الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القاعدة: [206]
ما حرم لسد الذريعة أبيح للمصلحة الراجحة
الألفاظ الأخرى
- النهي إذا كان لسد الذريعة أبيح للمصلحة الراجحة.
- ما كان منهياً عنه للذريعة فإنه يفعل للمصلحة الراجحة.
- ما نهي عنه لسد الذريعة يباح للمصلحة الراجحة.
التوضيح
الذريعة: الوسيلة، أو السبب إلى الشيء، وهي في الشرع: ما كان وسيلة وطريقاً إلى الشيء، وصارت في عرف الفقهاء: عبارة عما أفضت إلى فعل محرم.
وسد الذريعة: حسم وسائل الفساد عن طريق المنع منها، فهي في ظاهرها مباح، ولكنها وسيلة إلى فعل المحرم، أما إذا أفضت إلى فساد ليس هو فعلاً، كإفضاء شرب الخمر إلى السكر، وإفضاء الزنا إلى اختلاط الأنساب، أو كان الشيء نفسه فساداً كالقتل والظلم فهذا ليس من باب سد الذريعة، وإنما تحرم لكونها في نفسها فساداً، وهي ضرر لا منفعة فيه، أو منفعة ظاهراً وتفضي إلى ضرر أكثر منها فتحرم لذاتها.
ودأب الشريعة تحريم الأفعال المفضية إلى مفاسد كثيرة، كالوقوع في المحرمات، أو إهمال بعض الواجبات، وإن كانت تلك الأفعال ليست ضارة بذاتها، أو فيها نفع مغمور في جانب ما تفضي إليه من الفساد، فإذا كان في شيء من هذه الأفعال مصلحة
ترجح على ما تففيى إليه من المفسدة فإن الشارع يبيح ذلك الفعل، ويأذن فيه، جلباً للمصلحة، وإذا تعذرت المصلحة إلا بالذريعة شرعت.
التطبيقات
1 -
يحرم النظر إلى الأجنبية، والخلوة بها، وسفرها بلا محرم، لما يفضي إليه ذلك من الفساد، فإذا كان في فعل شيء من ذلك تحقيق مصلحة، كأن ينظر الطبيب للمرأة لعلاجها، أو الخاطب ليكون أحرى لاستمرار العشرة بينهما، أو يخشى ضياع المرأة إذا لم تسافر إلا مع محرم، أو نحو ذلك، فإنه يباح ذلك كله، فيباح النظر والخلوة والسفر، لأن ما كان منهياً عنه سداً للذريعة يباح للمصلحة الراجحة.
(ابن تيمية، الحصين 1 / 286) .
2 -
تجوز صلاة ذوات الأسباب في أوقات النهي، لأن النهي إنما كان لسد
الذريعة، وما كان لسد الذريعة فإنه يفعل للمصلحة الراجحة، فالصلاة في نفسها من أفضل الأعمال وأعظم العبادات فليس فيها نفسها مفسدة تقتضي النهي، ولكن وقت الطلوع والغروب يقارن الشيطان الشمس، ويسجد لها الكفار حينئذ، فالمصلي يتشبه بهم في جنس الصلاة وإن لم يعبد الشمس، ولا يقصد مقصد الكفار، لكن يشبههم في الصورة، فنهي عن الصلاة في هذين الوقتين سداً للذريعة، حتى ينقطع التشبه بالكفار، وألا يتشبه بهم المسلم في شركهم، فإن توفرت المصلحة الراجحة كإعادة
الصلاة مع الإمام، وتحية المسجد، وصلاة الكسوف، وصلاة الجنازة وغيرها
فتصلى، وتكون مفسدة النهي ناشئة مما لا سبب له، فلا تفوت بالنهي عنها مصلحة راجحة من العبادة والطاعة وتحصيل الأجر والثواب، والمصلحة العظيمة في الدِّين..
(ابن تيمية، الحصين 1 / 287) .
3 -
حرّم بيع الغرر لما يفضي إليه من النزاع والخصام، والعداوة والبغضاء، وأكل المال بالباطل، كبيع الثمار قبل بدو الصلاح، فإن كانت الحاجة ماسة إلى بيع ما فيه غرر كبيع الباقلاء، والجزر، والجوز، واللوز، والحب في سنبله والمقاثي ونحو ذلك.
فتباح؛ لأن الغرر يسير، والحاجة الشديدة يندفع بها يسير الغرر، ويترتب على تحريم هذه المعاملات ضرر على الناس، فتباح؛ لأن الشريعة مبنية على أن المفسدة المقتضية للتحريم إذا عارضتها حاجة راجحة أبيح المحرم..
(ابن تيمية، الحصين 1 / 289) .
4 -
إن بذل المال في المسابقة بالخيل والإبل والأقدام، والرمي بالسهام ونحوها، والمصارعة بالأيدي، محرم لا يجوز فعله، لأنه من اللهو، ومن تضييع المال في ما لا ينفع في الدين والدنيا، ولكن يجوز فعل ذلك لما فيه من تحقيق مصلحة شرعية من تدريب على الجهاد، والكر والفر، وإجادة الرماية، وتقوية البدن ونحو ذلك من الفوائد الشرعية..
(ابن تيمية، الحصين 1/ 290) .
5 -
تباح العرايا، وهي بيع الرطب على رؤوس النخل بتمر كيلاً، استثناء من المزابنة الممنوعة (وهي شراء الثمر والحب بخرص، تحرزاً من الربا)
لأن ما حرم سدًّا للذريعة يباح للمصلحة الراجحة.
ثم أجاز الشيخ ابن تيمية رحمه الله تعالى العرايا في جميع الثمار والزرع، وهو قول القاضي الفراء، خلافاً للراجح في المذهب.
(ابن تيمية، الحصين 1/ 295) .
6 -
يجوز بيع الذهب بالذهب، أو الفضة بالفضة، بالتحري والخرص عند الحاجة إلى ذلك، لأن ما حرم سدًّا للذريعة أبيح للمصلحة الراجحة، وتحريم ربا الفضل إنما حرّم سداً للذريعة إلى ربا النسيئة..
(ابن تيمية، الحصين 1/ 296) .
7 -
يجوز بيع حلية الفضة بالدراهم، وبيع حلية الذهب بالدنانير، إذا لم يكن المقصود من الحلية الثمنية، بل ما فيها من الصناعة؛ لأن تحريم ربا الفضل إنما كان لسدّ الذريعة عن ربا النسيئة، وما حرم لسد الذريعة أبيح للمصلحة الراجحة، لأن بيع الصوغ مما يحتاج إليه، ولا يمكن بيعه بوزنه من الأثمان، وإن كان الثمن أكثر منه تكون الزيادة في مقابلة الصنعة..
(ابن تيمية، الحصين 1/ 297) .