الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القاعدة: [288]
إجازة الورثة، هل هي تنفيذ للوصية، أو ابتداء عطية
؟
التوضيح
الوصية مشروعة بالثلث، لكسب الثواب والأجر للموصي، ورعاية لحق الورثة في الثلثين، فإن زاد الموصي على الثلث كانت الوصية بالزائد موقوفة على إجازة الورثة، فإن منعوها بطلت، وإن أجازها نفذت.
واختلفت الرواية عن أحمد في حقيقة ذلك.
ففي رواية: الإجازة تنفيذ للوصية، وفي رواية: الإجازة ابتداء عطية
من الورثة للموصى له، والأشهر أنها تنفيذ.
التطبيقات
1 -
لا يشترط في الإجازة شروط الهبة من الإيجاب والقبول والقبض، فتصح
بقوله: أجزت وأنفذت، ونحو ذلك، وإن لم يقبل الموصى له في المجلس.
وإن قلنا: هي هبة، افتقرت إلى إيجاب وقبول.
وقيل: على وجهين:
الأول تقبل الهبة بلفظ الإجازة هنا، وهو ظاهر المذهب.
والثاني: لا تقبل.
(ابن رجب 3/ 366) .
2 -
هل يشترط أن يكون المجاز في الوصية معلوماً للمجيز؟
والجواب: لا يشترط ذلك، فلو قال: ظننت المال قليلاً فإنه يقبل قوله، ولا تنافي بين قوله والإجازة لوجهين:
الأول: أن صحة إجازة المجهول لا تنافي ثبوت الرجوع فيه إذا تبين فيه ضرر
على المجيز، لم يعلمه استدراكاً لظلامته، كمن أسقط شفعته لمعنى، ثم بأن بخلافه، فإن له العود إليها، وكذلك إذا أجاز الجزء الموصى به يظنه قليلاً، فبان كثيراً فله الرجوع بما زاد على ما في ظنه.
والوجه الثاني: إنه إذا اعتقد أن النصف الموصى به مئة وخمسون
درهماً، فبان ألفاً، فهو إنما أجاز مئة وخمسين درهماً، لم يجز أكثر منها، فلا تنفذ إجازته في غيرها، وهذا بخلاف إذا أجاز النصف كائناً ما كان، فإنه يصح، ويكون إسقاطاً لحقه من المجهول، فينفذ كالإبراء، لكن ابن قدامة قال: إن الإجازة لا تصح بالمجهول.
وهل يصدق في دعوى الجهالة؛ على وجهين.
فإن قلنا: الإجازة تنفيذ صحت بالمجهول، ولا رجوع.
وإن قلنا: هبة، فوجهان.
(ابن رجب 3/ 366) .
3 -
لو وقف على وارئه، فأجازه.
فإن قلنا: الإجازة تنفيذ، صح الوقف ولزم.
وإن قلنا: هبة، فهو كوقف الإنسان على نفسه.
(ابن رجب 3/ 368) .
4 -
لو كان المجيز أباً للمجاز له، كمن وصى لولد ولده الصغير، فأجازه والده، فليس للمجيز الرجوع فيه إن قلنا: هو تنفيذ.
وإن قلنا: عطية: فله ذلك، لأنه وهب لولده مالاً.
(ابن رجب 3/ 368) .
5 -
لو حلف: لا يهب فأجاز، فإن قلنا: هي عطية، حنث، وإلا فلا.
(ابن رجب 3/ 369) .
6 -
لو قبل الموصى له الوصية المفتقرة إلى الإجازة قبل الأجازة، ثم أجيزت، فإن قلنا: الإجازة تنفيذ فالملك ثابت له من حين قبوله أولاً (1) .
وإن قلنا: عطية، لم يثبت الملك إلا بعد الإجازة.
(ابن رجب 3/ 369) .
.
(1)
هذا على قول الحنابلة أن الوصية من تاريخ القبول فقط، بينما قال الجمهور: تنتقل من وقت الموت مستندة بأثر رجعي، انظر: كشاف القناع 4/ 384، المغنى 8/ 419، وكتابنا: الفرائض والمواريث
والوصايا ص 514 مع المصادر الواردة في الهامش 1، ص 515 لسائر المذاهب، وسيرد ذلك في القاعدة التالية.
7 -
إن ما جاوز الثلث من الوصايا إذا أجيز، هل يزاحم بالزائد ما لم يجاوزه.
ومثاله: إذا كانت معنا وصيتان، إحداهما مجاوزة للثلث، والأخرى لا تجاوزه، كنصف وثلث، وأجاز الورثة الوصية المجاوزة للثلث خاصة.
(وهي الوصية بالنصف) .
فإن قلنا: الإجازة تنفيذ، زاحم صاحب النصف صاحب الثلث بنصف
كامل، فيقسم الثلث بينهما على خمسة، لصاحب النصف ثلاثة أخماسه، وللآخر خمساه، ثم يكمل لصاحب النصف نصفه بالإجازة.
وإن قلنا: عطية، فإنما يزاحمه بثلث خاصة، إذ الزيادة عليه عطية محضة من الورثة لم تتلق من الميت، فلا يزاحم بها الوصايا، فيقسم الثلث بينهما نصفين، ثم يكمل لصاحب النصف ثلث بالإجازة.
(ابن رجب 3/ 369) .
8 -
لو أجاز المريض في مرض موته وصية مورثه، فإن قلنا: عطية، فهي معتبرة من ثلثه.
وإن قلنا: تنفيذ، فطريقان، أحدهما: القطع بأنها من الثلث أيضاً تشبيهاً بالصحيح إذا حابى في بيع له فيه خيار، ثم مرض في مدة الخيار، فإن محاباته تصير من الثلث؛ لأنه تمكن من استرداد ماله إليه، فلم يفعل، فقام ذلك مقام ابتداء إخراجه من المرض.
ونظيره لو وهب الأب لولده شيئاً ثم مرض وهو بحاله ولم يرجع فيه.
والطريق الثاني: إن المسألة على وجهين منزلين على أصل الخلاف في حكم الإجازة، وقد يتنزلان على أن الملك هل ينتقل إلى الورثة في الموصى به، أم تمنع الوصية الانتقال؛ وفيه وجهان.
فإن قلنا: ينتقل إليهم، فالإجازة من الثلث؛ لأنه إخراج
مال مملوك، وإلا فهي من رأس المال، لأنه امتناع من تحصيل مال لم يدخل بعد في ملكه، وإنما تعلق به حق ملكه، بخلاف محاباة الصحيح إذا مرض، فإن المال كان على ملكه، وهو قادر على استرجاعه.
(ابن رجب 3/ 371) .
9 -
إجازة المفلس للوصية الزائدة، وهي نافذة، وهو منزل على القول بالتنفيذ.
وقاله صاحب (المغني) في السفيه، معللاً بأنه ليس من أهل التبرع.
(ابن رجب 3/ 372) .