الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القاعدة: [210]
كل لفظ بغير قصد من المتكلم لا يترتب عليه حكم
التوضيح
القصد: هو النية القترنة بالتوجه العقلي نحو المراد، وهو إرادة المتكلم مع إدراك معنى الكلام وما يترتب عليه من التزامات، لأن الألفاظ تعبر وتدل على ما في النفس، لتترتب الأحكام عليها.
فإذا لم يرد المتكلم معنى الألفاظ، أو لم يحط بها علماً، فلا يثبت الأثر والحكم
المترتب على مجرد اللفظ، لأن الله تعالى تجاوز للأمة عما حدثت به نفسها ما لم تعمل به أو تتكلم به، وتجاوز عما تكلمت مخطئة أو ناسية أو مكرهة أو غير عالمة به حتى تكون مريدة لمعنى ما تكلمت به، وقاصدة إليه، فإذا اجتمع القصد والدلالة القولية أو الفعلية ترتب الحكم، وإلا كان اللفظ بغير قصد من المتكلم لا قيمة له، ولا يترتب عليه حكم، ولذلك كان كلام المجنون والطفل غير المميز لغواً في الشرع.
وكذلك النائم إذا تكلم في منامه، فأقواله كلها لغو.
وهذه القاعدة متفرعة على قاعدة
"الأمور بمقاصدها" أو قاعدة "الأعمال بالنيات"
وسبق بيانهما، ويتأكد الاستدلال على هذه القاعدة بقوله تعالى ".
(لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ (225) .
وقوله صلى الله عليه وسلم:
"رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه "
لأن ما يصدر عنهم كان بغير قصد فلا يترتب عليه حكم.
ويتأكد ذلك بقوله صلى الله عليه وسلم:
"رفع القلم عن ثلاث: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يفيق".
لأن الإرادة والقصد من هؤلاء الثلاثة مفقود أو غير معتبر.
التطبيقات
1 -
من سبق لسانه بالطلاق الثلاث من غير قصد، وإنما قصد واحدة، لم يقع بها إلا واحدة، ولو أراد أن يقول طاهر، فسبق لسانه بطالق لم يقع به الطلاق فيما بينه وبين الله تعالى..
(ابن تيمية، الحصين 455/1) .
2 -
من طلق في حالة الغضب الشديد، يحيث بلغ إلى الأمر ألا يعقل ما يقول، كالمجنون، لم يقع به شيء..
(ابن تيمية، الحصين 1 / 455) .
3 -
إذا طلق رجل زوجته طلاقاً رجعياً، وعندما حضر الشهود للشهادة قال له بعضهم، قل: طلقتها على درهم، فقال ذلك معتقداً أنه يقر بذلك الطلاق الأول، وأنه لا يريد إنشاء طلاق آخر، لم يقع به غير الطلاق الأول، ويكون رجعياً، لا بائناً.
(ابن تيمية، الحصين 1 / 455) .
4 -
السكران لا يترتب على تصرفاته القولية حكم، فلو باع أو اشترى أو وهب أو أعار، ونحو ذلك، فكل هذه التصرفات باطلة لا يترتب عليها حكم، ولا يقع طلاقه، لقوله تعالى:(حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ) .
فإن لم يعلم ما يقول لم يكن صادراً عن القلب، ويجري مجرى اللغو..
(ابن تيمية، الحصين 1 / 459) .
5 -
من سبق لسانه بلفظ البيع أو غيره، أو أخطأ في التعبير بأن أراد شيئاً، ونطق بغيره، فلا يلزمه شيء، ولا يترتب على ذلك صحة البيع ولا غيره، بل تكون ألفاظه لغواً..
(ابن تيمية، الحصين 1/ 461) .