الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القاعدة: [300]
من قدر على بعض العبادة، وعجز عن باقيها.
هل يلزمه الإتيان بما قدر عليه منها، أم لا
؟
التوضيح
هذه القاعدة المختلف فسها عند الحنابلة تشبه القاعدة السابقة عند الشافعية "الميسور لا يسقط بالمعسور" وسبق بيانها، مع بعض الأمثلة، ونبين هذا الخلاف والتفصيل عند الحنابلة، وأن العبادة على أربعة أقسام، وهي:
القسم الأول: أن يكون المقدور عليه ليس مقصوداً في العادة، بل هو وسيلة
محضة إليها، كتحريك اللسان في القراءة، وإمرار الموسى على الرأس في الحلق، والختان لمن ولد مختوناً، فهذا ليس بواجب، فيسقط، لأنه إنما وجب ضرورة للقراءة، وللحلق وللقطع، وقد سقط الأصل، فسقط ما هو من ضرورته.
القسم الثاني: ما وجب تبعاً لغيره، وهو نوعان:
أحدهما: ما كان وجوبه احتياطاً للعبادة ليتحقق حصولها، كغسل المرفقين في
الوضوء، فإذا قطعت اليد من المرفق، فيجب غسل رأس المرفق على الأشهر، وفي قول: يستحب.
الثاني: ما وجب تبعاً لغيره على وجه التكميل واللواحق، مثل رمي الجمار.
والمبيت بمنى لمن لم يدرك الحج، فالمشهور أنه لا يلزمه، لأن ذلك كله من توابع الوقوف بعرفة، فلا يلزم من لم يقف بها.
(ابن رجب 1/ 44) .
ومن أمثلة ذلك المريض إذا عجز في الصلاة عن وضع وجهه على الأرض، وقدر على وضع بقية أعضاء السجود، فإنه لا يلزمه ذلك على الصحيح، لأن السجود على
بقية الأعضاء إنما وجب تبعاً للسجود على الوجه وتكميلاً له.
(ابن رجب 1/ 45) .
القسم الثالث: ما هو جزء من العبادة وليس بعبادة في نفسه بانفرإده، أو هو غير مأمور به لضرورة، فا لأول: كصوم بعض اليوم لمن قدر عليه، وعجز عن إتمامه، فلا يلزمه بغير خلاف.
والثاني كعتق بعض رقبة في الكفارة.
فلا يلزم القادر عليه إذا عجز عن التكميل.
(ابن رجب 1/ 45) .
القسم الرابع: ما هو جزء من العبادة، وهو عبادة مشروعة في نفسه، فيجب فعله عند تعذر فعل الجميع بلا خلاف، وفيه مسائل:
1 -
العاجز عن القراءة يلزمه القيام في الصلاة؛ لأنه وإن كان مقصوده الأعظم القراءة، لكنه أيضاً مقصود في نفسه، وهو عبادة منفردة، فالقدور لا يسقط بالمحسور.
(ابن رجب 1/ 48) .
2 -
من عجز عن بعض الفاتحة، لزمه الإتيان بالباقي.
(ابن رجب 1/ 48) .
3 -
من عجز عن بعض غسل الجنابة لزمه الإتيان بما قدر منه؛ لأن تخفيف الجنابة مشروع، ولو بغسل بعض أعضاء الوضوء، كما يشرع الوضوء للجنب إذا أراد النوم أو الوطء أو الأكل، ويستباح بالوضوء اللبث للجنب في المسجد عندنا.
(ابن رجب 1/ 48) .
4 -
الحدث إذا وجد بعض ما يكفي بعض أعضائه، ففي وجوب استعماله
وجهان، ففي وجه لا يجب استثناء من القاعدة، لأن الحدث الأصغر لا يتبعض رفعه، فلا يحصل به مقصود، أو أنه يتبعض لكنه يبطل بالإخلال بالموالاة فلا يبقى له
فائدة، أو أن غسل بعض أعضاء المحدث غير مشروع بخلاف غسل بعض أعضاء الجنب، وفي وجه يجب وهو المذهب، كالجبيرة، تطبيقاً للقاعدة.
(ابن رجب 1/ 49) .
5 -
إذا قدر على بعض صاع في صدقة الفطر، ففي رواية لا يجب، لأنه كفارة بالمال فلا يتبعض، كما لو قدر على التكفير بإطعام بعض المساكين، والصحيح الوجوب، ويفرق عن الكفارة أن الكفارة بالمال تسقط إلى بدل وهو الصوم بخلاف الفطرة، وأن الكفارة لا بد من تكميلها لأن المقصود بالتكفير بالمال حصول إحدى المصالح: وهي العتق أو الإطعام أو الكسوة، وبالتلفيق يفوت ذلك، وفي الفطرة لا تبرأ الذمة منها بدون إخراج الموجود.
(ابن رجب 1/ 50) .