف في هذه القاعدة ضعيف، والقاعدة معمول بها عند جميع الأئمة، ومن نقل فيها خلافا فإنما هو في التسمية، وفي استحقاق هذه الزيادة ثوابا مستقلا. وإنما قال الجمهور: تسمى هذه الزيادة واجبا؛ لأنها لا يجوز تركها أبدا إلا بترك الواجب، وترك الواجب يذم عليه المكلف فكذلك ما لازمه.
ومن فروع هذه المسألة:
1 -
إذا اشتبهت أخته بأجنبية اشتباها لا يمكن معه معرفة المحرمة عليه منهما بأي طريق، وجب عليه ترك نكاح الاثنتين. ويؤيده حديث:«دع ما يريبك إلى ما لا يريبك» . ولكن لو اشتبهت أخته بنساء قرية لا يحرم عليه النكاح من نساء تلك القرية؛ لأن القاعدة هنا عارضتها قاعدة أخرى وهي قاعدة: «العبرة بالغالب لا بالنادر» .
2 -
إذا اشتبهت الميتة بمذكاة وجب اجتنابهما معا؛ لأن إحداهما منصوص على تحريمها، والأخرى لا يتم اجتناب الحرام إلا باجتنابها.
3 -
إذا أصابت النجاسة طرفاً من ثوبه كالكم ـ مثلا ـ ولم يعرف موضعها، فإنه يغسل ما يتيقن بغسله أنه غسل النجاسة، وحينئذ يكون قد غسل ما وجب غسله بالنص وما لا يتم فعل ذلك الواجب إلا به.
4 -
إذا امتنع المدين من سداد الدين وعنده عقار زائد عن حاجة السكنى وجب عليه بيعه لسداد الغرماء، فإن امتنع أجبره القاضي.