الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القاعدة: [211]
دلالة الحال تغني عن السؤال
الألفاظ الأخرى
- دلالة الحال في الكنايات تجعلها صريحة، وتقوم مقام إظهار النية.
- الكناية مع دلالة الحال كالصريح لا تفتقر إلى إظهار نية.
- الكناية إذا اقترن بها دلالة الحال كانت صريحة في الظاهر.
التوضيح
إن دلالة الحال هي الأمارة والعلامة القائمة التي تصاحب الإنسان وتدل على أمر من الأمور، فتكون الأحوال والقرائن المصاحبة لتصرفات الإنسان من الأقوال والأفعال لها دلالة تمكن من معرفة قصد المتصرف أو المتحدث، ولو لم يصرح بنيته ومراده، وتجعل دلالة الحال اللفظ المجمل أو المشترك أو المبهم بيناً ظاهراً، فلا يُحتاج - مع هذه القرائن - لسؤال المتكلم عن مراده ومقصوده، حتى إن الأحوال والقرائن
تدلان على المراد ولو لم يكن هناك لفظ، لا صريح ولا كنائي.
لكن دلالة الحال تختلف قوة وضعفاً بحسب الأحوال المصاحبة، فتصل تارة إلى
درجة اليقين وتارة إلى غلبة الظن، أو مجرد الظن أو دون ذلك، ويعمل بها كلها ما لم يوجد ما هو أقوى منها.
ويؤيد ذلك ما ورد في قصة يوسف عليه السلام، قال تعالى:.
(إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (26) وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ (27) فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ (28) .
فأيقن السيد صدق يوسف من دلالة شق القميص.
وكذلك ما ورد عن سليمان عليه السلام عندما اختصم إليه امرأتان في ادعاء الولد فطلب أن يشقه بينهما بالسكين، فقالت الصغرى:
"لا تفعل يرحمك الله، هو ابنها، فقضى به للصغرى".
فاستدل من شفقة الصغرى، وقسوة الكبرى التي وافقت على
شقه، صدق الصغرى وحكم لها به.
التطبيقات
1 -
إذا ادعى خصم حقاً أمام القاضي، ولم يسألِ الحاكمَ سؤالَ المدعى عليه
الجواب، فالصحيح أن الحاكم يسأل المدعى عليه، ولا يحتاج إلى السؤال من
المدعي؛ لأن دلالة الحال تغني عن السؤال، فالمدعي إنما رفع دعواه لذلك (ابن تيمية، الحصين 1/467) .
2 -
ينعقد النكاح بغير لفظ الإنكاح أو التزويج الصريحين في الدلالة على المراد؛ لأن دلالات الأحوال في النكاح معروفة من اجتماع الناس لذلك، والتحدث بما اجتمعوا له، فإن قال بعد ذلك: ملكتها لك بألف درهم، علم الحاضرون بالاضطرار أن المراد به الإنكاح..
(ابن تيمية، الحصين 1/467) .
3 -
الرضا أو التراضي من الطرفين ركن العقود، والرضا أمر باطن، ولا بدَّ من شيء في الظاهر يدل عليه، ولا يقتصر على اللفظ وحده، بل الحالة التي يتم فيها العقد تدل على ذلك دلالة بينة قاطعة للتراع كالتعاطي..
(ابن تيمية، الحصين 1/475) .
4 -
إن الأحوال المصاحبة لمن يريد الاحتيال بعقد من العقود على ما حرَّم الله، تدل دلالة واضحة على مراده من العقد، ولو لم يصرح بذلك، فيجب العمل بهذه الأحوال، دون حاجة إلى سؤاله عن مقصوده من العقد، كالقرض، مع البيع بثمن
بخس، فالمقترض إنما رضي بالبيع لأجل القرض، والمقرض إنما أراد بهذا البيع تحصيل ربح قرضه، ومثله إبطال نكاح التحليل، لأنه يظهر منه أن باطنه مخالف لظاهره، وخاصة من تيس من التيوس المعروف بكثرة التحليل، وهو من سقاط الناس ديناً وخلقاً ودنيا، مع صداق قليل لا يناسب المرأة، والتعجيل بالطلاق أو بالخلع، مما يعلم قطعاً وجود التحليل، فيكون باطلاً..
(ابن تيمية، الحصين 1/ 470) .