الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القاعدة: [253]
العادة هل هي كالشاهد، أو كالشاهدين
؟
التوضيح
هذه القاعدة فرع للقاعدة الكلية الأساسية الكبرى "العادة محكَّمة"(م/ 36) ؛ لأن الرجوع إلى الأعراف والعادات أحد قواعد الفقه، وأحد الأسس التي يعتمد عليها الفقهاء والقضاة في تفسير مدلولات الألفاظ في العقود، والأيمان، والوقف، والوصية، والمقادير، والمكاييل، والموازين، والنقود، ويرجع إليها الناس في القلة والكثرة في الحيض والطهر، والأفعال غير المنضبطة التي تبنى عليها الأحكام وتتحدد بها حقوق الأطراف، ويرجعون إليها أيضاً في مهر المثل، والكفاءة، وعند التداعي والخصام مع فقد البينات أو تعادلها كوضع الخشب على الجدران، ووجوه الجدران في
البناء، وربط الحبال، والنزاع في أثاث البيت بين الزوجين، إلى غير ذلك.
لكن اختلف فقهاء المالكية في العادة إذا شهدت لأحد المتنازعين، فهل تكون
دلالتها كالشاهد الواحد، فلا يحكم بها من غير يمين، أو تكون في حكم الشاهدين، ويحكم بها من غير يمين؛ وبنيت المسائل على كلا القولين.
التطبيقات
1 -
مسألة الابن الساكت، وهو أن يعقد الأب النكاح لابنه البالغ، وهو جالس ساكت لا ينكر ولا يعترض، حتى إذا فرغ الأب قام الابن يعترض في الحين، فإن
الابن يصدق في عدم رضاه بيمينه، فإن لم يحلف، فإن كانت العادة كشاهدين، وهو المشهور في هذه المسألة، لزمه النكاح، وعليه نصف الصداق، كان كانت العادة كشاهد واحد لم يلزمه النكاح، فإن العادة تدل على أن من فعل لى أمره، وهو ساكت حاضر، يكون راضياً به.
(الغرياني ص 357، الونشريسي ص 392) .
2 -
إذا تنازع الزوجان عند الطلاق في أثاث البيت، ولا بينة لأحدهما، فإنه يقضى للزوجة بما تشهد العادة أنه لها، فإن جعلنا العادة كالشاهدين حكم لها من غير يمين.
وإن جعلناها كالشاهد الواحد لزمها اليمين، وهو المشهور، أما ما يعرف أنه للرجال فإنه يقضى به لهم بإيمانهم؛ لأنه حكم بالأصل، لا بالعادة، والقياس أنه بين الرجل والمرأة بأيمانهما.
(الغرياني ص 358) .
3 -
عند النزاع في الجدار، بقضى به لمن وجه الجدار ومغارز الخشب إلى جهته؛ لأن العادة في الجدار أن يكون لمن وجه إليه، فعلى أن العادة كالشاهد تلزمه اليمين، وهو المشهور، وعلى أنها كالشاهدين، يقضى له به من غير يمين.
(الغرياني ص 358، الونشريسي ص 392) .
4 -
معرفة العفاص والوكاء (1) في اللقطة يقوم مقام الشاهدين، فيقضى لمن عرفهما باللقطة بلا يمين على المشهور، وإن قلنا: إحهما كالشاهد الواحد لزمه اليمين، ويرجح الأول أن المدعي للقطة لا مكذب له، فلم يحتج في دعواه إلى يمين.
(الغرياني ص 358) .
5 -
عند النزاع بين الزوجين في المسيس، فالقول للزوجة مع اليمين على المشهور، فيجب لها الصداق في خلوة الاهتداء، وكذلك إذا كانت هي الزائرة؛ لأن الرجل إذا خلا بامرأته أول خلوة مع تشوقه إليها، قل ما يفارقها قبل أن ينال منها، ولو جعلت العادة هنا كشاهدين لحكم لها بالصداق من غير يمين.
(الغرياني ص 359، الونشريسي ص 392) .
.
(1)
العفاص: هو الوعاء من الجلد أو الخرقة أو غير ذلك يكون فيه زاد الراعي، والوكاء: الخيط الذي يشد به رأس القربة أو المرة أو الكيس، المعجم الوسيط 2/ 611. 1055.
6 -
عند اختلاف الراهن والمرتهن في قدر الدَّين يُحكم لمن شهد له الرهن بيمينه، وتعتبر العادة كالشاهد في الراجح، فإن كانت قيمته يوم الحكم والتداعي مثل دعوى المرتهن فأكثر صدق المرتهن بيمينه؛ لأن العادة أن صاحب الدَّين لا يقبل في الرهن أنقص من دينه، ولو جعلت العادة كالثاهدين لصُدِّق من غير يمين، وإن كان الرهن
يساوي ما قاله الراهن فأقل صُدِّق الراهن بيمينه في الراجح، وتكون العادة كشاهد واحد.
(الغرياني ص 359، الونشريسي ص 393) .
7 -
البكر إذا وجدت تبكي متعلقة برجل، وهي تُدمي، فإنه يتقرر لها الصداق، قيل بيمين، بناء على أن العادة كالشاهد، وقيل: بغير يمين، واستحسنه اللخمي، بناء على أن العادة تحكم بأن المرأة لا تفضح نفسها بتعلقها برجل تدَّعي أنه نال منها لو لم تكن صادقة، وثبت الصداق، ولم يثبت الحدّ؛ لأن الشرع جعل إثبات الحقوق المالية
أخفّ من إثبات الزنا.
(الغرياني ص 9 35، الونشريسي ص 393) .
8 -
وضع اليد بالحيازة حيازة شرعية، مع مجرد الدعوى من غير بيِّنة لأحد
المتداعيين، قرينة على الملك عادة، فلا ينزع من حائز، فإن كانت العادة كالشاهد، فيحلف واضع اليد، وهو المشهور، وإن كانت كالشاهدين فلا يطالب باليمين.
وكذلك إذا تكافأت بينتاهما، وتساقطتا، فالعادة تشهد لواضع اليد، فيبقى الشيء بيده، ويحلف؛ لأن العادة كالشاهد فيحلف معها، ولأنه لما سقطت البينتان وبقيت الدعوى، وجبت اليمين على المنكر.
(الغرياني ص 360، الونشريسي ص 393) .