الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القاعدة: [281]
الزكاة هل تجب في عين النصاب أو ذمة مالكه
؟
التوضيح
اختلف علماء المذهب الحنبلي في ذلك على طرق:
إحداها: إن الزكاة تجب في العين، الثانية: إن الزكاة تجب في الذمة، الثالثة: إنها تجب في الذمة، وتتعلق بالنصاب، والرابعة: إن في المسألة روايتين: تجب في العين، وتجب في الذمة، والرواية الأولى هي الأرجح.
قال البهوتي: "وتجب الزكاة في عين المال، ولها تعلق بالذمة".
- التطبيقات
يزتب على الاختلاف في محل تعلق الزكاة بالعين أو بالذمة فوإئد كثيرة، منها:
1 -
إذا ملك نصاباً واحداً، ولم يودِّ زكاته أحوالاً، فإن كانت الزكاة في العين وجبت زكاة الحول الأول دون ما بعده، نص عليه أحمد واختاره أكثر الأصحاب؛ لأن قدر الزكاة زال الملك فيه على قول أو ضعف الملك فيه لاستحقاق تملكه، والمستحق في حكم المؤدى، فنقص النصاب في الحول الثاني ولا زكاة فيه، وإن كانت الزكاة في الذمة وجبت لكل حول، إلا إذا قلنا: إن دين الله عز وجل يمنع الزكاة.
وهذا الاختلاف إذا كانت زكاته من جنسه، فإن كانت من غير جنسه كالإبل
المزكاة بالغنم فتتكرر زكاته لكل حول قولاً واحداً، لأن الملك لا يزال تاماً في النصاب.
2 -
إذا تلف النصاب أو بعضه بعد تمام الحول، وقبل التمكن من أداه الزكاة، فالمذهب المشهور أن الزكاة لا تسقط بذلك، إلا زكاة الزروع والثمار إذا تلفت بجائحة قبل القطع فتسقط زكاتها اتفاقاً لانتفاء التمكن من الانتفاع بها.
وعن أحمد رواية ثانية بالسقوط.
3 -
إذا مات من عليه زكاة دين، وضاقت الزكاة عنهما، فالمنصوص عن أحمد أنهما يتحاصان، إما لتعلق التركة في الذمة أو العين سواه، وإما لتعلق الزكاة بالذمة، فقط لاستوائهما في محل التعلق، وفي قول تتعلق بالنصاب فقط وتقدم الزكاة لتعلقها بالعين، كدين الرهن.
4 -
إذا كان النصاب مرهوناً ووجبت فيه الزكاة، فهل تؤدى زكاته منه؟ فيه حالتان، إحداهما: ألا يكون له مال غيره يؤدي منه الزكاة، فيؤدي من عين النصاب المرهون؛ لأن الزكاة ينحصر تعلقها بالعين، أما دين الرهن فيتعلق بالذمة والعين، فيقدم عند التزاحم ما اختص تعلقه بالعين، أو لأن تعلق الزكاة قهري، وتعلق الرهن اختياري، والقهري أقوى، أو لأن تعلق الزكاة بسبب المال وتعلق الرهن بسبب خارجي، والتعلق بسبب المال يقدم، إلا على القول بتعلق الزكاة بالذمة خاصة
فلا تقدم على حق المرضهن لتعلقه بالعين، كما تقدم الزكاة على الرهن لأن النصاب سبب دين الزكاة فيقدم دينها عند مزاحمة غيره من الديون في النصاب، كما يقدم من وجد عين ماله عند رجل أفلس، وتقدم الزكاة على هذا التعليل سواء تعلقت الزكاة بالذمة أو بالعين.
الحالة الثانية: أن يكون له مال يؤدي منه زكاته غير الرهن، فليس له أداء الزكاة منه بدون إذن المرتهن على المذهب؛ لأن تعلق حق المرتهن مانع من تصرف الراهن في
الرهن بدون إذنه، والزكاة لا يتعين إخراجها منه، وإن كانت الزكاة تتعلق بالعين، فله إخراجها من الرهن؛ لأنه تعلق قهري وينحصر بالعين.
5 -
التصرف في النصاب أو بعضه بعد الحول ييع أو غيره، والمذهب صحنه، سواء قلنا: إن الزكاة في العين أو في الذمة، وقيل: إن تعلقت الزكاة بالعين لم يصح التصرف في مقدار الزكاة، وعلى المذهب إن باع النصاب كله، تعلقت الزكاة بذمته حينئذ بغير خلاف، كما لو تلف، فإن عجز عن أدائها ففي طريق تتعين في ذمته كسائر الديون بكل حال، وفي طريق لم يفسخ البيع إن تعلقت الزكاة بالذمة، كما لو وجب عليه دين لآدمي وهو موسر، فباع متاعه ثم أعسر، ويفسخ البيع في قدرها إن
تعلقت الزكاة بالعين، تقديماً لحق المساكين لسبقه.
6 -
لو كان النصاب غائباً عن مالكه، ولا يقدر على إخراج الزكاة منه، لم يلزمه إخراج زكاته حتى يتمكن من الأداء منه؛ لأن الزكاة مواساة، فلا يلزم أداؤها قبل التمكن من الانتفاع بالمال المواسى منه، ومثله من وجبت عليه زكاة ماله فأقرضه، فلا يلزمه أداء زكاته حتى يقبضه؛ لأن عوده مرجو، بخلاف التالف بعد الحول.
وهذا يرجع إلى القول بوجوب الأداء على الفور، وفي قول: يلزمه أداء زكاته قبل قبضه؛ لأنه في يده حكماً، رلهذا يتلف من ضمانه، وهذا بناء على محل الزكاة، فإن كان في الذمة، لزمه الإخراج عنه من غيره، لأن زكاته لا تسقط بتلفه بخلاف الدين.
وإن كان في العين، لم يلزمه الإخراج حتى يتمكن من قبضه، والصحيح الأول، ولا تجب الزكاة عن الغائب إذا تلف قبل قبضه.
7 -
إذا أخرج رث المال زكاة حقه من مال المضاربة منه، فهل يحسب ما أخرجه من رأس المال ونصيبه من الربح، أم من نصيبه من الربح خاصة.
والجواب على وجهين بناء عل الخلاف في محل التعلق، فإن كان بالذمة فهي
محسوبة من الأصل والربح، لقضاء الديون، وإن كان محل التعلق بالعين، حسبت من الربح كالمؤونة؛ لأن الزكاة إنما تجب في المال النامي، فيحسب من نمائه.
وينبني على هذا الأصل الوجهان في جواز إخراج المضارب زكاة حصته من مال المضاربة، فإن تعلقت الزكاة بالعين فله الإخراج منه، والا فلا.
وأما حق ربِّ المال فليس للمضارب تزكيته بدون إذنه، إلا أن يصير المضارب شريكاً، فيكون حكمه حكم سائر الخلطاء.